(عودة الفارس الأسود).. وتقنيـات مبهـرة تشـغل المتلقـي عن أهدافــه
ثقافـــــــة السبت 16-3-2013 آنا عزيز الخضر أكثر ما يلفت النظر في فيلم (عودة الفارس الأسود) من أخراج (كريستوفر نولان) والذي شارك أيضا في كتابة السيناريو، هو التقنيات الفنية المبهرة، التي يستخدمها الفيلم،
حيث تلعب تلك السينما على أوتار المبالغة في كل سياقات الفيلم في القصة كما في الفعل و الحدث، و سياق سلوكيات الشخصيات الفوق عادية، فيحلق كل شيء فيه بعيدا عن الواقع، في كل ما يقدمه، ويحقق العمل جاذبيته و تشويقه، عندما يستطيع تقديم معادل فني لكل ذلك، فلم يبد أن الهدف هو تسويق للأفكار، وإن جسد الشرور بشخصيات مخيفة بشكل مطلق، وحضر الخير أيضا في مواجهته، ورغم ذلك يعبر الفيلم بأجوائه وعوالمه، بغرائبيتها ومبالغاتها ببساطة إلى عند المتلقي، وذلك بسبب تقنيات سينمائية مذهلة و بارعة، تطغى على الموضوع و ترفع من وتيرة أهميته عند المتلقي، حتى لو لم يقدم الجديد أو الفائدة في أي شيء، سوى المتعة الفنية والتشويق الذي يشد المشاهد إليه بشكل لافت ومبهر، فهناك الكثير من الأعمال السينمائية، التي تحقق الحضور، رغم أنها تفتقد إلى الرؤية العميقة أو الأفكار الهامة القريبة من الناس، و تحمل الأفكار المكررة، وإن ادعت تمجيد بعض القيم، إلا أنها تأتي هنا بشكل أجوف، بكونها تقدمها بشكل نمطي، دون توجيه درامي أو أرضية مقنعة، أو إدارة توصل إلى البعد الإنساني المراد بشكله الحقيقي، كما يشار إليه أحيانا في بعض مواقع الفيلم، ورغم ذلك فإن المشاهد يقبلها بطيبة خاطر، وذلك بسبب توفر مقومات عالية المستوى على صعيد الجانب الفني، و يشكل فيلم (عودة الفارس الأسود) نموذجا لهذه الآليات الفنية، التي تلعب على مهارات فنية خاصة، و تقنية القصة المحبوكة بمنطقية عالية بشكل مجرد، فتشغل المتلقي عن البحث عن نقاط أكثر عمقا، إذ تحتل لنفسها مكانا خاصا عنده، تجعله مقيدا إلى عالمها دون التفكير بوجهة أخرى، وإن كانت تلك الحالة لاشك مشروطة بسويات فنية لا تضاهى من جوانب عديدة، و حضور تفاصيل في منتهى الدقة والذكاء، إلا أن عوالم تلك الأفلام وخصوصيتها، تلهي المتلقي عن المضمون المكرر المطروح، أو عن أي تساؤل آخر قد يثيره الذهن، بل أنه يؤكد عبر تلك التقنية الفنية المبهرة، تعميم فكرة الاستسلام لأفكار مجتزأة كثيرة، ورشوة المتلقي إن صح القول بتلك الجماليات المجانية، بتكريس قبولها وقبول أحادية حضورها، لأنه من المسلم به أن نجاح العمل الفني هو تكامل بين الشكل والمضمون، والأسلوب الفني الممتع، هو أحد شرطي تلك المعادلة الثابتة في عالم الفن، هذا عدا عن كون الفيلم هو تكملة لأجزاء أخرى، حيث تم استثمار نجاحها السابق، للمتابعة فيه، مع تأكيد الفيلم بجزئه الجديد أيضا على سلبيات مجتمعية عديدة، و مشاكل قد تثير خوف الناس و قلقها بشكل عام، فلم ينس ذكرها جنبا إلى جنب أسلوب المغامرة الشيقة، والمكتظة بالمبالغة في تصوير الشرور، داعما إياها بإبهار مدهش، لكل ما ينقله حول ذلك العالم، الذي يبدو بحد ذاته متحديا في أسلوبه المشوق و معطياته العامة للمشاهد، فيبرز مقدرته على شد تواصله الدائم معه، و قد حققها الفيلم بطريقة مدهشة بأجوائه السينمائية و تصويره الخلاق والمبدع، ثم مقدرته في تقديم المعادل الفني وتحليقه عبرها في كل الاتجاهات في التصوير، كما في الإضاءة، وحتى الموسيقا، والأجواء العامة، بغض النظر عن تقديمه رؤية إنسانية، أو أن يكون الحامل لأبعاد محتمله، ينتظرها المتلقي دوما من العمل الفني، إلا أن الأسلوب الفني و الرؤية الفنية حملت كل ما هو مبدع.شارك في الفيلم نجوم عالميون منهم (توم هاردي)، (جون بليك) (مايكل كين )(غاري اولدمان) (ماريون كويتار) (آن هاثاواي)وغيرهم.
|