وتخويف المواطنين لإضعاف معنوياتهم، الإعلام السوري سواء الرسمي أو الخاص هو أكثر ما يثير الملاحظة خلال هذه الأزمة، فقبلها يكاد لا يمر يوم دون انتقاده، وحتى أكثر المدافعين عنه إذا مدحه يبرر تقصيره بالالتزام، ولكن مع بداية الأزمة بدأ دوره يتصاعد ولكنه لم يكن مثيراً للإعجاب، ليزداد بعد ذلك منسوب الإعجاب به ليصبح موضع فخر لمتابعيه عند الحديث عنه أو عند مقارنته بأكثر القنوات العربية متابعةً
، ولتصبح عبارة «شفت شو طلع مبارح على قناة ... السورية ؟؟» مألوفة على ألسنة الناس بعد سنوات من الغياب، ليلعب هذا الإعلام الدور الأساسي في الأزمة، فقام بتطوير نفسه، ليحقق قفزات عديدة أثبتت وجوده ونجاحه.
لقد استطاع هذا الإعلام أن يقدم صورة واقعية لما يجري على الأرض، من خلال متابعته للحدث ونقل الصورة مباشرة في محاولة منه لمواكبة الحدث وتغطية الخبر، إضافة لفضح وتعرية زيف ادعاءات القنوات الأخرى، من خلال تحليل للصور والمقاطع التي يبثونها، وبث نسخ عنها توضح أنها صور وأفلام قد تمت فبركتها، فمن صور للانتفاضة الفلسطينية ولأحداث ليبيا ومصر واليمن وتجميعها مع صور سورية، إلى إخراج أفلام على أنها من تظاهرات الاحتجاج في سورية، برامج بثتها قنوات سورية تشرح وتفسر هذه الصور والمقاطع، وقد تحدث المدون السوري وعضو اتحاد الصحفيين العرب في الولايات المتحدة رفيق لطف عن هذه الصور والأفلام التي تتم فبركتها وبثها في إطار ما سماه بالحملة الخارجية والتحريض الإعلامي ضد سورية.
كما أوضح المحللون أن الإعلام السوري بدا مرتبكاً وغير مؤهل بصورة كافية لمواجهة التحديات التي فرضت عليه بصورة مفاجئة، لكن مع مرور الوقت استعاد الثقة بنفسه وشهد تغير مهما في الفترة الأخيرة، حيث وجدت هناك وحدات للرصد والمتابعة والتحليل الحقيقي، وبرز محللون سياسيون مغمورون لكن تمكنوا من فرض وجودهم على المحطات العربية والأجنبية، مشيرين إلى أن هذا كله أدى لتحسن الإعلام السوري من إعلام نمطي ممل لا يريد أحد مشاهدته إلى إعلام أصبح له متابعون كُثر في العالم، وهو قادر بفضل الكفاءات الموجودة لديه أن يحتل الصدارة في العالم العربي.
الدور الذي لعبه إعلامنا بكل أشكاله المرئي والمسموع والمقروء دفع بعض مراكز الأبحاث الإعلامية لدراسة حقيقة الوقائع في سورية، وإصدار دراسات وبحوث بهذا الشأن، منها ما أصدره مركز أبحاث العولمة الكندي في ورقته البحثية والتي جاءت تحت عنوان «الحقيقة.. والبروباغاندا.. والتلاعب الإعلامي» أشار فيها أن الأحداث الأخيرة في سورية والمنطقة قد كشفت عن مدى ضخامة حجم التضليل المعلوماتي الذي لم ينحصر هذه المرة في القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والوكالات الإعلامية, وإنما امتد ليشمل المواقع الإلكترونية الخاصة بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية التابعة لأفراد ومجموعات المدونين وشبكات التواصل الاجتماعي التويتر والفيسبوك, وذلك من خلال سيطرة جماعات المصالح الأميركية والأوروبية الغربية والأفراد ذوي التوجهات المعادية على الوسائل الإعلامية، كما أكد البروفيسور ميشيل خوسو دوفيسكي في دراسة أكاديمية «التضليل الإعلامي وحركة الاحتجاجات في سورية» أن وكالة الأسوشيتيد برس الأميركية وصحيفة الغارديان البريطانية وشبكة ما يسمى بالأخبار الوطنية الإسرائيلية، وموقع يا لبنان تفادت عمداً الإشارة إلى مقتل رجال الشرطة السوريين على يد العصابات المسلحة، وكذلك تغاضت عن ذكر استهداف وتدمير وحرق المنشآت المدنية على يد بعض الارهابيين وسعت هذه الوسائل بشكل أو بآخر إلى التأكيد على مزاعم تزايد الاحتجاجات والعمل على توظيف هذه الأحداث على أساس أنها تنطوي على العنف من قبل السلطات في قمعها.
استهدفهم إعلامنا أكبر دليل على مصداقيته، وقدرته على مواجهتهم فقد تفوق على إعلامهم وكشف تضليلهم، يستهدفون إعلاميينا لأنهم ينطقون بالحقائق التي فرغتها فضائيات التآمر من أمانتها، ويفضح خططهم ويكشف كذب إعلامهم ومنعهم من أسر الرأي العام السوري أولاً والعربي والأجنبي ثانياً، وحقيقة الإجرام والإرهاب الذي يتعرض له الشعب السوري وفضح حركات التآمر، انتصاراً للإعلام استدعى معاقبته، فقد تم استهداف كاميرات تصوير وبعثات إعلامية وغيرها، وتفجير قناة الإخبارية يبدو أنه الأقسى والأصعب، وهو متوقع نتيجة إفلاسهم من محاولات ثني الإعلام السوري للتراجع عن خطه المقاوم.
وقد أكد وزير الإعلام السوري أن هذه المجزرة لا يمكن على الإطلاق الحديث على أنها أتت من فراغ أو أنها مجرد جريمة إرهابية عادية، فبعد أن قرر الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ فرض عقوبات على الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية على القنوات الأرضية والفضائية والإذاعات السورية، إضافة للحملات الإعلامية التحريضية المستمرة ضد سورية في القنوات العربية والأجنبية المعروفة، والتحريض على ارتكاب المجازر وعلى القتل والعنف في سورية يتوج بالاعتداء على الكلمة وحرية الكلمة وشرف الكلمة وعلى العمل الصحفي والإعلامي والمهني في مجزرة هي الأسوأ بالمطلق في مواجهة الصحافة والإعلام، مضيفاً أن «هذه الحادثة لن توقف قناة الإخبارية السورية عن البث وستستمر الكلمة في سورية كلمة الإعلام والحرية والديمقراطية والشرف الإعلامي الذي هو مصان في سورية وسيبقى صوت سورية بكل قنواتها وإذاعاتها وإعلامييها وشرفائها موجوداً لمواجهة كل المؤامرات وكل محاولات منع سورية من البث الفضائي».
ولن يمنع هذا العمل الإجرامي الذي يستهدف إسكات صوت الحق والحقيقة الذي ينقله الإعلام السوري، من متابعة مسيرته ومواصلة فضح أساليب المؤامرة وحملات التضليل والفبركات والأكاذيب التي تمتهنها وسائل الإعلام المغرضة ومن ورائها قوى ظلامية استعمارية.