أميركا ورغم توفر جميع المعطيات والمعلومات حول واقع الديمقراطية البائس في الولايات المتحدة فإن بعض المثقفين والأدق أشباه المثقفين وممن يدعون الليبرالية في المنطقة العربية يبدون إعجابهم الشديد وولعهم بالديمقراطية الغربية وخاصة الأميركية والبعض الآخر حتى بالديمقراطية الإسرائيلية.
ولكن الموضوعية تقتضي النظر إلى هذه الديمقراطية كما هي على أرض الواقع ومن خلال المعلومات والحقائق التي تصدرها المؤسسات البحثية الأميركية نفسها.
فيما يتعلق بانتخاب الرئيس الأميركي لم يحدث أن انتخب رئيساً إلا إذا كان منتمياً إلى دين معين وحتى طائفة بذاتها وينتمي إلى أحد الحزبين الرئيسيين الجمهوري أو الديمقراطي أي الحزبين اللذين يمثلان الاحتكارات الرأسمالية الكبرى والمدعومان من قبل اللوبي الصهيوني علماً أن عدد المرشحين إلى الرئاسة أكثر بكثير مما تروج له وسائل الإعلام المهيمن عليها من قبل أصحاب رأس المال ربما الرئيس الوحيد الذي انتخب في أوائل ستينات القرن الماضي ولم يكن بروتستانياً بل كاثوليكي هو جون كينيدي والذي اغتيل قبل إتمام فترة رئاسته الأولى. وتكشفت أسباب اغتياله بسرعة أولاً لأنه وقع مع الاتحاد السوفييتي معاهدة عدم اعتداء على كوبا ومطالبته الكيان الصهيوني بالكشف عن قدراتها النووية والخضوع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية فانتقم منه الصهاينة وقتلوه والرئيس الآخر أوباما الذي خدع الكثيرون به واعتبر الليبراليون والديمقراطيون جداً بأن انتخاب رجل أسود هو دليل على عظمة الديمقراطية الأميركية ولكن سرعان ما خاب أمل هؤلاء عندما لمسوا بأن أوباما لا يختلف عن أي رئيس أميركي آخر إن كان في خدمة السياسة العدوانية لأميركا أو في دعمه المطلق لإسرائيل على حساب الحقوق العربية المشروعة.
أما ما يتعلق بالوضع الداخلي الأميركي نشرت مواقع الويب والفيسبوك معلومات عن الواقع الأميركي تشير إلى أنه يسقط في كل عام واحد من بين كل خمسة أشخاص ضحية جريمة وهي أعلى نسبة في العالم وتشير الإحصاءات الأميركية الرسمية إلى أن عدد الذين تعرضوا للعنف ممن لا تزيد أعمارهم عن الاثنتي عشرة سنة بلغ 4،3 مليوناً.
وشرعت المحكمة العليا حيازة السلاح للدفاع عن النفس وأصبح يملك سلاحاً خاصاً نحو تسعين مليوناً يملكون 200 مليون قطعة سلاح ناري من بين عدد السكان البالغ 300 مليون مواطن وبواسطة هذا السلاح سجلت في أميركا خلال عام واحد الماضي نحو 12 ألف حالة قتل وارتكبت 47٪ من السرقات باستخدام هذا السلاح.
وفي الوقت الذي تطالب فيه الولايات المتحدة بحرية الانترنت بهدف جعل الشبكة العنكبوتية أداة فعالة للضغط السياسي والهيمنة فإنها فرضت قيوداً صارمة على الفضاء المعلوماتي داخل أميركا وتعمل لإصدار قوانين لمواجهة موقع ويكيليكس الذي سرّب فضائح كبيرة عن ممارساتها غير الديمقراطية.
وتعاني الولايات المتحدة من بطالة واسعة ويعيش في فقر مدقع واحد من كل ثمانية أميركيين وارتفع عدد المشردين إلى نحو 7 ملايين شخص، وعدد الأميين إلى 30 مليون شخص وتعاني المرأة الأميركية من تمييز خطير في عملها فتسعين بالمائة من النساء تعرضت للتمييز في أماكن عملهن وعشرون مليون امرأة يذهبن ضحية العنف والاغتصاب بالقوة ويوجد اليوم نحو 60 ألف امرأة وراء القضبان تعرضن للعدوان الجنسي والاغتصاب داخل السجون وخمس طالبات الولايات المتحدة يتعرضن للاغتصاب.
ومن المعروف انتهاكات حقوق الإنسان في العراق وغوانتانامو وفي أفغانستان والصومال وباكستان وغيرها.
ورفضت الولايات المتحدة التصديق على معاهدات دولية تتعلق بحقوق الإنسان مثل «المعاهدة الدولية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية» و«اتفاقية حول حقوق المعوقين» واتفاقية «حقوق الطفل» وتدعم إسرائيل في انتهاكها الفظ لحقوق الإنسان العربي داخل وطنه فلسطين وفي الأراضي العربية المحتلة وتحاصر الشعب الفلسطيني في غزة خلافاً لجميع معايير حقوق الإنسان.
وأشار معهد السياسة الاقتصادية الأميركية في إحصاءاته إلى أن ثروة أغنى 1٪ من العائلات الأميركية تفوق ثروة العائلات المتوسطة بمقدار 225 مرة ويشكل ذلك إمعاناً في نهب ثروة المجتمع.
وأشارت الاحصاءات إلى أن 1،53 مليون شخص تقدموا بطلبات لإشهار إفلاسهم في عام 2010 ووقوع المزيد من العائلات ضحايا فقدان الوظائف ويتمتع أغنى 2٪ من السكان بتخفيضات ضريبية أهداها إليهم أوباما وأعضاء الكونغرس الجمهوريون ونشر موقع مؤسسة غالوب 6/1/2011 بأن البطالة في الولايات المتحدة ارتفعت إلى 9،6٪ أما البطالة الجزئية فارتفعت إلى 19٪. جميع الملفات حول حقوق الإنسان تشير إلى أن ملف أميركا الأكثر شؤماً وهذا يجردها من أن تنصب نفسها حكماً في شؤون حقوق الإنسان في العالم فكل ما تدعيه بهذا الشأن ليس أكثر من نفاق وكذب، وجل ما تعمل من أجله حزمة مصالح امبراطوريتها الاستراتيجية العدوانية في العالم أجمع.