ورغبته في الحصول على ما يسمى الحصة الأميركية منها، تفضح صحيفة ذي ناشيونال البريطانية سياسة واشنطن المضطربة حيناً، والخبيثة أحياناً أخرى، وتؤكد أن هدف فريق ترامب الحكومي أبعد من ذلك بكثير، حيث يريد أولئك قطع الطريق السوري العراقي الإيراني، وبذلك يحققون أكثر من غاية بضربة واحدة، أولها البقاء في المنطقة إلى ما لانهاية، وممارسة الإرهاب على دولها، ليأتي الاستحواذ على النفط بشكل آلي أثناء ذلك التواجد.
تعلم أميركا أنه لا يحق لها أو لغيرها الحديث عن النفط ومصيره، سواء أكانت كمياته ضخمة أم ضحلة، وأنها لن تستطيع الحصول على كأس واحد من آباره، لأنها لن تكون في مأمن من ذلك، وتدرك أيضاً أن جهود شهور وسنوات قد تذهب في لحظة، ولهذا تعمل على تعزيز وجودها، ريثما تجد الفرصة لسرقة ما تستطيع سرقته من هذا المنتج، ولاسيما أن عقلية الرئيس الأميركي التجارية، تفسح المجال للمناورة والمراهنة على الصبر والوقت حتى يحقق أهدافه.
ما كشفته الصحيفة يؤكد أن مستشاري ترامب استخدموا النفط حجة لإقناع الأخير بالبقاء، ولاسيما أن الانسحاب المزعوم للقوات الأميركية أحدث انقساماً في الأوساط السياسية والعسكرية بين مؤيد ومعارض، لذا كان النفط الخدعة الوحيدة التي استخدمها أولئك للحصول على موافقة الرئيس بالبقاء، وربما إجباره على الاحتفاظ بعدد كبير من قواته في أنحاء مختلفة، عبر لغة وحيدة يفهمها هي النفط والمال، فيما الهدف الحقيقي الاستمرار بضرب محور المقاومة وقطع الطريق على أي تعاون لإرساء قواعد الأمن والاستقرار في المنطقة. الانسحاب الأخير لجزء من القوات الأميركية إلى العراق، ربما لن يغير من واقع الأمر شيئاً، لأن وجود جندي واحد سواء في سورية أم في الدول الشقيقة، هو تهديد واضح وخطير لأمنها، وتعبير عن نيّات مبيتة وخبيثة يسعى إليها مسؤولو واشنطن، كما أنه لن يغيّر من طبيعة قرار الانسحاب، لأن السلام والاستقرار الحقيقي يقتضي خروج جميع القوات الأجنبية غير الشرعية، من جميع المناطق السورية وجوارها، وخاصة أن ما تسعى إليه واشنطن ليس تحقيق مكاسب اقتصادية وحسب، بل عسكرية وسياسية أيضاً.
huss.202@hotmail.com