تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«سينما.. سينما»

معاً على الطريق
الخميس 4-7-2013
لينا كيلاني

كما يطير السحر وتتناثر الحكايات تزدحم الشاشات بأفلام الخيال.. أفلام تهبط علينا مثل زخ المطر.. ولا تحفل إلا بقصص الخيال.. فمن يتابع السينما الغربية يلحظ تعاظم هذه الموجة أي موجة الأفلام الخيالية في الفترة الاخيرة.

وأستغرب وأنا أشاهد كماً من هذه الافلام كيف أنها تكرّس لعوالم يكاد يغيب عنها كل منطق أو لا ينبض فيها خيط من ممكن. مضامين تحملها أجنحة الخيال الى حدود تقع في دائرة المستحيل أو هكذا تبدو، وهنا لا أقصد بالطبع أفلام الخيال العلمي فذلك له شأن آخر مهما تطرف في خيالاته.‏

ولكن بالمقابل أليس من المحتمل أن تتحول هذه الشطحات الى ما هو ممكن؟‏

من منا يستطيع أن ينسى قصص (ألف ليلة وليلة).. هذا الخيال الجامح.. وهذا التراث الشعبي المعبأ في صفحات ذلك الكتاب؟ وما من كاتب في الغرب أو في الشرق إلا وقد امتدت يده لتتصفح هذا الكتاب وتقرأ ما فيه من إبهار.‏

أما كنا نحن ومن سبقنا نقف والدهشة تغمرنا عندما نقرأ في كتاب (ألف ليلة وليلة )؟.. أما كان يهمس كل لنفسه لو أن هذا يتحقق؟ ماذا لو أن بساط الريح يصبح حقيقة.. وكذلك طاقية الاخفاء.. وعلبة الغناء.. والابواب السحرية التي تفتحها الكلمة؟‏

ولم يكن أحد ليتصور أن كل هذا وأبعد من هذا سيتحقق أو أنه تحقق.. فهل نحن الآن وأفلام الخيال تغزونا من كل اتجاه نقف فعلاً على عتبات جديدة لحقبة جديدة قد تأتي لنا بمنجزات تتجاوز كل ما يخطر أو لا يخطر على البال.. ولا يبقى ذلك محض خيال؟‏

واذا كنا نقول إن الأساطير تحمل في مضامينها بذرة لما يمكن أن يتحقق على أرض الواقع فإن هذه الأفلام الخيالية قد لا تنبئ بشيء مماثل أم إنها قد تفعل؟ بعد أن تجاوزت وسائل حضارتنا الأساطير والاعاجيب فلم تعد الأسطورة أسطورة.‏

والأمر لا يقف عند حدود أفلام السينما بل إنه يتعداه الى الألعاب الالكترونية وما تستقطبه من لاعبين افتراضيين في عالم وهمي افتراضي.. لا النصر فيه نصر، ولا الهزيمة فيه هزيمة رغم ما تنطوي عليه هذه الألعاب من تحفيز للذاكرة والذكاء. إلا أن سمة الوهم والافتراض هي الأطغى.. فهل هو الوهم فعلاً أم إنه الزمن القادم؟.. هل هم يضللوننا بالوهم أم يهيئوننا لاختراعات مبهرة قادمة؟‏

وهوليود هذه الصناعة العملاقة ألم ترسم فيما مضى سياسات فاقت بتأثيرها كل السياسات.. وطغى لونها على كل الالوان حتى الأبيض منها في بيت يسمى بالأبيض؟‏

لكنه خيال يمتزج بالعنف من قتل ودماء.. وما لا يمكن للمرء أن يتخيله من بشاعة وعنف مجاني ليس الهدف منه أكثر من جعلك تألف منظر الدم.. وتقبل فكرة القتل.‏

ويحضرني سؤال: لماذا تركز السينما الغربية أو بالأصح الاميركية بمثل هذه الكثافة على مواضيع كهذه تطرحها هوليود في أفلامها؟ هل نحن مقبلون على مرحلة جديدة من الحضارة ومن المنجزات العلمية التي لا يمكن لنا أن نتصورها الآن.. وهي أي هوليود تهيئنا من خلال هذه الافلام الى مرحلة قادمة؟‏

هذه السينما أو هذه الصناعة التي قادتها امبراطورية هوليود قد لعبت دوراً خطيراً لعقود مضت في ترسيخ سياسات وأفكار ما كان يمكن للسياسيين أن يحققوها بعيداً عنها.. سياسات حققتها السينما الاميركية في مسيرتها الطويلة ولم تغفل مع بث الأفكار مشاهد القتل والدم والدمار.. حتى هيأتنا كشعوب لما أصبحنا نواجهه الآن. دور خطير لعبته السينما الاميركية ولعلها الآن تلعب دوراً أكثر خطورة مع الرجل الآلي المقاتل.. ومع الآخر الآلي الذي يتحكم بكل مناحي حياتنا.. وصولاً الى أقمار الفضاء التي تغزونا وترقبنا وكأنها عين السماء.‏

لا أخاف من زمن قادم يأتي بكل جديد في العلم وكأنه الخيال في شطحاته.. لا أخاف من المخترعات والاكتشافات التي تخدم البشرية حتى في رفاهيتها القصوى.. لكنني أفزع من فكرة تغول الإنسان بعيداً عن الفطرة السليمة التي هي بالأصل الإنسان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية