تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كتاب في التنوير.. حتـــــــــى يغيــــــِّــــــــروا ما بـــــأنفســـــــــــــهم

دين ودنيا
الجمعة 6-2-2009م
ينطلق المؤلف والمفكر جودت سعيد من شرح قوله تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ). ويحاول أن يوضح أن أساس مشكلة تخلف المسلمين، هو جهلهم أن مشكلتهم تخضع لقوانين يمكن كشفها وتسخيرها.. وبالتالي أصبحوا ألعوبة بيد أعدائهم الذين يفرضون أن المشكلات تخضع لقوانين يمكن كشفها وتسخيرها..

ويبين المؤلف أن الدعوات التي تركت أثرها العميق في تاريخ البشرية، إنما بدأت تأثيرها على نفس الإنسان وفكره فغيرتهما؛ وإن هذا التغيير يخضع لقواعد وقوانين هي سنن الله في النفس والمجتمع التي يرتقي المجتمع أو يتخلف بحسبها…‏

ويشتمل موضوع التغيير على جوانب:‏

1- هل التغيير ممكن ؟ وإن كان ممكناً فهل له سنن؟‏

2- كيف أغيرِّ ؟ أو كيف يحدث التغيير؟‏

3- ماذا أغيرِّ؟‏

هذا وقد كان هدف هذا الكتاب يتوجه إلى الموضوع الأول مباشرة، وإلى الموضوع الثاني تبعاً، وإلى الثالث ضمناً. وليس بين الموضوعين الأول والثاني فاصل دقيق، لأن التسليم بإمكان التغيير لا يأتي إلا إذا لاحظ أمثلة في كيف يتم التغيير..‏

فإذا أمكن للإنسان أن يلاحظ التغيير الذي يحدث في الواقع ولم يعرف سنن هذا التغيير ولا كيف يحدث… إن هذا يمكن أن يؤدي به إلى الجبرية والحتمية التي تستبعد سلطان الإنسان على هذا التغيير..‏

إن مثل هذا التسليم بإمكان التغيير، وأن له سنناً، لا يؤدي إلى فاعلية الإنسان، إلا إذا شاهد الدور الذي يمكن أن يقوم به الإنسان.‏

وللإجابة عن السؤال الأول: يكفي أن نلقي نظرة إلى واقع البشر لمشاهدة التغيير. ولعلنا نسمع يومياً حديث الناس بشعورهم بالتغيير سواء في إمكانات الناس الاقتصادية والصناعية أو في التغيير الأخلاقي الذي يلاحظ بين الأجيال، إذ أن هذا التغيير مشاهد…‏

أما كشف أن هذا التغيير خاضع للسنن، وأن الإنسان له سلطان على ذلك، فهذا يحتاج إلى جهد أكبر. وميزة ابن خلدون أنه لاحظ أن لهذا التغيير سنناً، فقد تحدَّث عن الأجيال الأربعة في نشأة الدول وانهيارها، ولكن ابن خلدون لم يلاحظ إمكان السيطرة على هذه السنن. وأما الكشف العلمي بأن هذه السنن تخضع لسلطان الإنسان بشكل من الأشكال، فقد تنبه إليه في العصر الحديث إنسان محور واشنطن – موسكو، قبل غيره.‏

والجواب عن السؤال الثاني هو : لم يكن الموضوع المباشر للكتاب أن يتحدث عن كيفية التغيير.. إلا أن الأمثلة التي ذكرت في فصل ( العلاقة بين سلوك الإنسان وما بنفسه ). وهذا الموضوع هو لبُّ المشكلة، وهو تحصيل العلم وفتح الأسماع والأبصار لتحصيل أفكار موضوعية عن أسباب الأحداث والتغييرات، وهو موضوع رؤية آيات الله في الآفاق والأنفس.. أي إحداث مواقف جديدة برؤية جوانب أعمق وأوسع للأحداث.‏

إن كل فكرة وخبرة تُقدَّم للإنسان، تؤثر في موقفه. وهذا هو التغيير، فكل صورة تُعرض على الأبصار، وكل خبر يُعرض على الأسماع. يهدف ولو ضمناً إلى تغيير موقف، أو يُحدث بالفعل تغيير موقف … سواء كان هذا الموقف إيجابياً أم سلبياً ؛ وإنما يتجلى الحذق في إعطاء مواقف أسلم وأيسر.‏

وأما جواب السؤال الثالث، فهو يشبه الإجابة عن سؤالك : « ماذا أصنع من الحديد بعد أن أعرف صناعة الحديد؟ ». وبالنسبة للمسلم؛ فإن كل أحلامه أن يغير وضعه ووضع العالم الإسلامي. فهو عموماً يعرف – أو يدَّعي أنه يعرف – جواب السؤال الثالث، فهو يعرف ماذا يريد، ولكنه يجهل كيف يحقق ما يريد … لذا عليه أن يتعلم ذلك؛ وهذه الحاجة هي مصدر السؤال الذي ينبئ عن شعور القارئ بالحاجة إلى المزيد من الوضوح والبيان.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 06/02/2009 00:21

لاشك في صوابية فقرات المقال الملخص لفكر جودت سعيد, إنما الشعوب لاتكون جاهلة وتلام على جهلها, بل تلام نخب الشعوب فقط, لأنها أي النخب هي المسؤولة عن التنوير وعن كشف التغيير , وكيف يكون التغيير حسب سنن الكون.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية