تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحراك الوطني وخطوة الحوار الأولى

شؤون سياسية
الخميس 28-3-2013
بقلم الدكتور فايز عز الدين

لا تزال التجاذبات متعددة حول فكرة الحوار التي تحولت إلى المبدأ الأهم للحل الوطني والسياسي في سورية؛ صحيح أن معظم الذين داخل سورية من المعارضة ليسوا رافضين لها، لكن - كما يرون - يحتاج الأمر إلى المزيد من تجسير الهوة وتوفير الثقة بين طرفي المسألة أي الدولة والمعارضة.

وطَرْحُ موضوعاتٍ متصلة ببناء الثقة قد لا يكون عرقلة بوجه المؤتمر الوطني للحوار لذا أخذنا هذا الحال بحسن النية، والمطلوب من الدولة أن تسدّ الذرائع جهد الإمكان على قاعدة أن الوطن ومصالحه العليا يحتل الأهمية الأولى في هذا المسعى للخروج من الأزمة، وخلق التوافقات اللازمة التي تستجمع القواسم المشتركة الكفيلة بوجود أرضية مشتركة بين الطرفين المعنيين بالأزمة هو الَمَعْبَرُ المهم نحو الأرضية المشتركة المتوجّه إليها.وعلى الطرف الآخر لم تعد التجاذبات خارج الوطن خفية بمداليلها على أي عقل تحليلي موضوعي، حيث إن نتائج المداولات الأخيرة بين الذين يعارضون خارج الوطن ويحاولون تشكيل مكوّن حكومي يدير المناطق التي يدّعون السيطرة عليها لم تسفر عن أي شيء يمكن أن يضيف إلى أوراق اللعبة ورقة رابحة، فالمزيد من الإصغاء للأوامر الأميركية فتّت هؤلاء وجعلهم يدورون في حلقة مفرغة كشفت عن خصوصيات ساهمت في تصحيح الكثير من الأفكار المغلوطة عند الشعب السوري حول طبيعة هؤلاء، ومنهجية علاقاتهم الداخلية التي من المفروض أن تحمل نموذجاً يحلله المواطن السوري ويقتنع به.‏

أما حين يرى المواطن السوري أن الانقسامات ليس على كيف نخدم المصالح السورية؟ بل على كيف نخدم المصالح الأمروصهيونية؟ فالطبيعي أن تنتصر في الذهن السوري مقولة إن لم تأتني بما هو أفضل مما لدي فدعني بما أنا عليه. وهكذا صار المواطن يراقب، ويتأكد من أن الحلول عند الذين هم في الخارج غير محتملة، والتخطيط لبلدنا من على الحدود التركية كذلك لن يأتينا بما ينفع، وبه فليس لنا إلا تحديد الخطوة الأولى لمسيرة الألف ميل ثم إنجازها، ومن هذا المبدأ تم انعقاد المؤتمر الوطني للحوار في سورية بمبادرة جهات وشخصيات وطنية ليمثل خطوة أولى تمارس منظومة من العمل تقتضي أن يرتفع الجميع إلى مستوى المسؤولية عن وطن تقرر أن يدمّر من الأعداء الذين خططوا لتدميره، وعلينا كمواطنين ووطنيين أن نحميه، وننقذه بمثل هذه اللقاءات التي تتداول الشؤون المعنية بالحل على قاعدة المصالح الوطنية العليا للشعب السوري، والوطن السوري.‏

ومن الطبيعي أن الوطني مهما كانت لديه رؤى تحسب الخلاف أو الاختلاف من غير اللائق به أن يعرقل عملية الشروع باللقاء، والتحاور، وتحديد ما الخطوط العريضة للتوافق، أو القواسم المشتركة للحل، فالمهم بالأمر أن يوجد الشريك الوطني بالحوار كامل الشراكة وأن يرى الجميع بالعين السورية الواقع السوريَّ والوقائعْ، وأن يكون سلّم الأولويات لديهم سليماً يصل بنا إلى تحديد صورة ما نحن عليه، وصورة ما يجب أو يجدر بنا أن نكون فيه. وفي هذا المسعى سنرى إلى الذين يحوّلون ما يحدث في سورية إلى مسؤوليات جزئية ليست بذات علاقة صحيحة بما تم إدخالنا فيه؛ إِنْ عَبْرَ أخطائنا، أو عبر العوامل الخارجية بمنظار الفهم العميق الموضوعي فالذي يحدث في سورية لا يستدعي مؤتمراً طائفياً في مصر، ومَنْ يجد مصر بيئة سياسية تُقتدى هذه هي مصر تدخل في صدامات تشير إلى رفض الشعب المطلق للمكون الواحد والعودة إلى الدولة الشمولية ذات الطيف الواحد، ولذلك لا تمتلك مصر دواء لعلاج الآخرين فهي العليلُ الذي يحتاج إلى الدواء، ولم تكن بما دخلت به الطبيب المداويا.إذاً؛ تعالوا إلى طاولة الحوار ونحن معاً فيما تستدعي هذه الطاولة من مستلزمات، ومتلازمات ومهما كانت فيما بيننا تجاذباتٌ مرضيةٌ أم غير مرضيةٍ فالمهم أن نؤسس معاً لثقافة الاختلاف، وأن نتعلم قبول الآخر، وأن نقتنع معاً بأن مفاتيح الحل بأيدينا، ولا بد أن نحسن فتح الأبواب، وفتح العقول على كل ما هو معقول.‏

ويقال في الفكر الفلسفي: إن الحرية هي أن تعرف المعقول وتتصرف على أساسه، وعلى هذا المنهج لا ندحة لنا إلا أن نؤيد كل خطوة تتم على طريق الحل، ونؤشر على الخُطا المطلوبة بعد، ونعمل على أن يجري تحقيقها فالمهم أن يبدأ دولاب ناعورة الوطن ينتشل الماء، ويصبُّ في حقول الخير للجميع في وطن الجميع. ومن نتائج ما حصل أن نأخذ الثقة بأن البداية دائماً لها أحوالها، والتمرّس له مقتضاه، والوصول للنضج المأمول يحتاج لزمنه وللجهد المأمول. وإذا كنا نرى أن تحرّي آثار ما صبّتْ علينا الميديا الإعلامية الدولية وما زالت تصب ضرورة فالمهام الأولية فيه بأن نعيد توازن العقل لدى المواطنين إلى المستوى المطلوب فهناك حوارات أسرية، ومناطقية، وسورية تعكس حالة من التخاصم غير المسوّغ وقد عملت الأطراف الخارجية على خلق حالة انقسام كاملة في العقل السوري حتى تصبح معادلات التنافي، والإقصاء والتقاتل هي الحاكمة، وبالمقابل حتى تستبعد معادلات التجادل بالموعظة الحسنة ويخسر السوريون وحدتهم الاجتماعية، والروحية، والسياسية، ومن ثم الجغرافية.‏

إن المهام الكبرى أمام الدولة أولاً بأن تجترح كل السبل لعقد ورشات وطنية للخبراء تتم فيها عمليات مراجعة نقدية ولو طالت مَنْ تطال من الذين كانوا فيما تصرفوه قد أوصلوا البلد إلى ما وصلت إليه. وبدون المراجعات النقدية، وتحديد التصورات الوفاقية، وتصنيع المطلوب من الثقة بالشراكة والشريك واستخدام حكماء البلد، وعلمائهم قد لا ندخل حلقات الشروع والخروج معاً بالحل السوري لخير السوريين، ولبلد واحد عزيز، كريم، موحّد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية