تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تعال تفرّج يا سلام

الخميس 28-3-2013
شهناز صبحي فاكوش

كان الرجل يقف خلف صندوق له فتحات مغطاة بزجاج يصيح بأعلى صوته (تعال تفرج يا سلام على صندوق العجايب). يتهافت الأطفال ليستمعوا مع المشاهدة على حكايا الرجل. يسمع الآخرون الواقفون لكنهم لابد يتبادلون الأماكن لمتابعة المشهد مع المقولة والوصف...

واليوم يحتوي (صندوق العجائب) قصة سوق أقل ما يقال فيه (سوق الحرامية) ولكن بسرقة علنية موصوفة مأجورة...‏

بدأت في ما يدعى بقمة القاهرة التي بيعت ممن يحملون هوية فلسطينية لـ (قطر) وهم يعرفون ما تعني قطر وحكام قطر. خاصة عندما يكون اللقاء على شاطئ المتوسط الفلسطيني المغتصب من جهة، ودعم الاقتصاد الصهيوني بالمكاتب التجارية على أرض قطر من جهة ثانية...‏

ويتزعم حَمَدُها مقابل ما دَفَعَ منبر (القمة) في القاهرة، ليتباهى بتعليق عضوية سورية فيها بالأكثرية وهي الدولة المؤسسة. في مخالفة واضحة وصريحة لميثاق (الجامعة العربية) الذي يفترض الإجماع. واستقدام الناتو لضرب ليبيا... وحقن السلاح في ما يدعى بدول الربيع العربي..‏

وفي انسلاخ عن النبالة والعربية تظهر صورة أخرى في صندوق الفرجة حين تباع في ذات السوق ثانية لـ (قطر) والمقابل حتماً أرقام وأصفار... كما في الأولى، الثانية..‏

وتأتي سيرة الشيخ معاذ الخطيب المنتظر في الكواليس ليستكمل المسرحية التي بدأت يوم أعلن في ائتلافه أن أعضاء الائتلاف ليس من حقهم أخذ دور في السلطة (القادمة). ويبدأ الفصل الثاني من المسرحية بتبرئة المجموعات الإرهابية المصنفة (أمريكياً) ليضعها في خانة المجاهدين. ويأتي الفصل الثالث ولكن بمشاهد، أولها انتخاب الأمريكي باسمه العربي رئيساً لما يدعى بالحكومة المؤقتة. والمشهد الثاني يرفع فيه الخطيب استقالته واعتراضه على بعض أعضاء ائتلافه بسبب رفضهم قبوله الحوار الذي طلبه في ما يدعى مبادرته، التي وُصِفَتْ بالشخصية من قبل نفسه ومحيطيه. واللافت أن الخطيب يبرر استقالته بقوله: (من هو مستعد للطاعة فسوف يدعمونه) ومن باب قلة التجويع والحصار... أي التضييق في حال طرح رأي مغاير لما يفرضه حكام قطر الناطقون باسم الإدارة (الصهيوأمريكية) والمحققون للحلم الفرنسي المطرود من سورية. والعالم كله يعلم كيف اشتغل المال الفرنسي بين القرى والفقراء الفرنسيين لدعم انتخاباتها. وفضائحهم سهلٌ الوصولُ لها في زمن العولمة عبر كل الوسائل المتاحة... حيث لم يعد من الممكن حجب الضوء بغربال... قطر هذه تضغط على الخطيب بفضائح الخلاف الائتلافي وآلية العمل فيه، والتمويل وما فيه من فساد...‏

ثم ترسل له طائرة خاصة لتقله للدوحة، مع أن عشرة من أعضاء ائتلافه معلقةٌ عضويتهم لأنهم ليبراليون وعلمانيون، بسبب العقل المتطرف الذي يهيمن وليس سراً.. وإن كانت الواجهة رجلاً يدّعي بأنه إسلامي معتدل هذا الشيخ الخطيب... ويرتفع الستار بإعلان حَمَدي يقابل بالتصفيق ليدخل الخطيب المستقيل المهدد، والأمريكي ممثل (كيري)، باِسمٍ عربي خرج يحمله من سورية... ومعهما شخصيات مثالها الأتاسي التي تراوغ ولا ترد على سؤال اتهامها بالفساد المالي‏

في إدارةٍ لرحى الحديث عن الغير؛ مع إلحاحٍ في إعادة السؤال لمرات عدة من قبل محاور الفضائية التي تستضيفها. والتهرب كان سبيلها... إنها نموذج والبقية يقرؤها الشعب السوري تماماً كما هي، وبما فيها وما تستحق.. ليجلسوا تتابعاً على مقعد (وكأنهم في لعبة الكراسي الموسيقية) المعروفة عند الأطفال وينطبق عليهم المثل الشامي العتيق (يحبون القنزعة ولو على...). مكان ليس من حقهم قانوناً ومناف لكل الشرعية الإقليمية والعربية وحتى الدولية. (ويكفيهم ما امتلأت به الصفحات الإلكترونية ليعرفوا رأي الشعب السوري فيهم هذا الذي يدّعون أنهم يمثلونه).‏

فالدولة السورية لا تزال قائمة بسياستها الداخلية والخارجية، قَبِلَتْها الشرائح الأخرى أو رفضتها (هو شأنهم) فهذا لا يؤثر في شرعيتها وسيادتها وشعبيتها... ولا يحق لأي كان ملء مقعدها أو نزع عَلَمِها، لأنها دولة قائمة بشرعيتها. حتى تعليق العضوية السابق ليس شرعياً فهو مأخوذ بالأكثرية وليس بالإجماع... (تعال تفرج على صندوق العجايب)...‏

اجتمع (الرؤساء العرب) وليس لهم أي صفة دستورية لمنح مقعد سورية لأي جهة كانت. أما بصفتهم السياسية فيمكنهم الاستماع فقط لأي كان ولكن في غير المكان الطبيعي للمقعد السوري. وهنا يتنطح الخطيب في خطبة أظهرت شخصيته (كخطيب جامع) فهو يتحدث بصفةٍ شخصية لأنه مستقيل وعَرَّف بذلك. ودخل في أحاديث متضاربة متناقضة منها التضرعي الاستعطافي مبرزاً ضعف المعارضة وخذلان الغرب له في عدم دعمه... متناقضاً في ذات اللحظات مع رفضه التدخل الأجنبي. وأن الشأن السوري يخص الشعب السوري وحده، وفي جملة تالية لا يطلب مالاً ولا مساعدات مادية، بل غطاء باتريوت للدخول الأجنبي على الأراضي السورية محرضاً على التقسيم... فظهر في خطابه يائساً أمام جبروت الشعب السوري الذي يدعي أنه يتحدث باسمه واسم (ثورته)...‏

من وَكَّلَ الخطيب للحديث عن ملايين الشعب السوري، هل يعرف كم رصيده وزمرته بكل تجمعاتها بين أبناء الوطن في الداخل. يفشل وبكل المقاييس محاولاً الوصول إلى خطوات دراماتيكية بعيدة عنه... وهو يعلم تماماً (إن كان يعرف الحسابات السياسية) أنه متورط بالسياسة لأنها ليست حرفته. فقد كان في ما قدمه خطيب جامع ناجحاً...‏

في الواقع أن دَعْوَتَه ليجلس على هذا المعقد ويضع أمامه علماً وقّع عليه المندوب السامي الفرنسي المحتل لوطنه يوماً؛ هي حالة تهرب عربي جزئي لحفظ ماء الوجه في الفشل الذي منيت به كل الأطراف التي تعمل على إسقاط سورية الدولة. فأمام صمود الشعب السوري يحاولون تجميل صورهم المشوهة، بجائزة ترضية يمنحونها لما يدعى بالمعارضة الخارجية. التي يسأل كل المحللين السياسيين حتى الذين يختلفون مع سورية أو يبغضونها. (عندما يتحدث الخطيب عن الشعب السوري) كم يمثل مع من معه من الشعب السوري... (ألم يتناذر إلى أسماعهم هذا السؤال وقد طرحته معظم فضائيات العالم حتى الشريكة بالدم السوري)...‏

وقد انبرى بداية من لا يحمل من اسمه أي نصيب، في إثبات للقاعدة بوجود (الشواذ) أن استعصاء الحل السياسي في سورية والذي يدّعي أن له الأولوية، معزياً نفسه بتفكك المعارضة سبباً، ولكنه يتناسى أنه لو كان جاداً (كحامل لزمام أمور العرب) أن عليه دوراً يراه الأعمى، في الضغط على حاقني السلاح والإرهابيين وداعمي الموت وإهراق الدم السوري بكل أطيافه. ليتقوا الله ويتوقفوا عن هذا الفعل الشنيع، والدعوة الجادة للوصول إلى طاولة الحوار بالابتعاد عن ممارساتهم القاتلة والتي ما عاد الحياء في الجهار بها يغطي ماء وجوههم...‏

ويطلب تسهيل وتوفير الدعم للإبراهيمي، وهو الذي لا يمد له أي يد ليتعاونا في الإقناع أو الضغط على داعمي الإرهاب، ومموليه... لحقن دماء السوريين التي يتاجرون بها...‏

ألم يفهم بعد من يدّعون السياسة أن رفع علم الانتداب مقابل علم الجمهورية العربية السورية مرفوض قانوناً وشرعية وميثاقاً... وبالمعنى الآخر يعني أن صاحب الفكرة الفرنسي ينفذ خطة صهيوأمريكية، الغاية منها تقسيم سورية الوطن والشعب. فالأصل في ذلك طرح الطائفية والترويج لحرب عبثية أهلية وتحريض لما يُدعى بغير وجود في سورية مصطلحاً (الأقليات). هذا المصطلح الذي لا يعرفه السوريون وليس في قواميس ولا نواميس حياتهم.‏

إن الفشل الذريع الذي باءت به مخططات حمد ومن لف لفيفه، وهم أدوات تنفيذ في الواقع لمخطط صهيوني أمريكي فرنسي تركي (متفق عليه) مع دول الخليج والجوار السوري، التي تدرب الإرهابيين وتضخ السلاح لقتل الشعب السوري. وينبري داوود أوغلو مهندس سياسات المنطقة ربيب الإدارة الأمريكية والابن الشرعي لاستخباراتها مستعرضاً عضلاته في ترداد ما اتفق عليه مع ولاة نعمته الأمريكان، للعمل على تحصيل مقعد سورية في الأمم المتحدة للمعارضة..‏

ثم يتحبب وهو المبغوض من الشعب السوري لأنه مكشوف أمامهم مثل (...) متبجحاً بأنه لن يترك الشعب السوري وحده.. (صدق) فلم يترك الشعب السوري وحده فيما أرسله وعصابته بالتزامن مع تواجدهم في الدوحة (عاصمة تصدير الإرهاب) من قذائف ومتفجرات طالت المدارس والجامعات والمشافي ومساكن المدنيين الآمنين. لتطال أرواح الأطفال والشباب والنساء. سيظل دم آيات ورفاقها متحداً مع دم آيات الفلسطينية يطالهم حتى يوم القيامة... فالقاتل واحد وأداة القتل من ذات المنشأ...‏

ترى لو فكر السوريون (المعارضون) قليلاً داخل الوطن أو خارجه أنه لو ابتعد أمثال هذا الأوغلو والمتلطون خلفه تاركين الشعب السوري وحده؛ أما كان باستطاعته حل مشاكله دون دماء وبعقلانية وحكمة؛ للوصول إلى كل ما يقبله بمكوناته قاطبة حتى يصل لكل حقه..‏

إن أياديهم الخبيثة الملطخة بدماء السوريين، وأفكارهم المعتوهة الشريرة، وأساليبهم العفنة الملتوية أليست هي سبب تعقيد الأزمة في سورية؛ لتحقيق مصالحهم في بقاء الحال، لاستنزاف مقدرات هذا الوطن وشعبه وإرهاقه وإضعافه. لكن الرجل عجباً أنه صدق بكلمة قالها ولعلها خرجت دون تفكير (الشعب السوري لا يمكن أن يهزم أبداً) حقاً فوحدته وتماسكه وصموده على مدار السنتين الماضيتين، وقوة جيشه وتلاحمه مع شعبه الملتف حوله للحفاظ على وحدته ووحدة أرضه لا يمكن أن يهزم أبداً. والهزيمة ستطالهم جميعاً في أقطارهم وستطالهم النار من شعوبهم هذه التي تجلت لها اللعبة وانكشفت؛ وهي التي تعرف تماماً أن سورية غير أيّ دولة أخرى. لذلك بدأت أصواتهم تجاهر بمساندة سورية ومن عقر دار قادتهم المرفوضين من شرفاء أوطانهم...‏

يتندرون بأن النظام السوري لا يسيطر على كامل الأرض السورية، إن كانوا يعنون الجيش، فالجيش غير مطلوب منه التواجد على كل شبر في الوطن. وإن كانوا يعنون الشعب فالشعب هو الشعب العربي السوري الذي يَخْلُفُ جيشه في غير مكان، ويدافع ضد الإرهاب عن وجوده وسيادة أرضه التي يدنسها المأجورون من أطراف الدنيا. ويعي هذا الشعب تماماً أن هزيمة هؤلاء هي هزيمة مموّليهم ومضلّليهم الذين يعرفون تماماً أن انتصار سورية بعون الله قريب. وبنصرها تحطيم لعروشهم وكراسيهم وسحب البساط من تحت أقدامهم من شعوبهم الأبية (فكل ما يفعله هؤلاء في شعوبهم أولاً وشعبنا ثانياً إنما هو صحوة نهاية) يحاولون من خلالها التشبث أطول زمن ممكن بما يجلسون عليه... شعوبهم التي أيقنت أن الشعب السوري على حق ومنتصر. لحظتها تنتهي قصة (صندوق الفرجة) لتبدأ الحياة الصحيحة الطبيعية وتكتب الأقلام عندها القصص والحكايات التي سترددها الأجيال لأبنائها...‏

إنها قصة تحدي شعب لأجل أمة، يرابط في وجه عالم تكالب عليه، لكنه بصموده وإرادته سيقتلع أنيابهم ويحطم مخالبهم ليعودوا إلى جحورهم خائبين...‏

هؤلاء الذين يجتمعون لإجهاض الشعب السوري وهم من (يحملون) ذات الدم والعرق والنسب. وفي الطرف الآخر تلتقي دول البريكس التي يجمعها الشرف والعقلانية والوعي لتقف إلى جانب الشعب السوري وتصدر ما لم يصدر عن بني (الجلدة) من هناك من جنوب أفريقيا ترتفع الأصوات الحرة التي تنصف الشعب العربي السوري ودولته في أحقية سيادتها وتفردها بحلّ أمورها ورفع يد الغرب عنها. لأن هذه الدول تستشعر أنها تحتاج للعمل معاً لتقوى في وجه أعدائها العنصريين على جميع المستويات... في رفض للأحادية لإعادة رسم خارطة سياسية واقتصادية عالمية. فدول البريكس قوية واستطاعت سابقاً إثبات قدرتها على التعاون الاقتصادي لأنها لا تقبل أن تتقدم عليها دول تدعي تقدمها على العالم. ولابد أن تبذل الجهود الكبيرة لنشر العلم وتعافي الاقتصاد حتى تكون قادرة على نصرة الشعوب التي تحاول الأحادية فرض إرادتها عليها، وإن عن طريق الآخر المرتهن لها والمأجور لإداراتها... كل ما سينتج عن قمة البريكس لابد يصب في الصالح السوري في نبذ العنف وتحقيق العدالة ورفع اليد العابثة عنها... حقاً رب أخ لك لم تلده أمك...‏

تلك هي قصة وطن وشعب اسمه الشعب العربي السوري في الجمهورية العربية السورية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية