تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


انتظرينا.. أيتها الحبيبة.. لن نتأخر!!

الجولان في القلب
الأثنين 27 -6-2011
سوسن خليفة

تشتهر قريتي بالتين والجوز والتوت الشامي وأشجار الحور التي كنت أتسلقها كي ألتقط العصافير من أعشاشها وأمسك العصفور الصغير بيدي وإذا كان لايستطيع الطيران أقبله

وأعيده إلى العش، ولو كان أكبر قليلاً لما أعدته، هكذا بدأ الحاج أبو أكرم حديثه عن قريته التي يحلم بالعودة إليها ويضيف: بيتنا عبارة عن ثلاث غرف وفسحة سماوية وهو من الحجر الأسود وبيوت الحارة متلاصقة وقريبة من بعضها كأنها بيت واحد ليس في البناء فقط بل في العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة ويتذكر أبو أكرم تلك الأيام ويقول: الألفة بين الجميع ومحبة الخير والشعور بفرح الجار وحزنه أيام وعادات نفتقدها في حياة المدينة.‏

وللقرية جوها المميز ومفرداتها الخاصة ونحاول أن نتداولها حتى الآن ونعلمها لأولادنا، ومن هذه الكلمات القرقور أي الخروف والمنشولة جرة المي والبحتة الرز بالحليب وغيرها من الكلمات التي يعرفها جيلنا وتربى عليها، أما حياتنا اليومية فكلها أعمال خاصة بالنسبة للمرأة التي كانت تعمل خارج البيت وداخله ومسؤولياتها تبدأ من تربية الأولاد إلى خبز التنور والسليق، حيث تذهب النسوة في أيام محددة إلى الحوش أيام الرشاد والهندبة وإلى الرجيدة أيام حصاد القمح وأتذكر حتى الآن أن الرجال والنساء يغنون أغاني خاصة بهذه المناسبة ولكنني لا أتذكرها ولم أحفظها مع الأسف وما أذكره أنا وإخوتي أننا كنا نستيقظ باكراً عكس هذه الأيام ودون أن يوقظنا أحد وأشعر أن هواء الجولان ينشط ويشعر بالحيوية سقى الله تلك الأيام!! ما أجملها.‏

ففي الصباح أذهب إلى جدتي التي تصنع لي الكربوج وآكله بدلاً من وجبة الفطور.. وكان لدى جيراننا بيت أبو بهيج بيض بلدي، يومياً نأخذ من عندهم البيض ونعطيهم الحليب..‏

وفي أحد الأيام ذهبت مع والدي إلى الحولة حيث قمنا بمبادلة الحمص وبعض الفاكهة بالبرتقال.. ولا أنسى أبداً «العرزال» الذي كنا نصنعه من أغصان الأشجار ويصبح كالخيمة نجلس تحته نحن الصغار وننتظر الكبار حتى ينتهوا من العمل في الحوش «الحقل» أو البستان.. وكم فرحنا حين دخل التعليم إلى قريتنا، وهذا يعني أننا سنذهب إلى المدرسة ونرتاح من العمل ولو كان بسيطاً في صغرنا ولكنه يصبح أكثر صعوبة حين نكبر وربما لهذا السبب أكثر أبناء القرية أصبحوا أساتذة من الجنسين. فأنا وأخي وثلاثة من أخواتي مهنتنا التعليم ونحن سعداء بذلك ومع هذا نشتاق إلى الأرض والعمل بها وخاصة في أيامنا الحالية وفالذكريات تعيش معنا ولاتفارقنا لحظة ،وفرن التنور في باحة الدار ينتظر من يخبز عليه وحبات التوت الشامي تريد من يتذوقها وأشجار التين تسأل عن جلسائها.. وعين المي تقول أين المنشولة.. و كل ركن من القرية أشعر أنه ينادينا.. ولاشك أن العودة قريبة..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية