كان السبب الرئيس لعدم تقرب الرجال منهن وخطب ودهن بدلا من أن يكون عاملا مساعدا لجذبهم ومن ثم الاقتران بهن وذلك اعتقادا منهم بأن ما يحققنه من نجاح سيكون عاملا مهددا لموقعهم الأمر الذي ينعكس سلبا على تلك الميزة. لذلك لوحظ أن بعض النساء يسعين لإخفاء حقيقتهن والتمويه عليها قدر الإمكان حيث ذكرت طبيبة توليد في إحدى مشافي بيسبرغ «أخبر الرجال الذين التقيهم بأني أعمل في أحد المشافي وأعتني بالمرضى، ذلك بغية إعطائهم انطباعا بأني أعمل ممرضة ولست بطبيبة» وقالت إحدى الشابات التي تشغل وظيفة نائب رئيس جامعة في جنوب تكساس بأنها تقول للرجال الذين تقابلهم في الحياة العامة بأنها موظفة إدارية في مدرسة وتتجنب السماح لهم بمرافقتها إلى المكان الذي تركن به سيارتها الفارهة التي تمتلكها، وتذكر في هذا السياق:»أرغب في إعطاء نفسي فرصة التعرف على أحدهم، ولا أرغب أن يبتعد عن مرافقتي منذ اللقاء الأول عند رؤية السيارة التي أمتلكها».
ثمة أبحاث أخرى أظهرت بأنه في ذات الوقت الذي نجد به بعض الرجال ينصرفون عن المرأة التي تسعى جاهدة لاكتناز المال نلاحظ أن النساء الأكثر دخلا لديهن ميزة أكبر في سوق الزواج والوعد به. ففي شباط عام 2012 تتبع مشروع هاملتون التابع لمبادرة معهد بروكينغز مسارات وآفاق الحياة وعلاقتها بما يتحقق من دخول وأرباح ووجد أن نسبة الزواج قد ارتفعت في صفوف النساء الأكثر دخلا، وأشار إلى تراجع في نسب الزواج للنساء الأقل كسبا في تلك التصنيفات، كما وتبين من الدراسة أن سبب تراجع الزواج لدى النساء ذوات الدخل المحدود يعود بشكل رئيس إلى قناعتهن بقدرتهن الاعتماد على أنفسهن في تأمين احتياجاتهن ورفضهن الاقتران برجل ذي دخل يقل عن دخلهن.
حصلنا على أول مؤشر للتحول الكبير في القناعات عام 2001 من خلال دراسة أجراها العالم النفسي في جامعة تكساس في أوستن ديفيد باس أظهرت أن أهم السمات التي ينظر إليها الرجل بعناية فائقة عند بحثه عن الشريكة هو الدخل دون الاكتراث او إعطاء الاهتمام للجوانب الشخصية وذلك عند نسبة عالية من الرجال. وبشكل مشابه لاحظت المتخصصة في مجال السكان والاحصاءات في جامعة ويسكونسن كرستين شوارتز في بحث نشرته عام 2010 في المجلة الأمريكية «علم الاجتماع» أن الرجال يبحثون عن شريكات للزواج يستطعن تقديم دعم اقتصادي لهم حتى لو أدى ذلك إلى حصول منافسة بينهما.
ويبدو أن الرجال قد أصبحوا على استعداد أكبر للتخلي عن دورهم التاريخي كمعيلين لأسرهم حيث نشر في العام الماضي الاقتصادي في جامعة ستانفورد ران أبراميتزكي (بالاشتراك مع زميلين أوروبيين) دراسة رائعة تلقي الضوء على هذا الموضوع حيث وجدوا في السجلات الديموغرافية للسكان الفرنسيين بعد الحرب العالمية الأولى أن الرجال الذين يعيشون في المناطق التي تتسم بارتفاع معدلات الوفيات (حيث يكون بها عمر الرجال قصيرا) قد ارتفعت بها معدلات الزواج حيث لوحظ بأن الرجال بشكل عام يسارعون للارتباط والزواج بامرأة ذات دخل وموارد يمكن الاعتماد عليها. وكانت المفاجأة لأبراميتزكي تلك المرونة في سوق الزواج وكيف تمكن الرجال من التحول السريع والتأقلم مع التغييرات.
خلاصة القول، أنه على المرأة من الآن أن تستعد لتصبح المعيل الأساس في معظم أسر الجيل القادم وعلى الرجل التكيف مع هذا الواقع عند بحثه عن شريكة له بحيث تتمتع بميزة وجود دخل لديها يمكنها من مجابهة متطلبات الحياة. ولا ريب بأن الرجال والنساء على حد سواء يرغبون بالزواج بمن أعلى منهم دخلا وقد أعطت الحياة الرجل تلك الفرصة. لكن أيتها النساء، لقد واتتكن الفرصة لتأخذن حظكن من السلطة الاقتصادية، تمسكن بها وقدمن للشريك ما يريده لكن بذات الوقت املين ما ينبغي عليه أن يفعله.