اللاجئون الفلسطينيون ومشاريع التوطين
شؤون سياسية الجمعة 24 -6-2011 نبيل محمود السهلي تثار بين فترة وأخرى مواقف الادارات الأميركية المتعاقبة من قضية اللاجئين والداعية بمجملها إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة أو إعادة توزيعهم وتوطينهم في الولايات المتحدة الأميركية أو في بعض الدول الأوروبية.
وفي هذا السياق كشف رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت مؤخراً النقاب عن أن الإدارة الأميركية تعهدت باستيعاب 100 ألف لاجىء فلسطيني في إطار تسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين ومنحهم الجنسية الأميركية وأشار أيضاً إلى أن تعهد بوش كان يفترض أن يكون مساهمة الأميركيين في حل مسألة اللاجئين إلى جانب آلية تعويضات دولية واللافت أنه خلال العقود الماضية جرت انعطافات جوهرية في مواقف الادارات الأميركية إزاء قضية اللاجئين وبالعودة إلى مواقف بعض رؤساء الولايات المتحدة من القرارات الدولية المتعلقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين يمكن معرفة الاتجاه العام لمواقف الإدارات الأميركية إزاء تلك القضية التي طالت 850 ألف فلسطيني ودفعت بهم خارج أرضهم في عام 1948 وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى أن الرئيس ترومان طالب في يوم 9/5/1949 بضرورة عودة (200-300) ألف لاجىء فلسطيني إلى ديارهم وذلك عبر رسالة وجهها إلى بن غوريون وقد هدد بان تعيد الولايات المتحدة النظر في موقفها من إسرائيل لكن في مقابل ذلك ركزت الولايات المتحدة على ضرورة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر نفوذها الكبير في لجنة التوفيق الدولية وبدأنا نشهد مشاريع وخططاً أميركية لتوطين اللاجئين في الدول العربية المضيفة ومن بين تلك الخطط خطة جورج ماك في 25/4/1949 الداعية لتوطين نصف مليون لاجىء في الدول العربية وبتكلفة اجمالية تصل إلى 250 مليون دولار تساهم الولايات المتحدة بنصفها ومن المشاريع الأخرى الهادفة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مشروع غوردون كلاب ومشروع جونستون 1953-1955 ومشروع دالاس لعام 1955 القاضي بإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر استئناف حياة جديدة عن طريق إعادة استقرارهم من خلال عودتهم إلى وطنهم إلى الحد الذي يكون ممكناً أو بتوطينهم في البلدان العربية وفي 2/10/1961 قدم جوزيف جونستون رئيس معهد كارنجيا للسلام مقترحاته حول قضية اللاجئين بعد تكليفه من الرئيس جون كيندي بان يستشار اللاجئون من أرباب العائلات من قبل الأمم المتحدة بعيداً عن الضغط ويختارون بين العودة إلى فلسطين أو التعويض لكنه ربط هذا الاقتراح بقدرة إسرائيل على رفض عودة أي لاجىء للحفاظ على مصالحها الأمنية وفيما بعد أكد الرئيس ليندون جونسون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19/6/1967 أنه يجب حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً وتراجع الخطاب السياسي الأميركي إزاء قضية اللاجئين الفلسطينيين في عهد الرئيس الأميركي نيكسون فقد أوضحت البيانات الصادرة عن لقاءات بين وزراء في عهده مع وزراء اسرائيليين بأن الولايات المتحدة الأميركية لا تقبل خطط العرب فيما يتعلق بقضية اللاجئين وقلصت إدارة الرئيس كارتر مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وطريقة حلها إلى حد كبير جداً وجاء في الرسالة التي وجهها الرئيس كارتر إلى إسرائيل بواسطة الحاخام الأكبر شلومو غورن بأنه يجب إيجاد حل لقضية اللاجئين العرب واليهود وفق شروط الاتفاق عليها ومنذ مشروع الرئيس الأميركي رونالد ريغان في ايلول من عام 1982 وحتى تبوأ بوش الاب سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية انصب الخطاب الأميركي ازاء القضية الفلسطينية حول ضرورة المزاوجة بين اتفاقيتي كامب ديفيد ومشروع ريغان وفيما عدا ذلك لا يرد في الأدبيات الأميركية سوى البحث عن حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وخلال عهد بوش استطاعت الإدارة الأميركية عقد مؤتمر مدريد في نهاية عام ١9٩١ بحضور الطرف الإسرائيلي وأطراف عربية ومن بينها الطرف الفلسطيني كجزء من الوفد الاردني سرعان ما تحول إلى وفد مستقل، وفي الثالث عشر من ايلول من عام 1٩٩3 وقعت اتفاقات اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل واجل المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون قضايا جوهرية ومنها قضية اللاجئين إلى مفاوضات الوضع النهائي وخلال الفترة التي تلت الاتفاقات حاولت الولايات المتحدة الأميركية إيهام العالم أنها وسيط نزيه وأسقطت العديد من مشاريع القرارات الدولية التي تدين ممارسات اسرائيل التعسفية.
وبعد جمود سياسي في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مع إصرار إسرائيلي على فرض الشروط من خلال القوة العسكرية ظهرت إلى العلن وثيقة جنيف في تشرين الثاني من عام 2003 وقد ركزت تلك الوثيقة على اختيار المكان الدائم للاجئين عوضاً عن التركيز على البيان الصريح للعودة ووفق القرار الدولي رقم 194 وبعد أقل من ستة أشهر من إعلان الوثيقة وبالتحديد في يوم الأربعاء 14/4/2004 جرى الانعطاف الكبير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط حين أعلن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن صراحة وعلى الملأ التزام الولايات المتحدة الأميركية أمن إسرائيل والحفاظ على طابعها كدولة يهودية، وكان ذلك محاولة أميركية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وفق القرار 194 حيث قال: «إن الولايات المتحدة تؤكد التزامها ضمان حق إسرائيل في الحفاظ على يهوديتها كدولة ويجب أن يكون الحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين في إطار الدولة الفلسطينية التي ستقام وليس في إسرائيل وذلك على خلفية الهاجس الديموغرافي الاسرائيلي المتمثل بالزيادة الطبيعية العالية للفلسطينيين من جهة وعدم تحمل إسرائيل المسؤولية السياسية والاخلاقية عن بروز قضية اللاجئين واستمرارها لأكثر من ستة عقود خلت.
|