وأشارت هذه الأوساط إلى أن إسرائيل بعد عدوانها الغاشم على غزة تقف أمام فشل لا يستطيع أي تضليل كلامي أن يحوله إلى انجاز مضيفة أن المقاومة الوطنية الفلسطينية سجلت وبحق نجاحاً استراتيجياً.
وأكدت ضرورة تنسيق الجهود وتضافرها دعماً لغزة ونصرة لشعبها والعمل الجاد على إعادة اعمارها لافتة في الوقت ذاته أن العدوان حوّل آلاف الدونمات من أراضي القطاع إلى صحراء قاحلة ومناطق منكوبة ولاسيما أن قوات الاحتلال استخدمت القنابل الفوسفورية واليورانيوم المنضب ومختلف الأسلحة المحرمة دولياً والتي لا يمكن التخلص من آثارها البيئية وأضرارها. وأوضحت هذه المنظمات أن الاحتلال هدف من هذا التدمير الممنهج والمدروس إلى خلق أزمة مزدوجة تؤدي إلى القتل المباشر وغير المباشر عبر الأمراض والجوع والفقر.
منظمة الصحة العالمية:
انتهاك للمواثيق الدولية
فقد اكدت منظمة الصحة العالمية ان الدمار الذي الحقته قوات الاحتلال الاسرائيلي في عدوانها على غزة بالعديد من المنشآت الصحية هو انتهاك للمواثيق والاعراف الدولية.
وطالب حسين الجزائري المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية في الشرق الاوسط في تصريح لوكالة سما الفلسطينية بعد زيارته للقطاع بضرورة توفير الرعاية وتعزيز الصحة النفسية واعادة التأهيل للمصابين مبديا تخوفه من تفشي الامراض الخطيرة جراء العدوان.
واشار الجزائري الى انه استمع الى شهادات طبية عن المجزرة الصحية في القطاع حيث أكد المرضى والاطباء على السواء تعدد أنواع الاصابات الخطيرة التي تؤكد استخدام القوات الاسرائيلية لاسلحة محرمة دولية داعيا الى فتح المعابر و صياغة الموقف الصحي في القطاع.
محام فرنسي: مقاضاة مجرمي الحرب
بدوره رجح المحامي الفرنسي جيل ديفير أن تكلل الجهود التي تبذلها حاليا مئات المنظمات الحقوقية المناصرة للقضية الفلسطينية بمحاكمة القادة الإسرائيليين المتورطين في جرائم الحرب التي اقترفها الجيش الإسرائيلي أثناء عدوانه الأخير على قطاع غزة.
وشجب منسق الفريق القانوني للائتلاف الدولي من أجل مقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين أثناء مؤتمر صحفي عقده في باريس إقدام السلطات المصرية على منع بعثة من هيئته من دخول غزة عبر معبر رفح البري.
وأكد رجل القانون الفرنسي -الذي تولى صياغة نص الدعوى المرفوعة ضد القادة الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية- أنه «مقتنع بأن الجهود الحالية ستفضي عاجلا أم آجلا إلى مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين»، مشيراً إلى أن تلك المقاضاة «قد تتم أمام الهيئات الدولية أو أمام المحاكم الوطنية أو الاثنتين معا».
ودافع ديفير عن قرار المنظمات الحقوقية ملاحقة الساسة والعسكريين الإسرائيليين، معتبرا أنه يعكس «رفض الضمير العالمي لإفلات مجرمي الحرب من العقاب».
وشدد المحامي الفرنسي على أن غياب متابعات قضائية جدية في حق القادة الإسرائيليين في الماضي هو الذي شجعهم على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، مذكرا بأن «المجرم الذي يظل خارج السجن لا يمكن إلا أن يرتكب جرائم أشنع من تلك التي اقترفها في السابق».
وأثنى منسق الفريق القانوني للائتلاف الدولي لمقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين على ما أسماه «الإجماع الوطني الفلسطيني» حول هذه القضية، مؤكدا أن ذلك الإجماع تجسد عبر قبول السلطة الوطنية الفلسطينية باختصاص المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق بشأن آثار العدوان الإسرائيلي على غزة ومساندة قيادة حركة المقاومة (حماس) لهذا المسعى.
وكشف ديفير عن نية الائتلاف -الذي يتكون من 412 منظمة حقوقية من العالم العربي وأوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية- إطلاق موقع إلكتروني بغية إطلاع الجمهور على سير المسطرة القضائية التي حركت ضد القادة الإسرائيليين.
وأوضح أن الفريق القانوني للائتلاف -الذي يتكون من حوالي أربعين محاميا أغلبهم أوروبيون وعرب- يتحرك على ثلاثة أصعدة لمقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين، «أولها المحكمة الجنائية الدولية، وثانيها محاكم البلدان الأوروبية التي تقبل الاختصاص العالمي، وثالثها المحاكم الوطنية التي يحق لها أن تبت في كل قضية من هذا النوع يكون الضحية فيها من حاملي جنسية بلد المحكمة».
