والدراسة التي قدمتها إدارة السياسات السكانية والهجرة في الجامعة العربية للاجتماع الأول لوزراء الهجرة العرب,تقول إن العمالة العربية المهاجرة تتوزع مناصفة تقريباً بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين بلدان أوروبا (خصوصاً فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا) وأيضا الولايات المتحدة وكندا اللتين تتميز الهجرة إليهما بارتفاع المستوى التعليمي بين أفرادها مقارنة بالهجرات العربية إلى الدول الأخرى.
وأضافت أن نسبة المهاجرين العرب الذين يقصدون دول مجلس التعاون الخليجي انخفضت من 72 في المئة عام 1975 إلى 31 في المئة عام 1990 ثم إلى ما بين 25 في المئة و29 في المئة عام 2002, موضحة أن هذا التراجع كان لمصلحة العمالة الآسيوية التي أصبحت تشكل نحو ثلثي العمالة الوافدة إلى دول الخليج. ونبهت إلى ارتفاع نسب المتعلمين بين المهاجرين العرب الجدد وتنامي هجرة العقول. وقد وجدت الدراسة أمراً إيجابياً لهذه الهجرات تمثل في زيادة حجم تحويلات المهاجرين العرب وتأثير ذلك الأمر إيجابياً, إذ شكلت تحويلات المهاجرين إلى مواطنهم الأصلية أحد أهم مدخلات تحسين العجز في النقد الأجنبي ومعالجة الخلل في موازين المدفوعات, كما أسهمت تلك التحويلات في تمويل بعض مشاريع التنمية في الدول العربية المرسلة للهجرة, مشيرة إلى أن حجم هذه التحويلات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعادل 3.8 مرات حجم المساعدات الحكومية التي تتلقاها هذه الدول.
لكن هل هذه الفائدة تنسينا الخسائر التي أنفقت على إعداد هذه العمالة تعليمياً وصحياً من استثمارات, وهدر فرص الاستفادة منها في التنمية الوطنية , فاذا أجرينا مقارنة بين كلفة دراسة الطالب في جامعاتنا وكلفتها في الدول التي يهاجرون اليها سنجد الفرق الكبير وندرك حجم الخسارة, لأننا بالمقابل نجد ارتفاع كلفة الكفاءات الأجنبية التي نستقدمها لتحل محلها في مشاريعنا التنموية. وقدّر بعض الدراسات, بحسب دراسة الجامعة العربية, خسائر الوطن العربي بسبب هجرة الكفاءات بنحو 1.57 بليون دولار سنوياً. كما لفتت إلى أنه مع ازدياد هجرة الكفاءات العربية, فإن هناك تراجعا وحتى انحساراً متزايداً في الطلب الخارجي على العمالة غير الماهرة, ومن ثم تراكم أعدادها مما يؤدي إلى تفاقم البطالة في الدول العربية وما يترتب عليها من تهميش اقتصادي وتزايد معدلات الفقر.