لأن الغرب لا يريد الاصلاح الذي يبني الدولة القوية كما وضع الرئيس في خطابه استراتيجيتها، بل يريد شأناً آخر وجاء الخطاب مجهضاً لخطط التآمر على سورية، فالغرب في الحقيقة يريد :
- منح الجماعات الارهابية حرية القتل والتخريب من اجل السير قدماً في خطة اسقاط سورية، لذا يريدون ان تمتنع القوى الامنية السورية من ممارسة صلاحياتها في حفظ أمن الوطن و المواطن. وهنا نسأل الغرب كيف يفسر اجراءاته في مواجهة ظنون بعملية تخريبية ضده وعلى بعد آلاف الكيلومترات من أراضيه ويقوم بالحرب الوقائية التي لا ينجو من نارها مدني او بريء، ثم يستنكر على القوات السورية مواجهة مسلحين قتلوا على الارض السورية وخربوا وعاثوا فسادا في البلاد و العباد ؟
- تعديل في البنية العسكرية و الامنية السورية بما يتيح له العبث بالدولة وتمنعها من التمسك بحقوقها القومية والوطنية، كما طرح يوما على سبيل المثال تخفيض عديد الجيش وإلغاء خدمة العلم و التجنيد الالزامي.
- إحداث تغييرات جذرية في بنية النظام لتحول الدولة السورية الى دولة فاشلة فاقدة المناعة الوطنية لا تمتلك القدرة على تشكيل حكومة الا بعد ان يتدخل القريب والبعيد في الشأن كما هو حال العراق ولبنان - ويكون لكل متدخل معني حصة في الحكومة تمنع اتخاذ اي قرار لمصلحة الوطن اذا كان في القرار مس بمصالح الغرب.
- اقامة النظام الطائفي في سورية كما فعل في لبنان والعراق - هذا ان لم يفرض التقسيم- بما يرسي العلاقات التناحرية بين الطوائف و الاعراق، ويسقط المواطنية والكفاءة، لتحل مكانها الطائفية والمناطقية والمحسوبية .
-استسلام سورية لإسرائيل والتنازل عن حقوقها الوطنية والقومية والسكوت عن تصفية القضية الفلسطينية، والخروج من جبهة المقاومة و الممانعة التي منعت حتى الآن سيطرة اميركا على الشرق الاوسط واقامة نظامها العالمي الاحادي القطبية كما وعدت رايس ابان حرب تموز 2006.
- شطب سورية من المعادلة الاستراتيجية الاقليمية كما شطب العراق و تحويل سورية الى دولة هامشية تقتطع لتكون جزءا من الفضاء الحيوي الاستراتيجي الغربي عبر البوابة التركية، يحكمها او يديرها موظف في سفارة، تماما كما حكم فيلتمان لبنان (السفير الاميركي في لبنان في عهد جماعة 14 آذار) .
هذا ما يريده الغرب حقيقة من سورية، وهو لا يعنيه حقها في ارضها، ولو كان يهتم بالامر لأعاد اليها الجولان، ولا يعنيه نشر الامن والسلم والسلام في ربوعها ولو كان يهتم لحقوق الشعوب وأمنها لكان فعل في افغانستان والعراق وليبيا حيث يقتل ويحدث المجازر بين المدنيين ثم يقول خطأ ارتكب ولكن القول لا يعيد الارواح، ولو كان مهتماً بالحرية والديمقراطية لما كان دعم انظمة ملكية استبدادية تنتهك حقوق الانسان والمواطن حتى توصلت الى هدم القبور ودور العبادة.
الغرب لا يعنيه حق الشعب السوري بل جل ما يريده مصالحه فيتلطى خلف «حرية الشعوب» وعندما تلبي سورية المطالب الغربية كلها وتلغي نفسها قد يقول الغرب اكتفيت – مع انه لن يكتفي – اما الشعب السوري الذي يدعي الغرب العمل لأجله فقد اتخذ قراره عبر تظاهراته المليونية قائلا: لن تكون سورية إلا لأهلها ولن تكون مستعمرة للأقربين او الأبعدين ولن يكون الاصلاح الا بما يعزز القوة والمناعة الوطنية وهذا حتما لن يرضي الغرب، ما يحمله على الصراخ الذي لا يملك الآن شيئا سواه في مواجهة سورية ، بعد سقوط ورقة التدخل العسكري او التدخل عبر مجلس الامن حيث فضح الامين العام للامم المتحدة نفسه بعمله ضد سورية، اما قافلة الاصلاح السوري فستتابع سيرها رغم عوائهم.
أستاذ جامعي وباحث استراتيجي