دقيقة راصداً تفاصيل ما حصل في العراق من خلال شهود عيان عايشوا تلك المرحلة العصيبة التي مرت بالعراق وما خلفته تلك الحرب الأمريكية وما اقترفه الاحتلال من تقطيع لأوصال العراق بكل أشكال التقطيع الطائفي والمذهبي والسياسي والاجتماعي والنفسي .
الفيلم يقترب كثيرا من حالات وشخصيات واقعية عبر تنويع في الشرائح التي أخذها المخرج نبيل المالح ليسلط الضوء من خلال هذه الشخصيات على الواقع الحقيقي دون لبس .. دون رتوش هكذا ببساطة تسرد ما حصل بعد اكتشاف الحقيقة على أرض الواقع بأنها غير ما روج له وما اشتغلوا عليه الأميركيون والإعلام المأجور ، ويقترب (متحدون في المهجر) من حكايات اللاجئين العراقيين وحياتهم في المهجر أو الوطن البديل لحين عودتهم راسمين ملامح وتفاصيل هذا الوطن الذي لّمهم بعد أن فقدوا الأهل والأحبة وتركوا كل شيء وراءهم لتكون سورية هي الحضن الدافئ والبديل المؤقت حيث لمسوا فيه الأمان المفقود في عراقهم الجريح . تتفق القصص المروية على ألسنة العراقيين المهجرين على أهمية الوحدة الوطنية في المهجر بعد أن اكتشفوا بأن التفرقة هي بدعة الاحتلال .
نبيل المالح يعالج الفيلم بطريقة إنسانية تحمل صدق مشاعر روتها دموعهم وآمالهم التي تنتظر فجر العودة بفارغ الصبر ، فتأتي الغصة على لسان إحدى الشخصيات والتي تجد مرارة في وصفها بلاجئة وهي طبيبة . كاميرا المالح تلتقط أنفاس القهر والحزن التي تختزنها ذاكرة كل عراقي عن طريق الأشخاص الذين اختارهم ليتحدثوا عن وجع كل عراقي سواء في البلاد التي هجروا قسرا إليها أو من هم في الداخل مع توصيف للمكان الذي لجؤوا إليه ومدى التأقلم معه والانسجام مع سكانه .
سورية التي احتضنت العراقيين أتت على لسان الشخصيات التي لا تستبدلها بأي مكان آخر فهم يستشعرون القرب من وطنهم لما لمسوه من حب وتعاطف الشعب السوري مع محنتهم .
فيلم (متحدون في المهجر) اقتراب من عوالم المهجرين ورصد لمكان وزمان اغترابهم وتوثيق بصري ووجداني وإنساني لأكثر المشاعر ألما وتضاربا . إنها غربة عن وطن في لحظة تنتزع منه وينتزع منك ليبقى قلبك وعيناك معلقين بالجهة التي حدودها مرتبطة بمسار دمك ونبض قلبك .. يذكر أن الفيلم من إخراج المخرج السينمائي نبيل المالح وإنتاج المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.