تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تصبحون على وطن..

الخميس 4-7-2013
شهناز صبحي فاكوش

«وكل يوم تصبحون على صحيفة الثورة».. كل عام وصحيفتنا ووطننا بألف خير ..

لو عاد أي منا إلى ذاكرة قريبة ليست ببعيدة خلال السنوات الأخيرة، في استعراض الأحداث التي ألمت بالأمة العربية، وبسورية تحديداً مع بدايات القرن الحادي والعشرين،‏

لوجد أن المخطط الأمريكي المدعوم غربياً، بدأ من أمريكا ذاتها عندما حاكت حادثة الأبراج التجارية وحمَّلَتْ أكتافَ المجموعة التي نفذت عباءة الإسلام.‏‏

في قراءةٍ في الذات الأمريكية يكتشف الباحث أن هذه الحادثة تدبير أمريكي صرف.‏‏

وفي تراتبية الأحداث وربطها ببعضها، نجد أن ما انبثق عنها يؤكد حجم المخطط الأمريكي الذي كانت شرارته هناك.‏‏

فظهرت الدعوة لصراع الحضارات، وتم ترقيق المصطلح لحوار الحضارات.‏‏

وتتوالى الأحداث، لتثبت الأيام أن نقل مسرحها من الساحة الأمريكية للساحة العربية غايته ضرب المجتمع الإسلامي في أرض نشوئه. فتبرز نتوءات هنا وأشواك هناك.‏‏

فها هي الرسومات المسيئة للنبي محمد (ص) والسيد المسيح، واحدة من شرارات النار التي يمكنها أن تحرق بيدراً... ويليها منع الفتيات المحجبات من ريادة الجامعات أو الأماكن العامة في بعض الدول الأوروبية.. حتى قتلت السيدة وهي ترقب أولادها يلعبون في الحديقة على عيون الأشهاد... فقط لأنها تغطي رأسها...‏‏

مع أن هذا المشهد يعتبر من الحريات الشخصية، خاصة في الغرب (الديموقراطي) فما الذي تغير؟؟؟!!!‏‏

حتى لأصبحت الحرية التي يتحدثون عنها تمارس في منافاة الطبيعة، فصدرت القوانين التي تشرع (زواج) المثليين... كل هذا حرية. في محاولة لتخريب الأخلاق ونشر الفوضى الخلاقة التي بشروا.‏‏

وكانت قد صُنّـِعت المجموعات الإرهابية لتكون أداة أمريكية في أفغانستان وغيرها.‏‏

(مسلم مسلح) هو في حقيقة الأمر إرهابي مناف لكل خلق وأخلاق... خُرِّبَ عقله فتنامى في ذاته الإجرام المستعر. حتى أصبح هؤلاء زمراً وعصابات تمارس كل الموبقات التي يحرمها الدين الإسلامي السمح. لعل أدناها الكذب وإن كان من الكبائر. وأقصاها قتل النفس التي حرم الله. وبينهما انتهاك الحرمات في كل ما ينافي الأخلاق الإسلامية التي جاء بها نبي الرحمة محمد (ص) ليتممها... (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).‏‏

هذا هو الإسلام الذي يتحطم اليوم على عتبات ما يدعى بالربيع العربي. في تطرف يجتاح الأمة وليس سورية وحدها، فيضمن في يمناه أمان الكيان الصهيوني؛ الذي يخاطب حكامه بالأصدقاء والعظماء... وفي يسراه يزرع الموت الشنيع (مع أكلة لحوم البشر) والإقصاء والتكفير. متناسين غضبه (ص) لعدم تصديق الرجل، قائلاً أشققت قلبه فعلمت ما فيه...‏‏

سبحانه وتعالى يحاسب على النوايا، أما كل ما هو وضعي، فقابل للحوار..‏‏

لا يحق تأويل نصوص القرآن الكريم لصالح الأفكار السياسية التي تزرع الفتن بين الناس. فتثير الشقاق والضغائن في تقزيم للإسلام السمح الذي أسس الدولة المدنية الأولى بالشورى والاشتراكية وتنظيم الحياة العامة. هو عصري يصلح لكل زمان ومكان.‏‏

من أعطى الرخصة لهؤلاء لإعمال شرع الله في غير محله. وتسييسه والتلطي خلف الشرعية المستمدة من غريب ينظر من علٍ في استعمارية متأصلة.‏‏

منحنا الله العقل لنحكّمه في كل أفعالنا. فيكون الحوار والنقاش السبيل لحلولنا التوافقية، بدل سياسة الأمر الواقع وجعلها ثقافة وضعية.‏‏

