مجلس الشعب واجه الحكومة مع بدء انعقاد الدورة الثالثة بمشكلة ارتفاع الأسعار وعدم قدرة المواطن على تحملها وخاصة لمحدودي الدخل والأقل منهم وحتى متوسطي الدخل - رغم قلتهم - ولكن الحكومة كانت جاهزة بإجاباتها على أعضاء المجلس بأن السبب هو الارتفاع العالمي للأسعار سواء بالمواد الأولية أو النفط أو غيره وكأن برتقالنا وخبزنا وحليبنا مستورد حتى يتأثر بتلك الموجة العالمية للأسعار حتى كدنا نبكي على مواطني الدول الأخرى ونشفق عليهم لأن الجهات الرسمية تتذكرهم وتنسانا.
الأجوبة الحكومية التي نسمعها منذ أشهر عدة لم تتغير وبالمقابل الإجراءات التي تتخذها أيضاً لم تتغير وتتمثل بما يسمى التدخل الإيجابي من خلال العودة لتجربة السبعينيات والثمانينيات في تنشيط مؤسسات نسيتها الذاكرة وبنفس الأساليب القديمة الأمر الذي يجعلنا متأكدين أن هذه هي الحدود والإمكانات التي يمكن أن تقدمها الجهات الرسمية وهي بالتأكيد وحسب الواقع لم تقدم أي حلول جذرية, لأن الاهتمام جاء بالصالات فقط وتركت الأسواق على حالها دون تدخل وبالتأكيد فإن عدم تراجع الأسعار في الأسواق يؤكد أن تجربة التدخل الإيجابي لم تحقق الهدف لأنها لم تستطع أن تحقق المنافسة المطلوبة ولو شكلت هذه التجربة ضغطاً على الأسواق لتراجعت الأسعار بشكل طبيعي وفق نظرية المنافسة والعرض والطلب.
وبعيداً عن التدخل الإيجابي ماذا حققت الرقابة?
والرقابة يبدو أنها تحتاج لملفات لوحدها, فالتجربة التي قامت بها محافظة دمشق نهاية الأسبوع الماضي تبين أن الرقابة التموينية والصحية معدومة فالأفران مثلاً التي تصنع خبزنا تبيع خبز السندويش بسعر 35 ليرة دون خوف من أحد رغم أن تسعيرته الرسمية 25 ليرة للكيلو وحتى لا يدخل أصحاب الأفران في جدل مع أعضاء اللجنة التزموا أمامهم وأعلنوا التسعيرة الرسمية ثم عادوا لنزعها بعد ذهاب اللجنة وإذا أرادت الرقابة فرض غرامات فإن هذا لن يشكل عائقاً أمامهم لأن مخالفة البيع بسعر زائد هي 2000 ليرة فقط والفرن يبيع يومياً حوالي 4 أطنان وإذا زاد سعر البيع 10 ليرات يعني لديه مرابح إضافية 4000 ليرة وعندها لن يكون لديه مشكلة إذا دفع غرامة لمرة واحدة مقدارها 2000 ليرة, وحتى لو تكررت يومياً فهو الرابح هذا إذا لم يقم مراقبو التموين بالتغطية على الموضوع خاصة أنهم لا يتحركون إلا بوجود شكوى وإذا لم يكن لديهم شكوى فيمكن للمخالف الاستمرار بمخالفته شرط أن يأخذ بالحسبان حال المراقبين.
وفي الصحة هناك العجب الذي يغفله مراقبو الصحة ولا أعرف إن كان عن قصد أو دونه ولكن الوقائع تثبت أن الوضع الصحي للأفران أو بعض المحال الغذائية الأخرى يحتاج لوضع شروط جديدة في منح التراخيص.
جولة المؤازرة التي نفذتها المحافظة لم تحقق الغرض المطلوب رقابياً وجولات المراقبين أيضاً لا تؤتي أكلها, وكذا الأمر ماسمي بالتدخل الإيجابي.. وأمام هذه الإخفاقات ما الحلول ونحن نتحول إلى أوضاع اقتصادية جديدة لا نعرف منها إلا الاسم فقط?!