وقد تمثل الأول بفشلها في الوقوف على ما تزمع داعش فعله في كل من العراق وسورية الأمر الذي مكن تلك المنظمة الإرهابية من السيطرة على مواقع ومساحات شاسعة في كل من العراق وسورية.
ولم تفلح الاعتمادات المالية الهائلة في الميزانية التي تم تخصيصها لوكالات الامن في كل من أميركا وأوروبا في حجب ما حدث أو توقع حصوله قبل فوات الأوان حيث انصرفت تلك الوكالات وكرست جل اهتمامها على بن لادن والقاعدة التي لا تمثل في واقعها سوى مجموعة محدودة من المقاتلين حتى قبل ان تفقد قواعدها في افغانستان عام 2001.
دأب الإعلام الأميركي على تداول المخاطر التي تمثلها القاعدة وبالغ في الحديث عنها، وعلى الرغم من أنه منذ عام 2001 رأى الأميركيون بأن التنظيم لا يضم سوى عدد محدود من الأعضاء الذين يمكن القبض والقضاء عليهم الأمر الذي يمكّن واشنطن من تحقيق نجاحات سياسية لكن على مدى 13 عاما المنصرمة يلاحظ بأن العمليات الموجهة نحو القاعدة محدودة وعديمة الجدوى وقد أدت النتيجة النهائية لعمليات السي اي أيه وانصرافها عن متابعة الأمور إلى نشوء مجموعة أخرى تبنت ذات الايديولوجية والاهداف التي يحملها بن لادن وقامت بتأسيس كيان يمتد من الحدود الإيرانية إلى مشارف حلب.
أما الجانب الثاني هو أن الوكالة في حربها على الإرهاب لم توجه أصابع الاتهام إلى دولتين ضالعتين في الأحداث الجارية ألا وهما المملكة العربية السعودية وباكستان على الرغم مما بدا بشكل واضح في إحداث 11\9 من المشاركة الفعالة لعدد من مواطني الدولة السعودية في تنفيذ الهجوم على الأبراج حيث تبين بأن 15 من أصل 19 (الذين قاموا بالهجوم) يحملون الجنسية السعودية.
في هذا السياق لا بد أن نذكر بأن بن لادن ذاته سعودي الجنسية وهو من رجال النخبة في هذا البلد ووفقا للتحقيقات التي أجرتها الولايات المتحدة تبين لها بان مانحين سعوديين من الذين يعيشون في الملكة العربية السعودية كان لهم المقام الأول بتمويل ودعم القاعدة ومع ذلك يلاحظ بان إدارة الرئيس جورج بوش لم تكتف بتجنب الإشارة إلى المملكة العربية السعودية فحسب بل عمدت إلى التحفظ على تقرير رسمي يتألف من 28 صفحة بشأن المملكة ورعايتها واحتضانها للإرهاب دون أن تفلح مناشدات أهالي ضحايا إحداث أيلول. وقد قطع الرئيس أوباما (عندما كان مرشحا لمنصب الرئيس) وعدا بنشر ذلك التقرير لكنه لم ينفذ ما وعد به حتى يومنا هذا.
اعتبرت القاعدة أفغانستان الملاذ الآمن لها، لكن استطاعت الولايات المتحدة إلحاق الهزيمة بطالبان في عام 2001 ولم يعد خافيا على أحد بأن طالبان كانت تتلقى التمويل والمساندة من قبل الاستخبارات العسكرية الباكستانية التي ما أن تلاشى الزخم الحاصل حول إحداث أيلول حتى عادت إلى دعم طالبان مرة أخرى الأمر الذي مكن تلك المنظمة من شن حرب عصابات تهدف منها استعادة سلطتها في أفغانستان. وعلى الرغم من الدعم والمساندة التي تقدمها باكستان فإن الولايات المتحدة لم توجه أصابع الاتهام إليها باعتبارها الشريك الداعم لطالبان حتى بعدما تم تتبع أثر بن لادن إلى ابوت أباد التي تقع بالقرب من الأكاديمية العسكرية في باكستان الأمر الذي ولد انطباعا بعلم المخابرات الباكستانية بمكان وجوده.
لقد كانت القاعدة الخيار الأمثل للسي أي أيه باعتبارها المسؤولة عما جرى في أيلول وكونها تمثل القوة الشيطانية في نظر الشعب الأميركي لكنها لم تعط اهتماما لنشوء مجموعات صغيرة على غرار القاعدة ازدهرت في كل من العراق وسورية وليبيا بعد عام 2011 ولم تشر إلى علاقة تلك المجموعات بالقاعدة على الرغم من أنها فروع لها.
تم الإعلان عن النجاحات المحققة على القاعدة في اليمن بيد أنه لم يؤخذ بالاعتبار ما قام به الجهاديون الذين يدعمون داعش من سيطرة على درنة في ليبيا حيث توسعت إمكاناتهم وأصبحوا قوة متنامية في سائر أرجاء البلاد.
تعمد الوكالة إلى تعذيب المشتبه بهم لكن الواقع يؤكد بأن مثل هذه الأعمال لا تمثل سوى فشل واحد من إخفاقاتها التي يصعب حصرها وتعدادها.