حيث لا تزال تلك الدول تدعي حرصها وخوفها على السوريين وسعيها للحل السياسي والسلمي للازمة، فيما تضطلع تلك الأطراف أمام الكواليس وخلفها بأدوار ومهمات تناقض ما يعلنون ويسوقون.
ولعل الموقف الأميركي كان الأبرز في تناقضاته وتبايناته، طبعا مرد هذا التلون يعزى إلى الدور الأساسي والرئيس للولايات المتحدة الاميركية في الحرب التي تشن ضد سورية، وهو الأمر الذي يعطيها مساحات واسعة من التلون والمناورة بحسب مقتضيات المرحلة التي توجب وتملي عليها أحيانا تبدلا عاجلا الى درجة التناقض في المواقف والتصريحات المعلنة منها وغير المعلنة إلى درجة تفاجئ أحيانا حلفاءها وشركاءها في المؤامرة على سورية .
.. وهذا التلون في الموقف الأميركي الذي كما أسلفنا يواكب التطورات الميدانية على الأرض هو ما يفسر ويشرح التصرفات والتصريحات الاميركية التي تظهر عكس ما تبطن ، غير أن هذا التبدل والتغير في السلوكيات الاميركية قد يخرج في كثير من الأحيان عن حدود المناورة المقصودة بهدف كسب الوقت وتحقيق مكاسب مادية ومعنوية على الأرض لاستخدامها كأوراق ضغط أو مزايدة عندما يكون الحديث عن حل سلمي أو سياسي .. قد يخرج الى حدود العجز والفشل الصارخ على الأرض والذي أربك إلى حد كبير جميع الأطراف وعلى رأسهم أميركا وإسرائيل ، وبالتالي قد تظهر ارتدادات هذا الفشل والعجز تخبطا وتباينا في المواقف والتصريحات .
من المؤكد أن انتقادات الخارجية الروسية للمسؤولين الأمريكيين حول تباين مواقفهم وتصريحاتهم الأخيرة تختصر المشهد الحالي الذي تتقاطع عناوينه وهوامشه وكواليسه عند حقيقة أن جميع الأطراف التي تشن اليوم حربا ضد سورية دخلت ذلك النفق المظلم الذي لم يعد يسمع منه إلا ضجيج خلافاتهم وانقساماتهم وصرخات تخبطهم وهزيمتهم .