فإن اللافت للانتباه، الاهتمام بالمحتوى قبل الشكل.
وثمة طريقان لإغناء المحتوى: 1- الأداء الميداني (وهو مكلف جداً الآن ونضطر إلى جعله مقتصراً على المراسلين الحربيين) ٢- المتابعة النظرية: وهي ممكنة ومتاحة عبر القراءة والإصغاء وحضور المؤتمرات النوعية، وباتت غير قليلة، بعد التعافي الأمني وتحرير أغلب المساحة السورية.
بيد أن فكراً مستهجناً يعوقها ويشجع على خسارتها، تجسده آراء متسرعة تهزأ من المؤتمرات وتعدها مضيعة للوقت وسبباً للهدر المالي...!!
ويحفز هذا الفكر على التعامل معها باستهتار وعدم متابعتها حتى النهاية، وثمة مئات الأمثلة على أهمية تلك المؤتمرات علمياً واجتماعياً وإنسانياً، وإذا ما اخترت مثالاً، وعلى الرغم من بساطته ستجدون كم هو مهم ومفيد وطنياً. ففي المؤتمر البيئي الخامس ألقت الدكتورة شفق حرفوش ورقة عمل عن - الـ RDF. أي المتروكات أو المرفوضات من النفايات الصلبة بعد فرز تلك النفايات واستخلاص الزجاج و البلاستيك والحديد والمواد العضوية منها (وتلك تتحول عبر التشميس والتقليب) إلى سماد عضوي رائج جداً، بمعنى أنه بعد كل الأرباح التي نجنيها من الفرز (وهذا مطبق في طرطوس لوجود مصنع للفرز في وادي الهدة) يبقى ما يسمى مرفوضات لا يمكن - تدويرها - يمكن استخدامها كوقود عبر حرقها في أفران وأجريت التجارب في مصنع إسمنت طرطوس وكان نجاحها باهراً.
سألت د. حرفوش عن الربح فطلبت مهلة وأرسلت لي على الواتس الرقم أنه (٣،٤ ملايين دولار سنوياً من ٥٠٠ طن نفايات يومياً)، حسبت الربح على مستوى سورية وعلى رقم معتمد هو عشرة آلاف طن نفايات صلبة يومياً فوجدت أننا سنربح ٢٥ مليار دولار سنوياً إذا استبدلنا الفيول بالمرفوضات، الموضوع قديم في طرطوس ولَم يعتمد بعد في مصنع الإسمنت بانتظار الموافقات...!
وليس هذا موضوعنا الآن بل التركيز على غنى مؤتمراتنا وأبحاث علمائنا بشرط أن نتابعهم وأن نصغي إليهم، كم يغتني إعلامنا، وينأى عن التنظير والإنشاء والخطابية عبر غنى محتواه بإبداعات مفيدة لتطوير واقعنا الاقتصادي.