كان الاحترام الأسروي والعشائري حاضراً في حياته (ص) وهو الذي أعطى أبا سفيان لمكانته في قومه (وما كان بعد متأكداً من إسلامه) ما يليق باسم عائلته، فأعلن في فتح مكة من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. رغم أنه لاقى منه ما يضني.‏‏

الديموقراطية التي يريدون الاستحواذ بها اليوم يروجون لها في غير موضعها لتحقيق أهداف شخصية، أو لصالح مجموعة في إيقاع الضرر على الغير الذي لا يوافق أهواءهم...‏‏

وإذا كان السؤال الأكبر لماذا سورية ولماذا دمشق التي ما زالت تُذْكرُ في التاريخ بعاصمة الأمويين، دلالة على أول عاصمة مدنية في ظل الإسلام بما وصلت إليه من حضارة إدارية وسياسية يسودها العلم والفكر والعقل، وينظّمها التحضر وليس المغالاة... فحملت للدنيا بذور الثقافة والعلمية الأولى، وبرز فيها دور الدولة في فصل عن الدين، فما لله لله وما لقيصر لقيصر.‏‏

هذه التي تسطر اليوم بصمودها ملاحم بطولية لأجيالها القادمة.. لماذا نرى فيها اليوم ظهوراً غير طبيعي وليس في سياقه الصحيح، يطفو على سطح الحياة والحراك الذي تملّكته يد الإرهاب، في إعمال القتل والتدمير والحرق والتخريب، في عودة جاهلية؟!...‏‏

حتى ليتعطل الكلام وتقف عقارب الساعة جاحظة على ما تشهد من أحداث.‏‏

هم يعاقرون الشيطان في أفعاله بنشر الموت والظلامية الفكرية والمشهد واضح في البديل الذي استولى على مقاليد الأمور في بعض ساحات الوطن..‏‏

إن الصمود الذي يكتبه الشعب السوري وجيشه بانتصاراته في مكافحة هذا الفكر التخريبي وأدواته على الأرض.. هو الذي منح القوة للشعب المصري ليرفع صوته في رفض هذا الفكر كائناً من كان وراءه...‏‏

ولابد من تَعلُّم الدرس السياسي الأكبر، أنّ كلّ من استعملته القوى الاستعمارية لتنفيذ مآربها أيها كانت ساحته تتخلى عنه بسهولة حتى لو كان لمصير مجهول، عندما يفقد شعبيته والأمثلة الحية كثيرة، فأين الأباطرة والملوك والحكام والأشخاص، الذين ذهبوا إلى غير رجعة بالقتل أو الغرق في ليل بهيم...‏‏

إن ثمن الصمود وقول لا في وجه أعداء الأمة مهما كان باهظاً، أقل كلفة من نَعَمْ التي تودي بحياة الشعوب والقادة معاً..‏‏

أي جحيم يريدون أخذ هذه الأمة إليه بنشر الفوضى القاتلة، فتكتب شهادة وفاتها وتشتتها بأيدي أبنائها، لتصبح ظلامية الصهاينة أكثر انتصاباً وقوة...‏‏

وما زالت الأوراق توضع على الطاولة... جنيف الذي لم تنكره سورية، وجنيف 2 الذي رحبت به. أين هم الآخرون منها...‏‏

ولمن يحكّم عقله.. الحل سوري سوري ولن يكون إلا كذلك لمن يحب هذا الوطن بصدق لينجيه مما هو فيه...‏‏

دعوا الزمن يسير على طبيعته ولا توقِعوه قسرياً، فعقارب الساعة لابد تدور لتصل إلى طاولة الحوار، وليهِلَّ محبو سورية فهاهي أبوابها مشرعة في استقبال الآتين لخيرها...‏‏

دعوا الأطفال يحتفوا بأعيادهم وميلادهم، ويضيؤوا الشموع، لا تطفئوها بأنفاس حقدكم المليئة بثاني أكسيد الكربون.. إضافة لثالث الظلم.. لا تزرعوا المعاناة والشوك في طريق أطفال الوطن.‏‏

هم يحبون الجنة ولكن عندما يشاؤها الله لهم، فلا توكّلوا أنفسكم بدل حُكْمِ الله.‏‏

لا تنهوا حياة الناس قسراً في ألمٍ مستدام لهذا الشعب العظيم.. واسعوا لمسح المآسي عن أيام الوطن.. لا تتركوا الشموع تحرق الدروب والأيام.. أضيئوها جميعاً لتنير الطريق وقوالب الحلوى في أعياد الأطفال، لتشرق صباحات الوطن من شمس بلادنا التي اعتدنا كتابة اسمها عليها.‏‏

لا تطفئوا النور والضياء بظلام أحقادكم، ودعونا نقول جميعنا لجميعنا... في كل ليلة نودع فيها يوماً... تصبحون على وطن...‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية