تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث...هواجس إنسانية

آراء
الاربعاء 27/2/2008
د. اسكندر لوقا

أحسنت إدارة التلفزيون العربي السوري بإطلاع المشاهدين على حياة أحد الراحلين المبدعين الى دنيا الخلود في السابع عشر من شهر شباط عن 74 عاما, هو الصديق الباحث, المؤرخ, الفنان التشكيلي, الدكتور قتيبة الشهابي.

ومساء العشرين من الشهر عينه كان موعد مشاهدي التلفزيون العربي السوري مع الريبورتاج الذي أعدته الاعلامية المعروفة السيدة ميساء نعامة عن الراحل, وبذلك قاربه من لم يكن على معرفة به من قبل هذا التاريخ, وأدرك, في الوقت نفسه كم سيكون حجم الفراغ في مكتبات دمشق من كتب ترد على أغلفتها عبارة من تأليف أو من إعداد الدكتور قتيبة الشهابي وهوالمعروف بعاشق دمشق.‏

إن دمشق ستبقى, في تقديري وفية له, ولكن لا أدري إذا كان الوفاء سوف يتخطى يوما ما مجرد الكلمات التي اعتدنا أن نودع بها أحد معارفنا أو أصدقائنا من المبدعين, وبمعنى آخر لا أدري إذا كان وداع قتيبة سيأخذ اتجاهاً آخر من جانب أحد المعنيين برعاية أو تكريم المبدعين في وطننا حتى بعد غيابهم عنا, وبطريقة أخرى أكثر حضورا وتأثيرا في الساحة الثقافية تحت عنوان: الوطن لا ينسى أبناءه المبدعين.‏

في المقال الذي قرأته منذ أيام عن عتب قتيبة لعدم إضافة اسمه على قائمة المشاركين في تنظيم الاحتفالية بدمشق عاصمة للثقافة العربية أدركت كم هو الألم الذي يصيب صاحب العطاء لوطنه, تأريخا وتوثيقا, حين لا يؤخذ عطاؤه بعين الاعتبار وتحديدا لمدينته على غرار ما فعل قتيبة بالنسبة لدمشق عبر اثنين وعشرين كتابا, ولم يدع للمشاركة في خطوات الإعدادلاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية بيد أن السيدة حنان قصاب حسن أمين عام الاحتفالية, بما عرف عنها من لباقة في تقبل النقد, سرعان ما بررت موقفها من تجاوز الاسم لصاحبه بالذات, ولم يعترض حين وقف على السبب.‏

وما أردت الاشارة إليه أيضا في هذه المناسبة, هو إجاباته عن أسئلة معدة الريبورتاج السيدة ميساء نعامة, وقوله إنه بعد ابتعاد ولديه وأحفاده عنه في بلد الاغتراب, في أمريكا, بات حبيس هواجسه وهو يتشارك برفقة زوجته, مع المرض العضال وقوله إنه لم يبق له من الأولاد والأحفاد سوى الصور التي تذكره بهم كيفما نظر الى أبعد من شاشة الكمبيوتر, تسليته الوحيدة في غربته مع ذاته, ومع أفكاره في سياق الاعداد لنشر كتاب آخر جديد عن دمشق.‏

وبطبيعة الحال, فإن هاجسا إنسانيا كهذا لا بد أن يتنامى في نفس أي واحد منا, وهو يقرأ حجم الألم الذي كان يبدو على قسمات وجه قتيبة وهو يعدد أسماء ولديه وأحفاده ويتصورهم بعيدين عنه, بسبب الاغتراب لا لسبب الاستشفاء أو استكمال الدراسة على سبيل المثال. إن معاناة مسندها اغتراب الابن أو الحفيد, بدافع للاغتراب لا لشيء آخر , لن يستطيع أحد أن يصف تداعياتها في نفس ذائقها , لأنها من حيث المبدأ , غير قابلة للوصف . ومن هنا هاجس الذي يقارب مثل هذه المعاناة ولا يملك وسيلة للحيلولة دون صيرورتها أمرا واقعا أقوى من قدرته على التغلب عليها.‏

إن عبارات الصديق الراحل الدكتور قتيبة الشهابي , في هذا السياق , ربما كانت , كما عايشت معانيها لحظة بلحظة , ربما كانت الأكثر وقعا في نفس المشاهد , وتحديداً عند من يعاني من حالة كهذة الذي عانى منها قتيبة قبل رحيله الى دنيا الراحة الأبدية حيث لاألم ولا هاجس يتعب العقل والنفس Dr-louka@maktoob.com‏

">.‏

Dr-louka@maktoob.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية