تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كاسترو.. حنين كوبا إلى الزمن الجميل!

الانترنت عن موقع counter punch
ترجمة
الاربعاء 27/2/2008
ترجمة: رندة القاسم

قرر فيدل ألا يستمر في الرئاسة, لقد رأيته في نيسان 2001 يومها قال للشخص الذي كان بجانبي: (الأسوأ قد مضى, القضية الآن هي تطوير الاشتراكية) ثم لكزني بأصابعه في صدري وسألني عن الزاباتيين في المكسيك وعن حالة الفقر في مناطق أوضاعها أسوأ بكثير مما مرت به كوبا.

اهتماماته العالمية متباينة بشكل صارخ مع الكوبيين الذين يقصدون الشمال يوميا لأجل الرخاء الاقتصادي.‏

في هافانا أيار الماضي سألني بعض من الذين يعمل آباؤهم في أنغولا عن الحياة في الولايات المتحدة, أولئك الذين في العشرينات والثلاثينات يشعرون بالإحباط وبعضهم يحمل شهادات دكتوراه وماجستير ويمارسون أعمالا أدنى من مستوى تعليمهم ومهاراتهم, الشكوى الكبرى أنهم يمضون أيامهم وهم يفكرون بمشكلة الحياة الأساسية.‏

السنة الماضية سألتني طبيبة بيطرية تعمل على سيارة أجرة في هافانا فيما إذا كانت الولايات المتحدة حقا الجنة التي تتخيلها هي وأصدقاؤها, ذاك المكان الجميل الذي يشاهدونه في الأفلام فقلت لها إنني شاهدت في (ميامي) كوبيين ينظفون دورات المياه ويمسحون الأرض في المطار بينما الآخرون يقودون سيارات الكاديلاك.. وسألتها: ( أي منهم ستكونين?) هزت رأسها, فهي لا تعرف ولكنها تفكر باستمرار بالرحيل.‏

في ميامي سألت نادلة في مطعم كوبي إن كانت تريد العودة إلى كوبا, فأجابت: بعض الأيام كنت أشعر هناك بتوتر أقل رغم الصعوبات في حصولي على الطعام والصابون والشامبو, من يدري?‏

كل أسبوع يصل كوبيون إلى فلوريدا ولكن لا يدخل جميع القادمين الجدد إلى الجنة, وفي دراسة نشرها معهد (بروكينغز) عام 2004 ذكر أن خمس عشرة بالمئة فقط من عائلات ميامي يبلغ دخلها ما بين أربعة وثلاثين ألفا وواحد وخمسين ألف دولار.‏

الكوبيون الأوائل المعادون لكاسترو والمؤيدون ل (باتيستا) والمنتمون إلى الطبقات الغنية والمحترفة أتوا ومعهم ممتلكات مادية وتعليم, وقد استفاد أولادهم وأحفادهم من ثرواتهم التي سرقوا بعضها من الخزينة الكوبية.‏

لقد قام ضباط باتيستا العسكريون بالسطو على طائرات وسفن لنقل الغنائم المسروقة إلى فلوريدا قبل أن يتسلم الثوريون السلطة, وعوضا عن اتهامهم بالسرقة والسطو على الطائرات والسفن, رحبت بهم حكومة الولايات المتحدة ولم ترجع النقود المسروقة.‏

الهجرات اللاحقة حملت أموالا أقل والأغلبية انضمت إلى الطبقة الكبيرة في ميامي ذات الدخل القليل التي تؤدي خدمات ذات أجور زهيدة أو تقوم بأعمال تجارية صغيرة, وأظهرت دراسة (بروكينغز) أن الأجور في ميامي هي الأقل مقارنة بأي مكان آخر.‏

ولكن شخصا يعيش في نيويورك لا يمكنه أن يدرك ذلك وهو يعبر بسيارته أحياء ميامي الفقيرة, فالمطار الضخم والفنادق المبهرة وأبنية المكاتب الحديثة وشاطئ ميامي كلها أماكن تتحدث عن الغنى.. ومع ذلك في عام 2004 صنفت ميامي بالمدينة التي يبلغ دخل العائلات المتوسطة أدنى نسبة وهي 24,031 دولارا.‏

