و محمد صلاح الدين باشا وزير خارجية مصر, اللذين كانا عضوين في لجنة فحص القبول. ولم يمض وقتٌ حتى جاء الأستاذ زكي طليمات, و طلب من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية بالاستعداد لتقديم مسرحية(البخيل) لموليير, و كانت هذه أوَّل مرَّةٍ تقف فيها على خشبة المسرح, رغم الخوف و التوتُّر و الهلعِ من الفشل; إلى جانب سعيد أبو بكر, شكري سرحان, عمر الحريري, فريد شوقي, عدلي كاسب, علي الزرقاني, نعيمة وصفي, فاتن حمامة.
ثمَّ كان بعد ذلك فيلمها الأوَّل(المتشرِّدة) ,بعد أن رفضها (محمد عبد الوهاب) لتقوم بتأدية دورٍ في مسرحيةٍ غنائية قائلاً عنها : (دي مفعوصة.. البطل هيحب فيها إيه). و قد كان أجرها عن هذا الدور في الفيلم ثلاثون جنيهاً, وقفت فيه إلى جانب محسن سرحان الذي كانت تمثِّل معه دور الأخت الصغيرة , لتصبح بعد ذلك زوجةً له رغماً عن رفض والدتها و خاِلها لمثل هذا الزواج غير المتكافئ; حيث هدَّدتهما بأنَّها ستهرب معه, فكان أن كافأها محسن سرحان و بعد أسبوعٍ واحدٍ من زواجهما بقفل باب الشقَّة عليها عند خروجه من المنزل, و طلب منها الانقطاع عن الدراسة, فهو يريدها (ست بيت). لم يطل زواجهما هذا رغم أنَّها حملت منه ولداً فكان الطلاق بناء على رغبتها, و تزوَّجت بعده من الممثِّل(محمود مرسي) ثمَّ طلَّقته, و تزوَّجت من الكاتب المسرحي(سعد الدين وهبة), الذي وقفت على خشبة المسرح لتمثِّل أوَّل دورٍ لها في مسرحية له(كوبري الناموس) ,التي حقَّقت نجاحاً جماهيرياً, فشاهدها الروائي الطيب صالح, وأُعجب بها, و كان وقتها يشغل مدير قسم الدراما في إذاعة (c.b.b) فأرسل لها عبد المنعم سليم لتذهب إلى لندن و تسجِّل جميع المسرحيات اليونانية لصالح مكتبة الإذاعة البريطانية. ثمَّ تتالت نجاحاتها المسرحية, و في صباح عيد المعلِّم 1964 كرَّمها الرئيس جمال عبد الناصر, فمنحها وسام الجمهورية مع كامل الشناوي و صلاح جاهين. ولم يمضِ على التكريم وقتٌ حتى حصلت مذبحة الأدباء و الصحفيين, التي تمَّ فيها تسريح (62) اثنان وستون منهم, بالإضافة إلى إجراء تنقلاتٍ لهم, كنوعٍ من أنواع العقوبة لذنبٍ لايعرفون عنه شيئاً, و كان من بينهم : أحمد عباس صالح,عبد الرحمن الشرقاوي, نعمان عاشور, سعد الدين وهبة, يوسف إدريس; وعلى رأسهم د- طه حسين. فثارَ الكتَّابُ و غضبوا لكرامتهم و لكنَّ لا أحد يسمع.
حصلت هزيمة حزيران, و في عام 1968 قام الطلبة بمظاهرات في أنحاء الجمهورية يطالبون بمحاكمة المسؤولين عنها- تقول سميحة أيوب: فانقبض قلبي و طلبتُ سعد الدين وهبة في المكتب فقيل لي: عنده اجتماعٌ مهم. لتتفاجأ و قد اخترقت صدره رصاصةٌ حين كان يقف و إلى جانبه الكاتب محفوظ عبد الرحمن في شرفة الهيئة العامة للكتاب. لكنَّها كانت(سليمة), فتمَّ نزعها بعمليةٍ جراحية.
لم يمضِ وقتٌ على الحادثة حتى قرَّر المسرح القومي إنتاج مسرحية(الذباب) لسارتر, أخرجها سعد أردش. و بعد مضي قرابة السنة و نصف السنة على الانتهاء من عرضها, إذا بإدارة المسرح تبلِّغُ سميحة أيوب بأنَّ (جان بول سارتر) و (سيمون دي بوفوار) في الطريق إلى القاهرة, ليشاهدوا عرض مسرحية(الذباب) فتمَّ إعادة البروفات عليها, و كان يوم تقديمها,.. فإذا الصالة مكتظَّة بالمثقَّفين و المسؤولين و الصحفيين, و لا موضع لقدم. و بعد أن انتهى العرض إذا بسارتر و سيمون دي بوفوار ومعهما توفيق الحكيم يصعدون خشبة المسرح فيقبِّلها(سارتر) و يقول لها: أخيراً وجدتُ الكترا في القاهرة.
سميحة أيوب في كتابها تروي ذكرياتٍ فيها أكثر من رواية , وأكثر من مسرحية كانت هي بطلتها, خاصَّةً في الجانب الذي يتعلَّقُ بحياتها مع (سعد الدين وهبة) الكاتب المسرحي, و الزوج, والصديقُ الذي كان من أكثر المدافعين عن عروبة مصر, و الذي شكَّل موته صدمةً كبيرة ً لسميحة أيوب; فهو بالنسبة لها ضميرُ مصر الحيِّ في الثقافة والوطنية والنضال,مثلما هو ضمير المثقَّفين العرب الذين يقفون ضدَّ كلِّ عمليات القمع و التطبيع مع إسرائيل.
صادر عن دار الحكمة/الجزائر العاصمة