ولذلك ليس من الغريب إقامة حوار حضاري فكري بين ثقافتنا والثقافات الأخرى، حوار من خلال ملتقيات النحت التي أخذت بالازدياد في الأونة الأخيرة وتنوعت بتنوع المادة واختلاف المكان والزمان.
لكن العجيب أن تكون تلك الملتقيات حكراً على مجموعة قليلة من الفنانين الذين ظهرت أسماؤهم في معظمها حيث تجاهلت الجهات المعنية بإدارة وتنظيم تلك الملتقيات العشرات من الفنانين النحاتين الذين أغنوا الحركة التشكيلية في سورية وذلك من كافة الشرائح العمرية .
علماً أن التكلفة المادية لتلك الملتقيات وخصوصاً التي نظمتها محافظة دمشق في السنوات الأخيرة، كان يمكن لها أن تخصص لتنظيم عدد أكبر منها وبمشاركة أوسع شريحة من الفنانين وخريجي كليات الفنون الجميلة في سورية .
ومن وجهة نظر فنية أصبح النتاج السوري في الملتقى ذا منحى واحد بحيث إذا نظرت إلى عمل كأنك تشاهد الأعمال الأخرى، على الرغم من التنوع الفسيفسائي الكبير والمهم للفنانين السوريين عبر مساحة الوطن.
فسنوياً يتخرج العشرات من الطلاب في مجال النحت سواء الأكاديمي أم المتوسط وفي جعبتهم الكثير من الأفكار والرؤى الفنية لتجميل المدن أو رفع سوية المحاكاة العقلية للعمل الفني والتي تغني الذائقة البصرية للمتلقي .
وهناك طاقات شابة أثبتت جدارتها وقدرتها على التحليل والتركيب والحوار من خلال ما قدمته كمشاريع تخرج سواء في كلية الفنون الجميلة أو في معهد الفنون التطبيقية، ولم تعط الفرصة العملية لإنتاج عمل فني يضيف إلى الحديقة الفنية السورية فسحة جمالية من قبل ذاك الشاب أو تلك الشابة.
بالطبع هنا لا يمكن لنا إغفال طالب الفنون الجميلة في مراحل دراسته لصقل موهبته حيث يمكن مشاركته كمساعد فنان مع أساتذته المخضرمين والذين تم تناسيهم أيضاً في معظم الملتقيات الماضية بالرغم من خبراتهم وقدراتهم في صناعة الفن والفنانين .
وبدورنا نتساءل إلى متى ستبقى حركة الملتقيات الفنية في القطر رهناً لإرادة أشخاص متنفذين ومنتفعين.
وهل سيبقى رفع مستوى الثقافة البصرية مرتبطاً بالعلاقات الشخصية والشللية والمحاباة على حساب الفن والفنانين ؟!
غازي كاسوح
ت:سامر سقور