بعض من ذوي الدخل المنخفض أتوا من كوبا, بعض من المشردين أيضا كوبيون, التقيت امرأة كوبية تنتمي لما يسمى أطفال (بيتربان) وهي عملية قامت بها كنيسة كاثوليكية بدعم من (السي آي إي) حيث نقل الآلاف من الأطفال الكوبيين بعيدا عن آبائهم إلى الولايات المتحدة في بداية الستينات, تقول هذه المرأة: (لقد اكتشفت ثانية كوبيتي) زيارتها الأولى كانت عام 1994 خلال فترة صعبة جدا من الناحية الاقتصادية وتقول عن هذه الزيارة:( تبين لي أن القيم في الجزيرة أفضل, مع اهتمام أكبر, في الولايات المتحدة إن كنت فقيرا فأمامك القليل من الملاذ, أما في كوبا فهناك شبكة أمان ودائما لديك أسرة).‏

(بول كروغمان) افتتح مقالا له في صحيفة نيويورك تايمز بعبارة: (الفقر في الطفولة يسمم العقل) والتي ذكرت في تقرير صادر عن الجمعية الأميركية للتقدم والعلوم, ففي الولايات المتحدة يشعر الأطفال الفقراء وكأنهم منبوذون ولهذا يعانون من مستويات غير صحية لهرمونات التوتر التي تؤثر على تطورهم العصبي.‏

وهنا أفكر بالانتقاد المتعجرف لعدم قدرة كوبا على النهوض بشكل كاف بأعباء كل مواطنيها بينما تسكب واشنطن مئات لا تعد من المليارات في حروب فيتنام والعراق.‏

المعادون لكاسترو لن يجدوا بعد الآن كاسترو لينتقدوه, ولكن مرحلة ما بعد كاسترو تحمل معها راؤول كاسترو وبالتالي القليل من التغييرات تلوح في الأفق.‏

في ميامي رأيت تلك الصرخات الصامتة على وجوه كوبية: امرأة تنتظر الباص محدقة بالفراغ دون أي تعابير وكأن حبيبها قد هجرها وأطفالها ماتوا وهي لا تعرف إن كان بإمكانها المتابعة. في ميامي شاهدت التعابير ذاتها على وجه متعب لامرأة في منتصف العمر تعمل في مقهى كوبي.‏

كانت تشتكي من آلام قدميها ولم يكن بإمكانها الحصول على أكثر من تسعة دولارات في الساعة وزوجها يجني اثني عشر دولارا في الساعة مقابل عمله كحارس, وكانت تسألني أو ربما تسأل نفسها: (كيف بإمكاننا أن نعيش هكذا?) وعندما سألتها إن كانت تفكر بالعودة هزت كتفيها, فهي كحال مليون ونصف مليون كوبي قد اتخذت قرارا بمغادرة كوبا وعليها أن تتعايش مع الأمر.‏

بعضهم أحب هذا, البعض تقبله والبعض ندم عليه, وكلهم يقرون بأن فيديل كاسترو غيّر حياتهم.‏

كيف سيقيّمه الكوبيون الآن بعد أن أضحى غير قادر على المضي في واجباته كرئيس بسبب وضعه الصحي?‏

في حوالى نصف قرن قاد كاسترو كوبا من مستعمرة أميركية اقتصادية غير رسمية إلى الوطنية والسيادة.‏

لقد هزم الكوبيون الاجتياح الذي دعمته الولايات المتحدة لخليج الخنازير, وتبعه الآلاف من الهجمات الارهابية بقيادة ال (سي آي أيه) وتجاوزوا أزمة الصواريخ عام 1962 ومع حلول السبعينيات بدأ الكوبيون بالتمتع بصحة جيدة ومستويات تعليم عالية وفريدة بالنسبة لمعظم دول العالم الثالث.‏

وعندما ذهب كاسترو إلى المشفى في تموز 2006 لم يتغير شيء في الحياة الكوبية اليومية والصراع ضد الحقيقة القاسية منذ سقوط الاتحاد السوفييتي.‏