وكشف ديفير أن المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو قد طلب من الائتلاف موافاته بأدلة مادية تثبت ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة حتى يتسنى له النظر في إمكانية فتح تحقيق بهذا الشأن.
وقال المحامي الفرنسي «من أجل هذا، أرسلنا بعثة قانونية إلى غزة إلا أن السلطات المصرية لا تزال تمنعها من دون أدنى مبرر من دخول القطاع». وتساءل المحامي الفرنسي «كيف تفتح لنا المحكمة الجنائية الدولية بابا لمقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين ثم تقوم دولة عربية بإغلاقه؟».
وكشف ديفير للجزيرة نت عن نية الائتلاف إيفاد ثلاث بعثات أخرى إلى غزة لجمع الأدلة، موضحا أن الأولى ستتكون من مختصين في الطب الشرعي والثانية من خبراء في الأسلحة في حين ستتكون الثالثة من باحثين اجتماعيين سيناط بهم إحصاء الضحايا والتثبت من نسبة المدنيين بينهم وتصنيفهم حسب فئاتهم العمرية.
ومن المقرر أن تقوم كل بعثة، بعد انتهاء مهمتها في القطاع، بإعداد تقرير معزز بالوثائق والصور، يرفع لاحقا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
يديعوت أحرونوت:
المقاومة سجلت نجاحاً استراتيجياً
من جهتها قالت صحيفة يديعوت احرونوت ان اسرائيل بعد الحرب على غزة تقف أمام فشل لا تستطيع أي فذلكة كلامية أن تحوله إلى انجاز.
واضافت الصحيفة الاسرائيلية في مقال لها ان استئناف اطلاق الصواريخ من غزة يؤكد الفشل الاسرائيلي ولكن ما حصل ليس مفاجئا لان اسرائيل أرادت من حربها على غزة تحقيق المستحيل من خلال محاولة خلق حالة ردع لكن الاستعراضات تبقى استعراضات.
وقالت ان من اعتقد أن بالامكان تحقيق انجاز أيا كان بالاكتفاء باستعراض القوة العسكرية فقط فانه يثبت أن تفكيره كان مماثلا لتفكير أولئك الذين حاولوا ضرب حزب الله، فكما في لبنان هكذا في غزة أيضا حاول مديرو المعركة تحقيق النصر عن طريق الاعلان عن نصر بدل تحقيق النصر بشكل ملموس.
وأضافت يديعوت احرونوت مرة أخرى برزت المحاولة لخلق صورة لنجاح بدل نجاح حقيقي ومرة أخرى فشلت المحاولة لخلق حالة ردع لافتة ان حماس سجلت وبحق نجاحا استراتيجيا.
استطلاع للرأي: ارتفاع شعبية المقاومة
الى ذلك أظهر استطلاع للرأي ان العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة عزز شعبية حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية حماس في حال جرت انتخابات الان.
وذكرت الوكالة الفرنسية ان الاستطلاع الذي اجراه مركز القدس للاعلام والاتصال كشف انه في حال جرت انتخابات تشريعية الان في الضفة الغربية وغزة فان حماس ستفوز بـ28.6 بالمئة من الاصوات.
وحلت حماس ايضا في المرتبة الاولى بين الحركات التي تحظى بثقة الفلسطينيين حاصدة 27.8 بالمئة من التأييد تليها حركة فتح كما ان رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية يحظى بأكبر درجة من الثقة بين الفلسطينيين.
واعتبر 46.7 بالمئة من المستطلعين ان حماس خرجت منتصرة من الحرب على غزة التي استمرت بين 27 كانون الاول و 18 كانون الثاني.
مركز فلسطيني: جرائم متعمدة
من جهته أكد المركز الفلسطيني للدفاع عن الاسرى ان قوات الاحتلال ارتكبت خلال عدوانها على قطاع غزة الذي استمر قرابة 23 يوما جرائم حرب منظمة وبصورة موثقة ومتعمدة بحق عشرات الاسرى الفلسطينيين الذين اعتقلهم الجيش الاسرائيلي في منازل وقاموا باعدامهم بدم بارد.
ونقلت وكالة معا الفلسطينية عن المركز قوله انه تم اعدام الاسرى باطلاق الرصاص المباشر او باطلاق القذائف والصواريخ بناء على شهادات الناجين من الحرب على غزة مؤكدا ان قوات الاحتلال خالفت المواثيق والاعراف الدولية ولم تتعامل مع هؤلاء الاسرى كأسرى حرب بل قامت باعدامهم وبينهم اطفال ونساء.
من ناحيتها افادت الفلسطينية ميساء فوزي السموني من سكان حي الزيتون ان الجنود اقتادوها مع ابنتها البالغة من العمر تسعة اشهر ونحو ثلاثين اخرين من افراد العائلة إلى منزل احد اقربائهم وامرهم الجنود بمرافقتهم الى منزل حتى اليوم التالي وفي صباح اليوم التالي اطلقت الدبابات الاسرائيلية قذيفة على المنزل ليسقط ثلاثون شهيدا ونحو عشرين جريحا.
واضافت ميساء انها فقدت زوجها ووالديها وسبعة من اقربائها.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اتهمت جيش الاحتلال بمنع مسعفيها من الوصول إلى حي الزيتون حينها وقالت ان فرقها انتشلت بعد انتهاء العدوان عشرات الجثث من منزل في حي الزيتون بمدينة غزة.
« معا »الفلسطينية: كوارث بيئية غير مسبوقة
بدورها أكدت وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة ان ما يربو عن 20 الف دونم من الاراضي الزراعية المتميزة في قطاع غزة أصبحت صحراء قاحلة جراء العدوان الاسرائيلي على غزة.
ونقلت وكالة معا الفلسطينية عن نزار الوحيدي مدير دائرة النظم والمعلومات قوله ان الاراضي الواقعة إلى الشرق من شارع صلاح الدين بدءا من وادي غزة إلى حدود بيت حانون ومناطق شمال بيت لاهيا وشرقي خزاعة في جنوب قطاع غزة تم تجريفها تماما وأزيل الغطاء النباتي عنها.
وأضاف ان جميع المنشات والمباني الزراعية وابار المياه دمرت في هذه المناطق اضافة إلى اقتلاع ما يربو عن مليون شجرة مثمرة ما يعرض المنطقة لكوارث بيئية غير مسبوقة.
وأشار إلى ان قوات الاحتلال أنشأت الاف الحفر والمواقع والسواتر الترابية لحماية الاليات ومرابض المدفعية والجنود الاسرائيليين. وقال ان استخدام قوات الاحتلال الاراضي الزراعية للعمليات العسكرية جعل منها منطقة منكوبة بالقنابل الفوسفورية واليورانيوم المنضب ومختلف الاسلحة المحرمة دوليا والتي لا يمكن التخلص من اثارها البيئية وأضرارها في المدى القريب. واعتبر الوحيدي ان استعادة الطبقة السطحية من التربة لخصوبتها مشكلة بيئية معقدة وعودة النشاط الحيوي لها تفوق القدرات والامكانيات الفنية والمالية واللوجستية المحلية خصوصا بعد تدمير المرافق البحثية والمختبرات العلمية التي كانت تعتمد عليها الوزارة في البحث والتحليل. وأوضح الوحيدي أن قوات الاحتلال قامت بهذا التدمير الممنهج والمدروس بهدف خلق أزمة مزدوجة تؤدي إلى القتل المباشر وغير المباشر عبر الامراض والجوع والفقر حيث ان الزراعة هي صمام الامن الغذائي الذي يوفر جزءا من الغذاء للمواطن الفلسطيني رغم الحصار الممتد لسنوات. ودعا الوحيدي جميع العاملين في مجالات البيئة وسلامة النظام البيئي وحقوق الانسان للحضور إلى غزة والوقوف إلى جانب القطاع في هذه المعركة البيئية التي تشنها حكومة الاحتلال.
محامية لبنانية: كيان ارهابي
من ناحيتها اعلنت المحامية مي الخنساء رئيسة منظمة التحالف الدولي لمكافحة الافلات من العقاب المسجلة دوليا والعضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة انها قدمت بالتعاون مع حقوقيين ومحامين من دول عدة من بينهم ثلاثة محامين اسبان دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد قادة اسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وابادة جماعية ناجمة عن العدوان على قطاع غزة واستمرار الحصار المفروض عليه. وقالت الخنساء: ان الدعوى مرفقة بدراسة قانونية موسعة وتتضمن وثائق عديدة تفضح الارهاب الصهيوني بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
واضافت ان الدعوى الجديدة ستضاف الى دعوتين اخريين مسجلتين لدي المحكمة الجنائية الدولية .
وأكدت ان منظمة التحالف الدولي لمكافحة الافلات من العقاب واثقة من ان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية سيكون ملزما بتوقيف كبار القادة الصهاينة المدعى عليهم.
لجنة العمل العربي المشترك: دعم غزة وإعادة إعمارها
من جهة اخرى تبحث لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك خلال اجتماعها الطارئ يوم الاربعاء المقبل اعادة اعمار قطاع غزة ومناقشة الدور الذي يمكن أن تقوم به المنظمات العربية في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني والمساهمة في جهود اعمار غزة.
وقال مصدر مسؤول بالجامعة العربية ان الاجتماع يأتي في اطار تنفيذ قرارات القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت يومي التاسع عشر والعشرين من الشهر الماضي مشيرا إلى أن الاجتماع سيناقش الخطط والبرامج التنفيذية التي ستضعها كل مؤسسة ومنظمة عربية في مجال دعم غزة واعادة اعمارها.
وأضاف ان الاجتماع سيناقش كيفية اعادة اعمار غزة من خلال برامج اعادة تأهيل وبناء وفق الاليات العربية والدولية المعتمدة والاستمرار في تقديم المساعدات الانسانية والاغاثة لاهالي القطاع ودعوة الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وبالتعاون مع البنك الاسلامي للتنمية والبنك الدولي للانشاء والتعمير لسرعة حصر وتقييم حجم الدمار الذي لحق بغزة جراء العدوان الاسرائيلي الهمجي على القطاع.