وأشار إلى أن عدد هم سيصل إلى نحو 45 مليونا، مؤكدا أن أزمات العمالة المطولة تنطوي على مخاطر رئيسية تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
كما يقول صندوق النقد الدولي في نفس السياق: إن على دول الشرق الأوسط توفير مئة مليون وظيفة حتى عام 2020 إذا رغبت بأن تظل مستويات البطالة عند نسبها الحالية، وذلك بسبب ارتفاع معدل الولادات.
وتقدر نسبة البطالة حالياً في الشرق الأوسط بقرابة 20 في المئة، ما يعني أن واحداً من بين كل خمسة أشخاص في المنطقة لا يعمل، وهذه النسب تدفع الخبراء من بلداننا والبلدان الأخرى إلى التحذير من أن الشباب هم “تربة خصبة للأفكار المتطرفة.”
كما يرجع الاختصاصيون والخبراء الخلل الحالي الى مقاربة غير متساوية بين المهارات التي توفرها الجامعات والمدارس اليوم وبين ما يحتاجه الشباب لمواجهة عالم الغد، واحتياجات سوق العمل.
ورغم أن بلداننا كانت تحقق معدلات نمو كبيرة تقارب ستة في المئة قبل الأزمة المالية العالمية الحالية، إلا أن الخبراء يؤكدون بأن خلق الوظائف بالمعدلات المطلوبة يحتاج إلى نمو بمعدلات تصل إلى ما بين 8 و9 في المئة لفترة تقارب 12 سنة متواصلة، وهو أمر يصعب تحقيقه.
وفي الواقع، فإن الدول العربية ونحن منها يقولون بإحداث اصلاحات ومبادرات من اجل الحلول، اما الخبراء فيشيدون بمثلين أساسيين بين بلداننا العربية يتمثلان في لبنان والأردن لاعتبارهما نظامين اقتصاديين يقدمان للمواهب الشابة لديها الوسائل التعليمية التي تسمح لهم بمواجهة التحديات، ولا عجب بالتالي أن يكون لبنان والأردن بين البلدان التي نجت من التراجع في المنطقة، هذا ما يقوله الخبراء!! لكن مانراه ومايقوله الشباب انفسهم في الاعلام مختلف، فهم يعيشون أزمات ومشكلات تحتاج إلى الكثير لحلها.
ولكن في منطقة الخليج، يواجه سوق العمل تحديات أخرى تتمثل في الصراع بين القطاعين العام والخاص لاستقطاب المواهب والكفاءات، فمن المعروف أن القطاع العام في تلك المنطقة كان تاريخياً المصدر الأساسي للتوظيف، وهو يواصل القيام بذلك حتى في ظل عدم الحاجة الحقيقية للتوظيف.
وكما يقول طارق سلطان، في أحد التقارير التلفزيونية، رئيس شركة “المخازن العمومية” ومديرها التنفيذي: “من الصعب علينا جذب الكفاءات إلى القطاع الخاص لأن عليهم العمل فعلياً لتسع ساعات منتجة.”
وتأتي هذه التصريحات من شخص يدير شركة توظف 34 ألف شخص في 120 دولة حول العالم انطلاقاً من مركزها الرئيسي في الكويت، ويضيف سلطان: “نرغب برؤية مشاركة المزيد من الخليجيين في ما نسعى لتحقيقه،” بمعنى أن الشركة ترغب في توظيف المزيد من الأشخاص الذين يُظهرون قدرتهم على العمل بجد. وهذه مشكلة يتم الحديث عنها في بلدنا أيضا اذ يقول أصحاب الشركات اننا لانجد الشاب الذي يحمل المهارات المطلوبة.
ولكن من الملاحظ أن دول الخليج الثرية بالنفط لم تجلس مكتوفة الأيدي في ظل الوضع الراهن، بل قامت بزيادة موازنات التعليم لديها بما بين 10 و30 في المئة لتحسين المستويات لديها، وإن كان بعضها قد أنفق الكثير من الأموال على مراحل التعليم العليا عبر جلب الأساتذة والجامعات من الغرب إلى المنطقة دون أن ينفق مبالغ مماثلة على التعليم الأساسي والثانوي.
وهنا نتذكر أيضاً أن التعليم المهني والتقني يشكل جزءاً مهماً من المزيج التعليمي المتكامل بدأت تنتبه اليه دولنا في السنوات الأخيرة، كما تنبهت الى الاعتماد المفرط على القطاع العام.
وفي سبيل إجراء إصلاحات حقيقية في سوق العمل، قامت بعض الحكومات بتأسيس صناديق تمويل للمشروعات الخاصة، وتدريب على المهارات التي يحتاجها سوق العمل من قطاع الخدمات المالية وغيرها، ففي سورية مثلا افتتح مركز التوجيه المهني بجامعة دمشق، كما سيتم افتتاح مركز للإرشاد الوظيفي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبحسب معنيين في الوزارة فإن المركز يهدف لتوجيه الباحثين عن العمل لفرص العمل الموجودة في القطاع الخاص فقط وربط العرض بالطلب في سوق العمل من خلال توجيه الباحثين عن العمل بإمكاناتهم ومهاراتهم وميولهم ليكونوا قادرين لاختيار العمل الذي يتناسب مع مؤهلاتهم.
وإن الفرق بين مركز الإرشاد الوظيفي ومركز التوجيه المهني أن الأخير موجه لطلاب السنة الثانية في الجامعة بغية توجيههم للتخصص الأنسب بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل ومرحلة ما بعد الجامعة، وهناك مرشدون مهنيون يلتقون الجامعيين ويقدمون لهم الاستشارات لكن المركز لا يقدم فرصة العمل بل يقتصر على تقديم مهارات التوظيف، في حين مركز الإرشاد الوظيفي موجه لكل الفئات ويأتي الباحث عن العمل لتحليل مهاراته ومؤهلاته والفرص المناسبة للعمل وهو مربوط مع مكاتب التشغيل والهيئة العامة للتشغيل كما أن المسجلين في مكاتب التشغيل يأتون المركز لربطهم مباشرة بفرص عمل وفي حال كانوا بحاجة للتدريب والتأهيل فإن الهيئة تتولى ذلك، بعد ذلك يدخلون سوق العمل.
وترى الوزارة أن القطاع الخاص يبحث عن عمال لا يجدهم والباحث عن العمل لا يلتقي بفرصة العمل والمركز يجمع الطرفين محاولاً إيصال العرض لدرجة الطلب.
واذا كان الخبراء القادمون الى بلداننا يؤكدون أنه لمواجهة مخاطر أزمة البطالة لدى شبابنا توجب على قادة منطقتنا اجتذاب القدر الأكبر من الاستثمارات، فإننا نقول: إن الانتباه الى نوعية التعليم وتوسيع الخيارات امام شبابنا هي بداية مواجهة التحديات.