فشتان بين الجهود التي تبذلها روسيا لحل الأزمة في سورية وتصب في تعزيز مكافحة داعش والجماعات الإرهابية الأخرى وبين عبثية واشنطن وحلفائها وسجالاتهم في التخطيط لمنطقة حظر جوي أو التفكير بعمل بري بالتنسيق مع ممولي الإرهاب في سورية بهدف استبدال إرهابيي داعش بما يسمونه معارضة مسلحة.
واشنطن تسابق الزمن لتجد حلاً لهذا السجال لأن منطقة الحظر الجوي المقترحة تشكل خرقاً للسيادة السورية، وتركيا وإسرائيل تريدان توريطها في حرب إقليمية كبرى، عدا أن منطقة الحظر تحتاج إلى تصويت في مجلس الأمن من المنتظر أن يواجه بفيتو روسي صيني ما دام مخطط تقسيم سورية لم يبرح مخيلة واشنطن، وأن محور المقاومة في تأهب دائم لمواجهة أي خطأ في الحسابات الأميركية في هذا الصدد، خطأ يفند مزاعم واشنطن باحترامها للقانون الدولي ويجعل العالم يؤيد أي رد صلب من محور المقاومة.
الولايات المتحدة غير راغبة في التورط بهذا المخطط لأن مصداقية تحالفها ضد داعش ستصبح عندئذ في الحضيض أكثر فأكثر، والرئيس التركي أردوغان يبتزها ويريد ثمن الخدمات التي قدمها للبيت الأبيض وخصوصاً ثمن الحليب الذي أرضعته الحكومة التركية غيلةً لداعش، ويرى أن المكافأة يجب أن تكون منطقة سورية جديدة يقتطعها على غرار لواء اسكندرونة، أما إسرائيل، ولكونها تعتبر نفسها سلّة الغلال لواشنطن، فهي تريد جائزتها أيضاً على تخوم الجولان من خلال منطقة توسع جديدة تضمن لها مبدئياً البدء باستيطان الجولان على نطاق واسع يتبعه بشكل مباشر توطين الفلسطينيين في الأردن.
وبغض النظر عن سجالات حلفاء أميركا يبدو أن واشنطن ستكون حاضرة في موسكو في كانون الثاني القادم، مبتعدةّ مبدئياً عن أي مشروع عدواني يطرحونه عليها وخاصة بعد أن لمست جهود المصالحات الوطنية السورية الحثيثة وانتصارات الجيش العربي السوري على الأرض، والتسريبات تبين أن الإدارة الأميركية قدمت لائحة عملائها الذين تريد فرضهم على اجتماع موسكو المنتظر للبحث في حل سياسي، وهذا بعد أن يقدم المبعوث الدولي دي مستورا خطته «رسمياً» إلى الحكومة السورية بشأن تجميد القتال في حلب.