وفي حين لم يتأخر الحلفاء في كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا عن اعلان نياتهم بالانسحاب جاء رد حركة طالبان سريعا لتطالب الجميع بالانسحاب الكامل معتبرة ماصدر عن اوباما مجرد خطوة رمزية محذرة إياه من حمام دم لا طائل منه في حال المماطلة.
فبعد فترة تأنِ طويلة تخللتها استشارات سياسية وعسكرية أعلن اوباما في وقت مبكر صباح امس نيته عن سحب 33 ألف جندي من افغانستان بحلول ايلول من العام القادم مشيرا الى انه سيغادر عشرة آلاف فقط مع نهاية العام الجاري ، وقال أوباما إن القوات الاميركية كبدت طالبان خسائر فادحة معتبرا ان ماتم احرازه خلال 18 شهرا الماضية هو مايبرر الانسحاب الجزئي لكنه حذر من انه لايزال هناك قتال شرس بانتظار القوات في افغانستان بالاضافة الى تحديات هائلة حسب وصفه.
وفي السياق ذاته أعلنت فرنسا وألمانيا أنهما ستباشران سحبا تدريجيا لقواتهما من أفغانستان، وفي وقت أكدت فيه أستراليا أنها لا تعتزم خفض حجم قواتها هناك، عبرت بريطانيا والحلف الأطلسي عن دعمهما لخطط الرئيس الأميركي باراك أوباما سحب 33 ألف جندي.
وأوضح بيان للرئاسة الفرنسية أنه على ضوء "التقدم الذي تحقق" سوف تباشر باريس انسحابا تدريجيا لقواتها العاملة في أفغانستان "بشكل متناسب ووفق جدول زمني شبيه بسحب التعزيزات الأميركية".
وأضاف أن هذا الانسحاب سيتم بالتشاور مع حلفاء فرنسا ومع السلطات الأفغانية، علما أن أربعة آلاف جندي فرنسي ينتشرون حاليا في أفغانستان.
وقال بيان الإليزيه إن أوباما أجرى قبل خطابه مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ليبحث معه الالتزام المشترك للدولتين في أفغانستان.
ورحب وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله بخطط أوباما، وأكد امس في مستهل زيارته للسودان أن هدف بلاده هو بدء انسحاب القوات الألمانية من أفغانستان بحلول نهاية العام الجاري، من دون أن يحدد عدد الجنود المعنيين بهذا القرار.
وأكد أن حكومته متفقة مع الولايات المتحدة أيضا في التحليل السياسي المتعلق بأفغانستان، موضحا أنه لا يمكن تحقيق استقرار في البلاد بدون التصالح بين الأفغان أنفسهم.
بالمقابل قالت رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا جيلارد إن بلادها لا تعتزم خفض حجم قواتها المشاركة في أفغانستان.
وصرحت جيلارد للصحفيين في كانبرا بأن أستراليا ستبقي على قوتها المؤلفة من 1500 عسكري في أفغانستان، وأنها ستظل هناك حتى تنجز مهمتها الخاصة بتدريب الجنود الأفغان حتى 2014.
وأشارت إلى أن الإدارة الأميركية أكدت أن سحب قواتها لن يؤثر على الأمن في وسط البلاد حيث تتمركز القوات الأسترالية.
وقالت جيلارد إنه لا ينبغي القلق بشأن دعم الأميركيين للقوات الأسترالية العاملة بأفغانستان عقب هذا الانسحاب.
من جهته أعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون عن "اتفاقه التام" مع أوباما على إبقاء "ضغط متواصل" على المسلحين الأفغان رغم تقليص عدد القوات.
وأوضح بيان لرئاسة الوزراء البريطانية أن أوباما وكاميرون أجريا محادثات هاتفية قبل ساعات من إعلان الرئيس أوباما "بدء" نهاية الحرب في أفغانستان.
من جانب اخر اعلنت مصادر بوزارة الدفاع البريطانية امس ان لندن ستسحب المزيد من قواتها هذا العام على ان تستكمل انسحابها قبل عام 2014 اذا سمحت الظروف بذلك.
من جانبه اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فوغ راسموسن أن الانسحاب الجزئي للقوات الأميركية من أفغانستان هو "نتيجة التقدم" الذي تحقق على الأرض ضد المسلحين.
وأوضح راسموسن أن طالبان هي تحت الضغط وقوات الأمن الأفغانية تزيد من قوتها يوميا وسيكون بإمكانها تسلم الأمن من القوات الدولية في 2014.
يذكر ان الولايات المتحدة وشركاءها في حلف شمال الاطلسي قد حددوا عام 2014 كموعد لتسليم المسؤوليات الامنية للحكومة الافغانية ولكنها لم تستبعد مواصلة الدور العسكري مع الاحتفاظ بالمهمة المدنية للبعثة الدولية والتي تتمثل في بناء حكومة وبنية تحتية افغانية قابلة للحياة .
وفي أول رد لها على خطوة اوباما اعتبرت حركة طالبان الافغانية ان قرار سحب القوات الاميركية خطوة رمزية وحذرت مما سمته حمام دم لا طائل منه ، وأضافت : ينبغي اتخاذ اجراءات اكثر جدية لوقف هذا الحمام.
وأكدت الحركة في بيان أرسل إلى وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني أن حل الأزمة الأفغانية يكمن في الانسحاب الكامل والفوري لكل القوات الأجنبية، وإذا لم يحدث هذا "فسوف يزداد صراعنا المسلح يوما بعد يوم". وأضاف البيان "يسعى أوباما وأمراء حربه إلى خداع أمته بهذا الإعلان، بينما في الواقع هم لا يحترمون رغبة أمتهم المتعلقة بإنهاء هذه الحرب وهذا الاحتلال".
ووصف بيان طالبان ما يقوله الجيش الأميركي بشأن هزائمهم في جنوب أفغانستان بأنه "ليس إلا مزاعم ودعاية لا أساس لها"، مضيفا أن "على دافعي الضرائب الأميركيين أن يدركوا أنه، ومنذ عشرة أعوام، تهدر أموالهم في هذه الحرب التي لا هدف ولا معنى لها، أو أنها تذهب إلى جيوب مسؤولي نظام كابل الفاسد".
هذا ويقدر عدد القوات الاجنبية في افغانستان بنحو 140 ألف جندي بينهم مايقرب من 100 ألف جندي اميركي.