ان تحكم العادة والعقلية السلفية في النقد والكتابة والتعليم تجعل كثيرين يرفضون قصيدة النثر العربية على الرغم ان لها ميراثا
حديثا يعتد به بدءا مما كتبه جبران وادونيس وتوفيق صايغ ومحمد الماغوط وانسي الحاج ويضيف فخري صالح في دبي الثقافية وحتى نغادر مربع الحديث عن مشروعية قصيدة النثر العربية علينا ان نقر بان معايير الشعرية اختلفت واصبح الحجر الاساسي في بحث الشعرية هو ما يسمى في النقد النية او القصر وهذا المعيار موجود حتى في النقد العربي القديم ومن يقرأ ما كتبه عبد القاهر الجرجاني سيرى ان الشعر لا يقوم على الايقاع حتى في القصيدة العربية القديمةوانما يقوم على الاستعارة واشكال المجاز المختلفة كما ان نقادا عربا قدماء اسقطوا الشعرية عن النظم الذي يحتفظ بالايقاع ويفتقد الشعر وعلى الرغم من ان الجرجاني وغيره من النقاد وقد تحدثوا عن الايقاع وعن عمود الشعر والوزن فانهم لم يجعلوه شرطا واجبا من شروط الشعرية العربية وكأنهم يفتحون افق الكتابة الشعرية العربية دون ان يقصدوا على المستقبل.
اما في زمننا المعاصر فان الشعر قد يكون مبثوثا في اشكال وانواع من التعبير غير شعرية وقد يكون موجودا في الرواية والفيلم واللوحة التشكيلية لكن ما يسمى بالقصيدة هو مشتق من القصد يتعلق بالحالة الشعرية المبنية في ذلك الشكل من اشكال الكتابة التي تهدف في بنائها الى احداث تأثير من نوع خاص في المتلقي عبر تصعيد الحالة وتوليد طاقة محتشدة بالكثافة والايجاز ويطرح السؤال لماذا نتفاعل مع قصائد كتبها شعراء اجانب وترجمنا قصائدهم نثرا ونقتنع ان نصوص نيرودا اليوت هي شعر وليست نثرا اظن ان هذا يعود الى اننا نعرف ان الوزن ليس هو المعيار المحدد للشعرية.