وكل الفوضى الهدامة التي سمتها واشنطن يوماً (خلاقة) ونشرتها في سورية وبقية المنطقة، ومارست خلالها لعبة شرورها القذرة في تفتيت الخرائط وتهجير السكان كانت طريقها نحو اللصوصية لتتمكن من بسط سطوتها وهيمنتها الاستعمارية على المنطقة برمتها كي تعيد رسم خرائطها وتنقذ كيانها الصهيوني بحجة حماية أمنه المزعوم.
أما أكاذيبها عن انسحاب قواتها المزعوم فقد انفضحت منذ إطلاق التصريح الأول لترامب حول ذلك، فالخطوات الأميركية على أرض الواقع كانت تشي بعكس الانسحاب وتشير إلى إعادة تدوير الاحتلال، وتؤكد بمجملها أن التحركات الأميركية المشبوهة كانت دوماً تتجه نحو إعادة الانتشار وتثبيت قواعد الاحتلال لسرقة النفط والثروات، وإتمام مخططات الانفصال عبر مرتزقة قسد وسواهم، وإكمال الفوضى الهدامة عبر الدواعش وأشباههم.
ففي العام الماضي قرر ترامب سحب قواته المحتلة من سورية بعد أن زعم قضاء بلاده الكامل على تنظيم داعش الإرهابي، لكن سرعان ما تراجع عن قراره بعد مماطلة طويلة من التسويف والخداع، واليوم يكرر الكذب ذاته حين قرر الانسحاب بحجة الاتفاق مع النظام التركي بعد عدوانه على سورية، ثم ظهر سريعاً وباعترافه شخصياً أنه يريد احتلال أبار النفط.
هذه السياسة الأميركية المبنية على المراوغة في تعاطيها مع المشهد السوري تؤكد بشكل جازم أن إدارة ترامب لا تريد الحل السياسي ولا الاستقرار والأمان في سورية بل الفوضى ونشر الإرهاب واستثمار كل ما يجري في الانتخابات الأميركية وتوجيه الأحداث بما يخدم ترامب نفسه بالداخل الأميركي.
وخاصة أنه يمر بمرحلة صعبة بمواجهة تحركات قوية ومن مستويات عليا لعزله من رئاسة أميركا، فهو يحاول تصوير نفسه رئيساً قوياً داخل المشهد الأميركي، وما قتل الإرهابي البغدادي - إن كان قد قتل فعلاً - إلا حلقة في سلسلة طويلة في هذا المشهد.