لقد أضحى كاسترو شخصية أدبية ممتعة خلال فترة تعافيه وساعدت إرادة كاسترو ورؤيته ومثابرته على وضع كوبا فوق مسرح التاريخ رغم الجهود الكبيرة من قبل واشنطن لإسقاطها.‏

ولذلك كان كاسترو يقف ك (داوود) ضد (جالوت).‏

إن تعريض الكوبيين أرواحهم للخطر بمغادرتهم الجزيرة لفرص أفضل في فلوريدا يظهر أن الاشتراكية لا تزال تناضل ولكنها بعيدة عن الموت, فطالما أن كاسترو حي ولو حتى في سريره فإنه سيستخدم عقله الذكي لتحسين تجربة العالم الأخيرة في الاشتراكية.‏

سيختار خلفه من بين مجموعة من الرجال والنساء القادرين, راؤول في أواخر السبعينات ولن يستمر كثيرا, والأنظار موجهة إلى (كارلوس لاخيه) وأشخاص من جيله لأجل القيادة, وستغدو الحكومة أكثر شبها بأسلوب اللجنة.‏

فيدل هو أب كوبا الحديثة, فكروا بآلاف الأسماء الكوبية المقترنة بالاحترام والتي مرت بالعالم في حقول العلوم والطب والرياضة والفن والسينما والأدب والموسيقا, لقد أنقذ الأطباء الكوبيون أرواحا في باكستان وفيتنام وعبر افريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.‏

في زمن كاسترو قامت أمة لا تملك مصادر استراتيجية بتغيير التاريخ في جنوب افريقيا, ما بين عامي 1987 و1988 هزم الجنود الكوبيون في أنغولا الحكم العنصري في جنوب افريقيا وبذلك فتحوا الأبواب التي سمحت ل (نيلسون مانديللا) أن يصبح رئىسا, لقد قاتلت وحدة دبابات كوبية في حرب 1973 بالشرق الأوسط وأولاد كاسترو الايديولوجيين يعملون الآن كرؤساء منتخبين لعدة دول أميركية لاتينية, وهناك من هم أقل قربا يحكمون الآن دولا كانت يوما تحت السيطرة الأميركية.‏

لقد عزلت الولايات المتحدة كوبا في الستينيات من القرن الماضي.‏

ولكن كوبا ارتبطت ببقية العالم باستثناء الولايات المتحدة.‏

كاسترو غيّر أيضا الولايات المتحدة بتصدير أعدائه إلى عدوّه الأكبر وبدورهم تمكن الكوبيون الأميركيون في فلوريدا, خاصة عند انتخابات عام 2000 من تغيير مصير الولايات المتحدة.‏

كاسترو في سطور‏

1926: ولد فيدل كاسترو في 13 آب في قرية دي بيران جنوب شرق كوبا.‏

1959: في الأول من كانون الثاني هرب باتيستا الى الخارج. ودخل كاسترو منتصراً الى هافانا.‏

1960: إصلاح العلاقات الديبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي.‏

1961: 4 كانون الثاني, قطع العلاقات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة.‏

1965: وقعت الولايات المتحدة وكوبا على اتفاق يسمح بهجرة الكوبيين الى الولايات المتحدة.‏

1975: أول كونغرس للحزب الشيوعي الكوبي .22‏

1978: إخلاء سبيل حوالي /3500/ سجين سياسي.‏

1980: هجرة /125/ ألف كوبي مرفأ مارييل الى الولايات المتحدة.‏

1989: اتهام الجنرال أرنالدو أوشو بطل حرب أنغولا بتجارة المخدرات وإيقافه ورميه بالرصاص هو وثلاثة من رفاقه.‏

1993: السماح باستخدام الدولار مجدداً. 1994: 5 آب أول فتنة في هافانا منذ أيام الثورة.‏

1998: زيارة البابا بولس الثاني لكوبا. 2001: ضيق شعبي من فيديل كاسترو.‏

2003: الحكم على /75/ معارضاً وسجنهم.‏

2006: 31 تموز بعد مداخلات جراحية أجريت لفيدل كاسترو فوّض جزئياً ببعض السلطات لأخيه راؤول.‏

2008: أُعيد انتخاب فيدل كاسترو في 20 ك2 في المجلس الوطني الجديد.‏

تقاعد في 19 شباط.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية