ورغم هذا العنت والعسف الإسرائيلي الذي تجاوز كل الحدود على مرأى ومسمع العالم الغربي ، وبالأخص أولئك الذين يدعون الخوف والحفاظ على الديمقراطيات والحريات وحقوق الإنسان ، إلا أن الشعب الفلسطيني لايزال صامدا وصابرا أمام كل تلك الممارسات الصهيونية التي لاتتوقف .
ولعل الوجه الأبرز لذلك الصمود الذي يعكس بنفس الوقت حجم الإجرام والصلف الإسرائيلي يتجلى بصور انجازات ومعاناة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية الذين لايزالون يسطرون أعظم واكبر البطولات بأجسادهم النحيلة وأمعاءهم الخاوية والتي كان أخرها انتصارهم الأخير على ظلم وجبروت السجان الاسرائيلي الذي يمارس أقسى أنواع القهر والتعذيب بحقهم ، والذي لايتورع عن استعمال شتى الطرق والأساليب لتعذيب كل من يدخل معتقلاته وسجونه وذلك ضمن اليات وخطط ممنهجة ومنظمة ، وهذا ما أكده مركز (أسرى فلسطين) للدراسات في تقرير له الأسبوع الماضي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب تضمن تسليط الضوء على الممارسات الصهيونية ضد الأسرى الفلسطينيين داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، حيث كشف التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أكثر من 80 أسلوباً للتحقيق وعمليات التعذيب الجسدية والنفسية في سجونه ضد الأسرى الفلسطينيين الذي استشهد منهم جراء التعذيب 70 أسيراً من أصل 199 هم شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967.
وأوضح التقرير أن وسائل التعذيب التي يمارسها الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون تعتبر سياسة ممنهجة ومدروسة وبتصريح من (الجهاز القضائي ) في الكيان الصهيوني وليست سلوكاً فردياً ، وأن المحققين الإسرائيليين لا يتورعون عن استخدام أساليب التعذيب المحرمة ضد الأسرى التي تبدأ منذ لحظة الاعتقال ثم تقييد الأسير ووضع رباط على عينيه وإلقائه في الجيب العسكري والاعتداء عليه بالضرب والتهديد والشتم.
غير أن الأخطر في تلك السياسة الإسرائيلية هي أنها تتم باسم القانون وبتصريح من السلطة (القضائية) للكيان الصهيوني ، وهو الأمر الذي يوضح ويكشف من جهة للعالم اجمع حجم إجرام ودموية هذا الكيان المتطرف ومؤسساته التي تنضح عنصرية وإرهابا ، والذي يكشف من جهة أخرى مدى التواطؤ الأميركي والغربي والدولي معه دون الأخذ بعين الاعتبار لحقوق الإنسان عموما وحقوق الشعب الفلسطيني خصوصا في وقت تتدافع دول الاستعمار الجديد تلك لفرض مشاريعها ومخططاتها الاستعمارية على المنطقة تحت شعارات الحرية وحقوق الإنسان .
وفي نفس السياق فقد أكدت الإحصائيات الصادرة عن مركز (أسرى فلسطين ) للدراسات أن 98 بالمئة من الأسرى الذين تعتقلهم سلطات الاحتلال تعرضوا للتعذيب في أقبية التحقيق التابعة لأجهزة الأمن الإسرائيلية ومراكز الاعتقال المختلفة.
الممارسات الإسرائيلية اللاإنسانية بحق الأسرى أكدتها بعض المنظمات الإسرائيلية في الداخل الصهيوني كاللجنة العامة لمكافحة التعذيب التي أكدت استخدام التعذيب والقهر ضد المعتقلين الفلسطينيين فور توقيفهم أو عند نقلهم الى مراكز الاعتقال أو بعد السجن ، موضحة أن الأسرى يكونون مقيدين بشكل عنيف ومؤلم ولا يشكلون أي خطر ومن بينهم قصر يفترض أن يتمتعوا بالحماية حسب القانون الدولي.
وفي ذات الشأن أكد تقرير مماثل صادر عن وزارة الأسرى الفلسطينية الأسبوع الماضي أن إدارة السجون والمخابرات الإسرائيلية بدأت بشن حملة مداهمات واقتحامات مكثفة على غرف وأقسام الأسرى وبطرق عدوانية ومتعمدة بعد مرحلة الإضراب عن الطعام الذي خاضه الأسرى وتحت عنوان إجبار الأسرى على التفتيش العاري المذل.
وبين التقرير أن أكثر من فرقة قمع من قوات الاحتلال تداهم غرف الأسرى ليلاً وتحاول إجبارهم على خلع ملابسهم بحجة التفتيش ما أدى إلى صدامات واسعة بينها وبين الأسرى الذين رفضوا ذلك، وأن اعتداءات وحشية وإذلالاً جرى بحق الأسرى في أكثر من سجن ، وذلك بالتزامن مع توجيه الأسرى المرضى في مستشفى سجن (الرملة ) داخل الكيان الصهيوني نداء استغاثة إلى جميع مؤسسات حقوق الإنسان للتدخل والتحرك لوضع حد للمعاناة التي تزداد تدهوراً نتيجة سياسة الإهمال الطبي التي يتعرضون لها ، وشدد الأسرى في بيان لهم على أن الوضع داخل المستشفى يزداد سوءاً وهناك حالات مستعصية تعيش بين الحياة والموت في ظل المماطلة الطويلة من سلطات سجون الاحتلال في تقديم العلاج اللازم لهم.