وقد أودت هذه السياسة بحياة الملايين من البشر وجلبت على الإنسانية الخراب وانتهكت حقوق الانسان ،إن هذه الدولة تعد حق الشعوب في الدفاع عن نفسها وكرامتها ووجودها واستقلالها ارهاباً.
وهنا نتساءل: ألا يعد إرهاباً اصرار الإدارة الأميركية على فرض العقوبات الاقتصادية على الكثير من الدول واستخدامها كل الاسلحة المحرمة دولياً ، واستخدامها القوة المسلحة ضد المدنيين بحجة حماية هذه المناطق ،وايوائها وتمويلها وتسليحها لمجموعات إرهابية وتحريضها على التمرد المسلح ضد بعض الحكومات ودعمها السياسي والعسكري للكيان الصهيوني المحتل وقتله المدنيين الفلسطينيين العزل، يعبر عن السلوك الأميركي الشاذ الذي يتسم بالازدواجية والانتقائية والاستخفاف بالآخرين ويؤكد سياسة الإفلاس التي تنتهجها الإدارة الأميركية بعد ان اصبح واضحاً للرأي العام العالمي حقيقة الجرائم التي ترتكبها تلك الإدارة والتي تمثل بمجملها انتهاكاً فاضحاً لحقوق الانسان وميثاق الأمم المتحدة وانماهي التي تعرض الأمن والسلم الدوليين إلى الخطر جراء انفرادها وتحكمها بمصائرالشعوب.
واكثر من ذلك فهناك قناعة لدى الشارع العربي بأن الولايات المتحدة ،وانسجاماً مع الارادة العدوانية الإسرائيلية تتدخل مباشرة في اكثر من موقع على امتداد ساحة الوطن العربي في افتعال الفتن والنزاعات والتناقضات الطائفية والمذهبية والتدخل في الشؤون الداخلية وبالتالي الدفع باتجاه محاولة التقسيم اينما امكن ذلك كما في لبنان والسودان واليمن والعراق وليبيا والصومال ومصر وسورية امثلةواضحة ،لهذه الاسباب يستنفر الشارع العربي رفضاِ للأميركان وسياساتهم.
إن الرغبة الأميركية في السيطرة على المنطقة ونفطها وإعادة تشكيلها وفق المصالح الأميركية والإسرائيليةكانت وستبقى في رؤوس كل قادات الإدارات الأميركية وأوهام اقامة امبراطورية في هذا الشرق بكل الوسائل الممكنة ما زالت أحد اهم مكونات استراتيجيتهم، لكن قدرة اميركا على التحكم بمسار الاحداث تبقى اسيرة عوامل شتى منها ما يتصل بشيخوختها المبكرة ومنها ما يتصل بقوى المقاومة بكل اشكالها والممانعة العصية على التدجين والاحتواء ، وربما بالعاملين معاً.
الولايات المتحدة قوة كبرى ليس على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو السياسي فقط وإنما بالدرجة الأولى على مستوى التعالي المميت والنفاق والكذب والعنف البربري والعبث بمصائر الشعوب ،وهذا جزء لا يتجزأ من مرتكزات السياسة الأميركية.
فقد وصلت قلة الحياء والوقاحة الأميركية من الكونغرس الأميركي أن يطالب الحكومة العراقية بأن تدفع تكاليف الغزو الأميركي للعراق على مدى ثماني سنوات وذلك دون وازع من ضمير أو اخلاق أو على الأقل الخجل مما جره ويجره الغزو والاحتلال من موت ودمار وارهاب يستوطن بين العراقيين.
حيث ابلغت الحكومة العراقية وفعلت حسناً بوجوب مغادرة اعضاء الكونغرس الأميركي الذين يزورون العراق بسبب مطالبتهم الحكومة العراقية بدفع تعويض لواشنطن عن سنوات الحرب منذ الغزو الأميركي عام 2003 ،ووصفت تصريحات وفد الكونغرس بانها تتسم بعدم المسؤولية معتبرة ان هؤلاء اشخاص وفي ظل الاجماع الوطني ليسوا محل ترحيب في العراق .وطالب وفد الكونغرس الحكومة العراقية بدفع تعويضات عن خسائر الجيش الأميركي في العراق ،لافتين إلى ان الحكومةالأميركية لا تستطيع ان تتكبد مبالغ طائلة في ظل الوضع الاقتصادي الحرج؟!
انهم يتصرفون ويفكرون بسذاجة وخارج المبادئ والاعراف الدولية حيث القانون الدولي يلزم الأميركان بتعويض العراقيين بسبب الاحتلال والغزو البربري؟
وجاء غضب العراقيين في وقت يناقش فيه السياسيون ما اذا كانوا سيطلبون من القوات الأميركية البقاءإلى ما بعد الموعد النهائي للانسحاب في نهاية العام الحالي أو الانسحاب نهائياً وهذا اجماع وطني .
ان الانسحاب الأميركي المزعوم هي رغبة مصطنعة للخروج من العراق وصورة اعلامية كاذبة ومخادعة يراد فيها مماطلة الوجود بأسلوب آخر ،لتمكين مشروعهم الاحتلالي بابقائه على قيد الحياة ولو لسنين قادمة معدودة.
لم يشهد التاريخ المعاصر غزواً واحتلالاً لدولة مورست فيها الخديعة والتضليل كما حدث في عملية غزو احتلال العراق، كما لم نسمع أو نقرأ بمثل هذا الحشد الهائل من القوى الدولية والاقليمية ،وهي تجتمع تحت قيادة واحدة لاستهداف دولة أخرى واحتلالها خارج اطار الأمم المتحدة ، واذا ما نظرنا إلى كل ذلك مترافقاً مع ما اثارته هذه العملية من ضجة كبرى ومن شكوك حول دوافعها لا زالت قائمة حتى اليوم بعد ثماني سنوات من انطلاقتها
لكن على القوى السياسية العراقية جميعاً التماسك الوطني والاستقرار والأمن وسيادة القانون وتوحيد الكلمة ونسيان الخلافات اتجاه هذا الموقف المصيري والوطني لتفويت الفرصة على الاحتلال بالبقاء إلى ما لا نهاية والتذرع بانعدام الاستقرار أو الفوضى،وخلاصاً من الاحتلال الذي ضحى العراقيون بدمائهم وأرواحهم من أجل طرده وهزيمته.
* صحفي عراقي