تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ما سرّ استثناء إسرائيل من تطبيق القانون الدولي؟

شؤون سياسية
الأثنين 27 -6-2011
منير الموسى

ماجدوى إعلان الأمم المتحدة يوم 26 حزيران من كل عام يوماً لمناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه وتأهيلهم ، مادامت تحت هيمنة الاتحاد الأوروبي وأميركا وإسرائيل وحلف الناتو، فنجدها تتفهم البعض وتبرر لهم كل أفعالهم

وتتعنت دون هوادة مع البعض الآخر وماسر تطبيق القانون الدولي في حالات، ورفض أحكامه في حالات أخرى؟ ومن الواضح أن مايجعل شعوب الغرب تنسى معنى الحرية الذي يتغنون به هو فقدان الذاكرة الجماعي الذي يصيبهم بسبب قوة وسائل الإعلام التي يسيطر عليها مهندسو محوري الخير والشر الذين يطبخون الأخبار ويلفقونها لاستعباد العقول وليس لتحريرها.‏

والتعذيب الذي «تحتفل» المنظمة الدولية « به» كل عام « هو كل فعل ينجم عنه ألم جسدي أو عقلي بقصد الحصول من شخص على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه بأنه ارتكبه». وهو تعريف بسيط لمنظمة مركبة في مراميها، أشادتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية لتخدم مصالحها وإفلاتها من كل لوم مهما فعلت ومهما ارتكبت ولكن يحلو لها أن تطبق كل الآلام على الشعوب الضعيفة وتنسى أن التعذيب الجسدي آني يزول بزوال فعل التعذيب وأن إعاقات الحروب هي تعذيب مستمر وأن الحروب التي تشن على الدول الضعيفة بحد ذاتها تعذيب نفسي مستمر بسبب سقوط الضحايا وتدمير الملكيات والبنى التحتية لشعب كامل ، فمنذ عام 2003 أكثر من مليون مدني عراقي قتلوا بغض النظر عن آلاف القتلى والجرحى من الجنود أو من الذين أصيبوا بإعاقات نفسية وجسدية لن يبرؤوا منها حتى مماتهم . فهذا التعذيب الذي روّع العالم بوحشيته وساديته ترى من الذي أمر بإيقاعه بالناس؟ وفي غزة من الذي سجن مليون ونصف مليون فلسطيني وشن عليهم عدواناً سقط فيه مئات القتلى والمشوهين ، وليست الأمور في أفغانستان أحسن حالاً لما كان الغزاة بقيادة المعلم الروحي لمحور «الخير» واليوم قمة التعذيب النفسي للمدنيين في ليبيا القابعين تحت قصف الناتو والمتحدث باسمه مايك براكن يقول إن الحلف يأخذ الأنباء التي تتحدث عن سقوط ضحايا من المدنيين في ليبيا بجدية بالغة كجدية الأمم المتحدة في الاحتفال بيوم مناهضة التعذيب العالمي ومنعه ومحاربته، فلو كانت الجدية قائمة لما كانت إسرائيل تمارس أسوأ ضروب الجرائم بحق الأسرى العرب الفلسطينيين والجولانيين وتعريضهم إلى كل صنوف المعاملات الوحشية بدءاً من الشتائم وعصب الأعين واطفاء لفافات التبغ بأجسادهم واغتصاب الأسيرات والحرمان من النوم والاعتداء بالصعق الكهربائي وغير ذلك، وكل هذه الأفعال تنتهك المادة الرابعة من اتفاقية منع التعذيب التي أقرتها الجمعية العامة عام 1984، كما تخرق اتفاقية جنيف.‏

في عام 2010 اعتقلت إسرائيل 759 طفلاً بالقدس لدوافع سياسية وأكد تقرير إسرائيلي أن الشرطة الإسرائيلية تمارس القمع والتعذيب حتى بحق الأطفال علاوة على الأسيرات الفلسطينيات اللاتي يتعرضن للتحرش الجنسي ، فلماذا القسوة على الأسرى العرب وهل حدود اوشفيتز موجودة في ضمائرهم حتى إن أشهر طبيب إسرائيلي‏

« تورام فلاشر» كان على رأس فريق التعذيب الذي كان يطبق شتى أنواع الألم النفسي والجسدي على الأسرى ، والغريب أن الطبيب ذاته رشح ليكون رئيساً لمنظمة الصحة العالمية ذات يوم!!‏

ثم أو ليس الاعتداء على ناشطي السلام تعذيباً ،وبالنظر إلى تقارير فلسطينية عن وزارة الأسرى الفلسطينيين أن التعذيب في السجون الإسرائيلية هو نهج ثابت من الإيديولوجية العنصرية الصهيونية لتدمير الإنسان جسدياً ومعنوياً وتحطيم شخصيته وتغيير سلوكه ونمط تفكيره ليغدو عالة على أسرته ومجتمعه وقد تحدث أكثر من أسير محرر عن أساليب التعذيب التي يشترك فيها أطباء وممرضون وإداريون ورجال شرطة إسرائيليون ، حيث وصفوا بتجردهم من الضمير الإنساني وممارسة التعذيب لمجرد التسلية.‏

أما أميركياً فغوانتانامو وأبوغريب وباغرام وبرامج الترحيل ، كلها كانت برامج تعذيب لزرع الرعب والخوف في قلب كل عربي، وحتى أساليب المحاكمات الأميركية ليست أفضل من ممارسات محاكم التفتيش التي سادت في أوروبا في القرون الوسطى ، ولعل العربي الأميركي فهد سيد هاشمي عانى من أسوأ ظروف الاعتقال والمحاكمة والتعذيب النفسي والعقلي لمجرد انتقاده أميركا بأنها دولة إرهابية تقوم بعمليات سرية في العالم ، ولم تكن الصور التي نشرتها وسائل الإعلام عن معاملة السجناء في سجن أبو غريب عام 2006 إلا النزر اليسير من عمليات التعذيب التي جرت ، والغريب استمرار الصمت الدولي اتجاه استمرار أصحاب « القيم المتحضرة» بشرعنة التعذيب في مؤسساتهم ، فجرائم التعذيب والاختطاف وكل العمليات السرية ، يجب إعلاء الأصوات بشأنها وشجبها وملاحقة مرتكبيها، ومن ثم يجب تأهيل ضحايا التعذيب والحروب والإفراج عن كل الأبرياء من سجون الاحتلال الإسرائيلي والأميريكي ، ووقف الرعب في العالم ، وكف السعي إلى تقويض دولة القانون القائمة على نسف الثقافات الإنسانية التي تطورت عبر القرون، وإلى وقف حروب المالتوسيين على الفقراء .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية