بعد أن كان يلعب دور المحرك من خلف الستار لأدوات تتولى تنفيذ المهمة بدلا منه كان مرتبطا بالانجازات الميدانية الناجحة للجيش العربي السوري البطل ضد المجموعات الارهابية المسلحة والتي تعرضت لسلسلة من الهزائم والضربات النوعية الموجعة والتي شكلت ضربة قاصمة للدول الداعمة لها , ولم يكن العدوان الإسرائيلي الأخير على مركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا في ريف دمشق إلا عبارة عن محاولة يائسة لرفع معنويات العصابات المنهارة إضافة إلى تعطيل الجهود المبذولة لدفع عملية الحوار الوطني والتي ستشكل عامل ضغط على مواقف الدول العربية والاقليمية والدولية باتجاه التسليم بالحل السياسي للأزمة , فالانتصار السوري على المخطط المرسوم يعني كشف الإستراتيجية الأمريكية لعقود من الزمن وفي حسابات الفشل الاستراتيجي ستكون الخسارة التي ستلحق بالغرب عموما وإسرائيل خصوصا كبيرة ومن هنا يمكن فهم التبني الأمريكي لهذا العدوان الإسرائيلي.
فالخبراء والمحللون العسكريون يعربون عن خطورة تقارب إسرائيل مع العصابات الارهابية المسلحة وخاصة في ظل توقف عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط وتكمن هذه الخطورة في الدعم الإسرائيلي لتلك العصابات مقابل تقديمها الوعود بعقد اتفاقيات سلام وضمان سلامة الأمن القومي لإسرائيل, ويشير المحللون إلى أن افتتاح مكاتب اتصال لما يسمى بالائتلاف الوطني في واشنطن ونيويورك لم يتم إلا لاستخدامها للاتصال المباشر مع ممثلي إسرائيل وهذه السوابق سيكون لها تأثير سلبي للغاية على تسوية الأزمة السورية, فالخبراء العسكريون يشككون بصدق نيات إسرائيل في تقاربها مع المعارضة المسلحة, حيث تخفي تل أبيب تحت غطاء هذا التقارب عددا من الأهداف العسكرية والسياسية وأهمها:
-محاولة قطع الطريق على تقدم خيار الحل السياسي السلمي للأزمة في سورية من خلال بداية ممكنة للحوار بين الحكومة والمعارضة والعمل على إنعاش خيار التدخل العسكري الاقليمي الدولي في سورية .
-التناقضات داخل المعارضة المعتدلة والمتطرفين الاسلاميين وهذا يلغي امكانية الجمع بينهما في وجه التهديدات الإسرائيلية ويضع الشروط اللازمة لاستخدام احدهم لتدمير الآخر مع ملاحظة التعاون الامني والاستخباراتي بين العصابات المسلحة والمخابرات الإسرائيلية حول الوضع في سورية.
-اتصالات المعارضة مع إسرائيل تخدم الأهداف الإسرائيلية لما في ذلك من اهمية في جمع المعلومات عن القوة الدفاعية السورية ومراقبة الوضع العسكري والسياسي في سورية .
- استخدام إسرائيل للعصابات المسلحة بهدف جمع المعلومات واستخدامها في عمليات عسكرية إسرائيلية عدوانية على أهداف محددة في سورية , وينبغي ان لاننسى تجربة الحرب اللبنانية الإسرائيلية في صيف 2006 والتي من خلالها حقق القصف الإسرائيلي دقة عالية في ضرب أهداف محددة نتيجة المعلومات التي حصل عليها من عملائه في لبنان .
-والخطر الاكبر وفق وجهة نظر الخبراء يكمن في تقارب تل أبيب مع العصابات المسلحة لاستخدامها في محاولة تنظيم عمل استفزازي اخر ضد سورية واستخدام سيناريوهات مختلفة لذلك مثل هجمات للعصابات المسلحة والتكفيرية ضد الأراضي الإسرائيلية سيتم اعتبارها كرد سوري على الهجوم الإسرائيلي على مركز البحوث العلمية في جمرايا واستخدام ذلك كذريعة لحشد تدخل عسكري دولي ضد سورية.
يتجلى ذلك الترابط والتقارب بين إسرائيل والمجموعات الإرهابية المسلحة بشكل واضح عسكريا من خلال الأسلحة الإسرائيلية الصنع التي يتم ضبطها بحوزة الإرهابيين والعدوان المباشر من خلال قصف الطائرات الإسرائيلية لاحد مراكز البحث العلمي في ريف دمشق بعد اخفاق محاولات الإرهابيين في مهاجمته واعلاميا عبر تقارير مراسلي الاحتلال الإسرائيلي الذي يؤمن الارهابيون الغطاء لهم للتسلل إلى داخل الأراضي السورية حتى وصل الأمر أخيرا إلى رئيس مايسمى الائتلاف الوطني للمعارضة أحمد معاذ الخطيب الذي أكد في لقاء مع صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية أن ماسماه النظام الجديد لن يعادي إسرائيل أو يهاجمها وأكد الخطيب للصحيفة المذكورة تلقيه معلومات من جهات اسخباراتية أوروبية وأمريكية وألمانية وفرنسية عن تحركات الجيش العربي السوري وقواعده منوهين إلى أن ماقامت به إسرائيل من اعتداء على سورية نابع من رغبتها بإلحاق الهزيمة بسورية التي تكمن ملامح قوتها في مجموعة من العوامل الاساسية كالخبرة القتالية والروح المعنوية التي اظهرها الجيش العربي السوري لفترة زمنية طويلة والتي لم يكن أحد من أطراف العدوان يعتقد بوجودها يضاف الى ذلك تماسك الدولة وصمود الشعب السوري في ظل دعم اقليمي ودولي من حلفاء أثبتوا أنهم سيبقون إلى جانب سورية حتى النهاية وبالتالي فإن هذه الرغبة الإسرائيلية بعيدة المنال عنها فإسرائيل كانت ولا تزال وراء كل ما جرى وما يجري بدعم من الغرب الاستعماري وبمشاركة مشيخات الخليج والعثمانية الجديدة وبالتواطؤ مع الاخوانية وعبر تقاسم الدور مع الإرهابيين والمرتزقة.
ومن هنا يمكن القول ان ماقامت به إسرائيل ربما هو اخر ورقة يحاول اعداء سورية اضافتها إلى اوراق التفاوض القادمة لملامح النظام الاقليمي المتفق عليه أو الذي يتم الاتفاق عليه حاليا لكنه وعلى مايبدو لن يقدم شيئا للحلف العدواني وهو سيكون ورقة محروقة لن يقرأها المتفاوضون ولذلك نجد أن هذا المخطط يقع ضمن أهداف ما يسمى بالربيع العربي في المنطقة إلا أن سورية ستنتصر من خلال تمسكها بمقاومة الاحتلال فحصانة أي نظام عربي اليوم هو تمسكه بمقاومة الاحتلال والتصاقه بالأهداف القومية لشعبه والدفاع عنها وان يفعل كما فعلت سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد بمحاربة الصهيونية والإرهاب الأصولي التكفيري والسياسات الأمريكية التي تدعمها وإسقاط كافة المخططات الأمريكية والغربية والإسرائيلية الداعمة لأمن إسرائيل والتي تحاك ضد المنطقة لنهب خيراتها.