تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نبضات.. بلا تفسيرات

معاً على الطريق
الخميس 28-3-2013
لينا كيلاني

ألواح الرصاص الثقيل يقول العلم إنها تستطيع أن تكوّن عازلاً للأمواج الكهرطيسية، إلا أن حالات التخاطر عبر الأمواج الكهرطيسية استطاعت أن تخترق الألواح العازلة، وأن تتحرك بين مرسل ومستقبل ولو كان أحدهما أو كلاهما وراء ألواح الرصاص الثقيل.

هذا ما عرفه العلم حتى الآن، وهذا ما وقف حاجزاً في الاتصالات اللاسلكية التي اخترعها الإنسان، لكن هذه الظواهر تجاوزت ذلك فسميت بالظواهر الخارقة لأنها لو خضعت لما توصل اليه العلم لما سميت كذلك، ومن جرائها أصبح هناك علم من الماورائيات اسمه (التلباثي)، أي قدرة عقل شخص ما على الاتصال بعقل شخص آخر مباشرة دون أي وسيط بينهما. ويرجع العلماء هذا الاتصال الى قدرة الطاقة الكهربية للعقل البشري على الوصول الى عقل آخر بواسطة النبضات الكهربية التي تقع ضمن مجال كهرطيسي ذي قطبين.‏

ومن الطريف أن هذا النشاط الذهني الذي يقع بين شخصين يكون أحدهما مرسلاً والثاني مستقبلاً إنما يتحقق بين اثنين يقع كل منهما في دائرة اهتمام الآخر، وضمن ساحة مشاعره الايجابية. أما مسافات المكان والزمان فلا تأثير لها في حالات التخاطر لأن الأمر يتحقق مهما تباعد الطرفان مادام هناك مَنْ يبث الأفكار من جهة ومَنْ يستقبلها في جهة أخرى.‏

ليس في هذا جديد مما أقول إلا أن ما وجده العلماء مؤخراً نتيجة التجارب والتطبيقات أن الوصول الى اللاوعي عن طريق التخاطر هو أفضل طريق لتحقيق الهدف منه في التأثير على المتلقي، أما الوقت الأفضل لذلك فهو عندما يكون المتلقي نائماً بحيث يكون لاوعيه مهيئاً للاستقبال كون صاحبه في حالة سكون تام، إذ يمكن للعقل الواعي أن يكون مستقبلاً معارضاً في بعض الأحيان.‏

ويستطيع عقل المرسل ذي الشخصية المسيطرة أن يكون مستقبلاً في الوقت ذاته. والتلبثة أو التخاطر بحاجة لأشخاص يتمتعون بحساسية عالية يستطيعون معها القيام بهذا التواصل الذهني، ولو أن المرسل يكون عادة في حالة تحفز واستنفار، والمتلقي في حالة استرخاء وهدوء. ومن التخاطر ما هو متقدم بحيث يلتقط المتلقي الرسالة قبل إرسالها، ومنه ما هو متأخر بحيث يتلقى المستقبل الرسالة بعد مدة زمنية من إرسالها وقد تختلف طولاً أو قصراً حسب طاقة المتلقي.‏

ويظل التأثير الأكثر فاعلية لحالات التخاطر عندما يكون المرسل منفعلاً ومتوقداً إضافة الى استحضاره لصورة المتلقي بأدق تفاصيلها من حيث ملامح الوجه، ونبرة الصوت، والسمات المميزة للشخصية. وفي حال وجود علاقة عاطفية تربط بين الطرفين فإن تأثير التخاطر يكون قوياً بمقدار قوة القدرة الذهنية وطاقة المرسل.‏

يقولون إن المرأة هي أقدر على التخاطر أو (التلباثي) من الرجل، كما أنها الطرف الأقوى في اللعبة نظراً لما تتميز به من دفء العاطفة والمشاعر. فهل هذا الأمر إذن مرهون الى حد ما برهافة الأحاسيس وقربها من السطح تأثراً وتأثيراً؟ والذكاء بالتالي أليس مقياساً للقدرة على التخاطر؟ لكن الأذكياء الذين يلتقطون الأحداث في لمحاتها فيدركون أبعادها قد تكون لديهم القدرة أكثر من غيرهم على التخاطر.‏

وإذا كان التخاطر يعرف على أنه تحرك عفوي للمعلومات بين عقل وآخر فإن الإنسان البدائي الذي نما على الفطرة كان لاشك قادراً على التخاطر خاصة وأن وشائج الرابط الإنساني كانت أكثر قوة فيما بين المجتمعات البشرية، وهي تشكل في ترابطها هذا درعاً حامياً للبشر من طبيعة غاضبة، أو وحوش مفترسة، أو أمراض فتاكة تحصد الأجساد قبل الأرواح.‏

هذا وقد أفاد التخاطر بعض الدول في أمور استخباراتية، كما أفاد بعض الأفراد في الجاسوسية، وتروى قصص عن تخاطر بين أفراد غواصة وأخرى ثبت فيما بعد على أنها صحيحة. وإذا كنا نختصر الآن كل الأمواج الأثيرية في الأرض وفي الفضاء لخدمتنا في أجهزة صغيرة جداً فلعل المستقبل سيكون في غنى عن كل الأجهزة إذا أصبح التخاطر متقدماً في شروطه، وحدود تطبيقه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية