ولم يذكر الأوروبيون أرقاما حول الخطة الجديدة التي تقدر بشكل عام بنحو 100 مليار يورو. لكنهم أكدوا إنها ستوزع على التمويل العام (قروض من منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي) والخاص (خصخصة ومساهمة مصارف ودائنين آخرين في القطاع الخاص).
ويخشى كثيرون ان تؤدي أزمة اليونان الى اضطرابات مالية تتجاوز منطقة اليورو إذا لم يتم إنقاذ هذا البلد من الإفلاس، تماما كما حدث عندما سمح الأميركيون بإفلاس مصرف «ليمان براذرز» منتصف أيلول 2008.
منح الثقة
ما إن منح البرلمان اليوناني الثقة لدخول ثلاثة وزراء جدد( المال -الخارجية- البيئة) لحكومة «الوحدة الوطنية الجديدة» التي جنح لتشكيلها رئيس الوزراء «جورج باباندريو» منتصف الشهر الجاري حتى تنفست أسواق المال الدولية الصعداء بدءا من مؤشر «نيكاي» الياباني الذي ارتفع بنسبة 1.3 مرورا بهونغ كونغ وصولا الى وول ستريت, ومنح « البركة» البرلمانية الذي تم قبل عدة أيام يعني قدرة أثينا الوفاء بالتزاماتها , بمجرد حصولها على القسط الخامس وقدره 17 مليار دولار الشهر المقبل, من أصل قرض ال 157 مليار دولار المجمّع, الذي اتفق عليه الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي ( تسلمت منه حتى 20 الجاري 75.6 مليار دولار) . والمقرضون اتفقوا على ان يترافق القسط الجديد بحزمة جديدة من إجراءات التقشف, وهو الأمر الذي لم يتمكن السيد «باباندريو» من تمريره في البرلمان رغم أغلبيته الاشتراكية الطفيفة( 156 من أصل 300 ) ما دفعه الى صفوف المعارضة لتطعيم حكومته السابقة بثلاث حقائب لضمان تمرير الخطة.
تمرير الخطة
ومنح الثقة يعني أيضا قدرة «باباندريو» على تمرير خطة شد الأحزمة الجديدة, التي ألهبت, حينما أقرتها الحكومة مطلع الجاري, شوارع اليونان لصرامتها و«تقشفها» فهي ستضغط على بنود الإنفاق أيما ضغط , وستطرح برنامج خصخصة واسعة لعدد من شركات الدولة, تطمح من خلاله الى جمع 50 مليار يورو بنهاية 2015 , في الإجمال ترمي الخطة, الى جانب خصخصة أراضي وشركات الدولة, الى زيادة الكفاءة الضريبية, بهدف تحقيق المزيد من الإيرادات.
أسوأ التصنيفات
وتنويهاً نذّكر بالشّدة التي مارستها مؤسسة «ستاندرد آند بورز» منتصف الشهر الجاري,حينما منحت اليونان درجة (C3 ) وهي أسوأ تصنيف ائتماني في العالم , إذ هو مستوى يقترب من(D ) الذي يعني التخلف عن سداد الديون وهو الأمر الذي جعل اسعارالاقتراض التي تدفعها أثينا على سنداتها هي الأعلى في العالم , فسندات لأجل ثلاث سنوات تكلف 30 بالمئة .
والأزمة المالية التي تعصف باليونان جعلتها «أسوأ بكثير من أي دولة أوروبية أخرى» ووفقا لتقرير جديد لمكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها 89بالمئة من متوسط الاتحاد الأوروبي مقابل 94بالمئة في عام 2009, وهو مايعد التراجع الأكبر من حيث مستويات المعيشة في دول الاتحاد ال27.
تزايد التفاوت
ولفت التقريران التفاوت «يتزايد داخل الاتحاد الأوروبي مع نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في لوكسمبورج، أكثر دول الأعضاء ثراء من 272بالمئة إلى 283بالمئة من متوسط الاتحاد الأوروبي، وتراجعه من 44بالمئة إلى 43بالمئة في أفقر الدول الأعضاء وهي بلغاريا».
وكشف ان منطقة اليورو «17 دولة من الدول ال 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي» أصبحت المنطقة الأفقر بالمقارنة مع بقية الاتحاد الأوروبي , وذلك اثر تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بمقدار نقطة واحدة إلى 108بالمئة من المتوسط في دول الاتحاد.
تراجع النمو
يذكران بيانات حديثة تظهرأن الاقتصاد اليوناني تراجع بنسبة 5.5% خلال الربع الأول من العام الجاري، وهي نسبة أكبر من التوقعات كما أنها تلقى المزيد من الشكوك حول قدرة اليونان على تحقيق الأهداف التي التزمت بها من حيث تقليص عجز موازنتها وبالمقابل تقر الترويكا( الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد) وبعد قرابة نحو شهر من التحريات التي قام بها خبراء المؤسسات الثلاث عن الوضع المالي لليونان ومدى تنفيذها برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي اشترطته عليها قبل عام, يقرون بأنها حققت تقدما ملموسا في معالجة الوضع المالي ولكنها تحتاج للمزيد من الإصلاحات التي تمكنها من الوفاء بسداد الديون, والمزيد من الإصلاحات هو الحلقة الأولى في سلسلة تقليص الوظائف , ومن ثم بطالة , وبعدها تشظيات البطالة يتبعها أعباء جديدة على الخزانة العامة ومن بعده الإفلاس, لكن الأرجح ان «جماعة» اليورو لن يسمحوا بوقوع حادث ائتماني, فاليونان هي نقطة الضعف في ورقة اليورو, وشركاؤها في العملة يخشون من تفريخ نقاط ضعف جديدة في حال لم يتكاتفوا على عزلها وتطويقها.