وأضحت وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وأشكالها تخضع للدراسات التي يشرف عليها اختصاصيون لمعرفة الأبعاد الاجتماعية لكل شريحة تتم مخاطبتها ومعرفة ميولها وثقافتها، وما الأشياء التي تحركها باتجاه الأهداف التي تكون مرسومة مسبقا .
الذي جعلنا نتحدث في هذا الإطار هو دور وسائل الإعلام ومدى تأثيرها في نقل الصورة بشكل مخالف للحقيقة وتضخيم الأمور وتصوير وتشويه الحقائق لتكوين سلوكيات في النهاية تخدم الهدف المراد .
هذه الحالة رأيناها كيف تمت سابقاً في العراق، وكيف تمت في ليبيا وبلدان أخرى، وكان يتم ومازال تصوير الأحداث وفق الخطة الموضوعة والتي تهدف إلى نزع الثقة بالإعلام الوطني، وجعل المواطن ينساق وراء الفضائيات التي تتناول المواضيع وفق الآلية التي تريدها، وبعدها يتم تقديم المعلومات له وفق الإستراتيجية الموضوعة، وهذا مايلاحظه أي متابع على أرض الواقع، فبعض الفضائيات الغربية والعربية أضحت متخصصة بتشويه الحقائق بل قلبها، وهذا ماتم رصده أكثر من مرة على أرض الواقع .
يرى بعض المحللين أن التقنيات المهنية للحروب الإعلامية الحديثة تستخدم من قبل بعض الفضائيات الغربية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي على الانترنيت في تغطية الأحداث التي جرت في البلدان العربية، والأكثر من ذلك يرى البعض أن التقنيات المصنفة على هذا النوع استخدمت وتستخدم لتأجيج حركات الاحتجاج وأخذها إلى الحالة المرادة كما حصل ويحصل إن كان في تونس ومصر واليمن وسورية، وكيفية إدارة الحملة الإعلامية في كل بلد وفق الخطة الموضوعة، وكيف يتم التعتيم على الأخبار في بلدان أخرى كالبحرين وعدم نقل مايجري على أرض الواقع، وهذا يؤكد أهداف الولايات المتحدة في المنطقة وأبعادها، ومعروف أن وسائل وإمكانيات شن الحروب الإعلامية والدعائية كثيرة، تبدأ بتركيز الأنظار على مواقف أحد طرفي المواجهة وطمس مواقف الطرف الآخر، وتنتهي بالتضليل الإعلامي السافر والنداءات التحريضية ونشر حالة الهلع والخوف ....الخ .
تجدر الإشارة إلى أن طرائق الحرب الإعلامية لها أساليبها وأشكالها كما تحدثنا وطبيعة الهدف المراد في محاولة لخلق رأي عام مؤيد لها وممارسة التأثير الإعلامي على مختلف شرائح المجتمع والمنظمات الدولية والحكومات ، بل حتى لدفع قوى خارجية معينة لتغيير مواقفها أو دفعها للتدخل في السياسة الداخلية للبلد باستخدام القوة، ومن خصائص الأحداث والحركات الاحتجاجية في البلدان العربية اليوم استخدام الأساليب العصرية للدعاية والتحريض عبر الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية القصيرة .
السؤال الذي يطرح نفسه هو حول مدى استطاعة التقنيات والوسائل العصرية للحرب الإعلامية على التأثير في تطور الأحداث التي جرت في المنطقة ودورها بالتدخل في التفاصيل الداخلية لكل بلد ، بالطبع هذا يعود إلى المتلقي ومدى ضعفه أو قوته، بمعنى آخر عليه أن يحلل كل معلومة وكل خبر ويقارنه بمدى قربه من الواقع ومحاكاته للمنطق والعقل، بهذه الطريقة يحصن نفسه من هذه الوسائل الإعلامية التي هدفها التأثير على اللحمة الوطنية والتشكيك بكل شيء .
لابد من القول إن الشرائح الاجتماعية على اختلاف مستوياتها بدأت تدرك حجم الأكاذيب والتضليل الإعلامي التي تقوم به هذه الوسائل ضد سورية بشكل أو بآخر، لذلك أصبح المواطن هو الذي يبتعد عن هذه الوسائل وعن قناعة إيمانا منه بأنها تمارس دورا تحريضيا هدفه التأثير على الوحدة الوطنية بشكل أو بآخر .
بعض المحللين يرون في مواقع التواصل الاجتماعي بعض الايجابيات، والبعض الآخر منهم يميل إلى اعتبارها وسيلة ملائمة لجمع المعلومات الاستخبارية، بل حتى سلاحا جديدا يستخدم في الحروب الإعلامية والمعلوماتية، ويقول بعض المهتمين إن الفيسبوك تجمع تلقائيا المعلومات السرية المسجلة في مواقع مستخدمي الانترنيت ثم تنتقل هذه المعلومات إلى الدوائرالأمنية في الولايات المتحدة .
بكل الظروف الحروب الإعلامية عندما تشن ضد أي بلد تستخدم جميع الوسائل لجمع المعلومات وتحليلها، ومن ثم تبنى عليها المعطيات والتي تهدف إلى التأثير على الرأي العام وتشكيل قناعات جديدة بناء على المعلومات التي وصلت إليها عبر أشكال مختلفة .