و التفاصيل المبهرة لوناً و حركة وحكاية، وقد حملت الحكايا الشعبية على الدوام عظات تضع الخير في مقابل الشر ليتصاعد الصراع بينهما وصولاً إلى الذروة، و التي تشكل دوما العقدة التي تكون قبلة للراوي و المتلقي و الهدف الأغلب في كل مقولة.
ففي هذا التقابل تكمن العبرة الحياتية التي ترمي في النهاية إلى الإعلاء لشان السلوكيات القويمة في الحياة تكتسب أهميتها هنا تحديدا لكون العرض مخصص للأطفال، و هذا ما انطلق منه العرض المسرحي أميرة البحار السبعة، و التي طالما سمعنا بحكايتها من الموروث الشعبي، فهي تمتلك جاذبية خاصة بالنسبة لعالم الأطفال رغم أن الصراع ما بين الخير و الشر بمفرداته البسيطة يعتبر دينامو الأعمال الفنية و الموجه الدرامي للكثير من الأحداث و المحاور عند مخاطبة الطفل لذلك.
فالصراع هاهنا يسلك الشكلانية المطلقة و البساطة بغرض البلورة و الإيضاح للهدف و في ذالك تبرير فني لمساعدة مقولة العمل في الوصول و تقديم رسالتها بعد محاكاة عقل الطفل بلغته، فالحكاية تدور أصلا حول ملك ينتظر قدوم حفيده كي يرث عرشه و يرزق به إلى جانب شقيقة تمتلك الصفات الخارقة فتحاول زوجة الملك التخلص من الطفلة إياها فتبدأ بالمؤامرات و تنوي قتلها و يبدأ الصراع بين الخير و الشر و قد تخلل المعالجة بعض القسوة إلا انه تم الاعتماد عليها لتعريتها أكثر من اجل رفضها و من ثم التمسك بنقيضها، و بالتالي تجسيد وجهة نظر تعاكسها و تمثل ردة الفعل الايجابية و المنطقية لتتقابل مع تلك الآلية البشعة التي سخرت الجانب الإنساني بالشكل المباشر، حيث لا يحيد العرض هنا عن هدف المسرح ككل و عروض مسرح الطفل بشكل خاص و قد خاطب عقله ومشاعره بمفردات يتجاوب معها لترسيخ قيم إنسانية وجمالية، و بالتالي قيم الخير التي تنتصر أبدا حتى لو عرقلت من قبل أصحاب النفوس المريضة بأنانيتها تلك التي تعميها عن حقوق الآخرين فخبثها العابث دوما يأبى العيش في ظروف إنسانية خيره تعم على الجميع.
وقد اعتمد عرض أميرة البحار السبعة على مفردات من شانها أن تؤثر في ملكاته الإبداعية فاستخدمت تفاصيل تشد خيال الطفل و تجذبه في كثير من المواقع المسرحية منها الاعتماد على الساحرات وعالمهم المشحون بالانطلاق نحو الأحلام و الخيالات الجميلة، تلك التي تترك أثرها على الطفل و تحفيزه من خلال شحذ ذهنه والانطلاق إلى عالم الخيال الذي يؤسس لملكات ومواهب في شخصيته لأن عالم الخيال عالم يؤهله للتفكير والإبداع بما يحمله من تفاصيل جميلة ومنعكسات نفسية و معنوية.
ومن هنا أغلبية الأعمال الموجهة للطفل تعتمد هذا الجانب حتى تدفعه إلى التحليق في آفاق متجددة و هذا بمجمله يخلق حالة من المتعة الفنية عنده و هي نقطة تسجل لمصلحة العرض، إضافة إلى الميزات الفنية و الدرامية الأخرى حيث تم تشذيبها و تطعيمها بمفردات يحبها الطفل و ينطلق بالتالي مع حالاتها الدرامية والحوارية و رغم أن الحكاية مكررة إلا أنها امتلكت ما يسليه و ما يفرز السلوكيات الجميلة في نظره عندما أظهر في قصته بشاعة ما يقابلها و بشاعة تبعاتها على الآخرين بأسلوب شيق و استخدام لعناصر مسرحية يدركها الطفل، ثم الحضور لمؤثرات تجذبه كاستخدام الألوان المزركشة اللافتة و الإضاءة المبهرة والحركات الرشيقة المملوءة بالمرونة و غيرها من الضروريات الفنية التي ارتبطت دوما بالمسرح الطفل و الذي يعتبر أداة ثقافية مهمة تتم المطالبة بها لحضورها كوسيلة دائمة في حياة الطفل الثقافية كما حضورها في حياة الكبار لما تمتلكه من مقدرة تأثيرية و توجيهية تربوياً و سلوكياً هذا عن دوره في خلق بنية شخصية متميزة له ثم معايشة تجارب إنسانية واجتماعية تكسبه المعارف المتنوعة.
العرض أميرة البحار السبعة تأليف و إخراج: سوزان صالح، الممثلون: تيسير إدريس، زهير البقاعي، تاج الدين ضيف الله، أريج خضور، مجد نعيم، نسيمة ضاهر، سوسن أبو الخير، كريستين واكيم، يوسف النوري، سمير أبو عساف.