وليس كل من أراد الولوج في فن الممكن قادر على التمتع بتلك الموهبة، لكونها تتطلب مهارات خاصة وقدرات على المناورة تقوم على معادلات حسابية كثيرة تتعلق بالمستقبل والعلاقات الدولية.
تلك اللعبة يحاول النظام التركي تطبيقها والخوض بتفاصيلها، فمرة تجده متعلقاً بالثوب الأميركي، ومرة أخرى تراه يناور للحصول على مقعد لتركيا في الاتحاد الأوروبي، ومرة يجهد للبحث عن شركاء آخرين، وفي كل مرة يخفق نتيجة مراوغاته وأطماعه وأحلامه التي لا تنتهي، وتتجدد مع كل مطلع شمس، لذا فمحاولاته للانقلاب على آستنة من سوتشي، والتنقل على السكك الدبلوماسية للدول كمن يراوح في مكانه، ولن يلحق العيد في أي مكان.
فتركيا اليوم ومعها صاحبة الثوب «أميركا» يحاولان قطع أماني السوريين بمؤتمرات الحوار، وتغيير مستقبل المنطقة، لكن رسائل المؤتمرين وصلت، وسوف تسقط مراهنات الطرفين، لأن وحدة واستقرار سورية أولوية، وسوف يجدون الجيش العربي السوري وحلفاءه في كل مكان، لكون مكافحة الإرهاب والوقوف بوجه داعميه والتصدي لمخططاتهم ومشروعاتهم، خطين متساويين ويسيران في الزمن نفسه والاتجاه ذاته، وبالتالي لن تغرينا التصريحات التي يطلقها النظام التركي ضد أميركا وممارساتها، وامتعاضه من دعمها للأكراد من عدمه، لأننا نعلم تماماً أن الجانبين يسعيان لتقويض الأمن، وإعادة الأوضاع في سورية إلى اليوم الأول الذي انطلقت فيه، والغاية إسقاط الحكومة والمؤسسات التي تقوم عليها، لكن الغبار السياسي الدولي ينقشع أكثر فأكثر، وبات المتربصون يلعبون في الوقت الضائع، حائرين بين الخروج من اللعبة مهزومين، والعودة إلى الموقع أو المربع الأول.
خريطة التوازنات في المنطقة تتغير، والمعارك بين التنظيمات الإرهابية على أشدها في درعا وغوطة دمشق، وبقية البقاع السورية التي تضيق بأحقادهم وجرائمهم، بينما مهارات الجيش العربي السوري تتجدد، ومعنوياته ترتفع بفك الأطواق عن مناطقه المحاصرة، ويفتح أبواباً متعددةً للمعارك، حتى لو زجت تركيا أو غيرها ليس ذئاباً رمادية وحسب، بل من مختلف الألوان والأشكال والانتماءات والأذرع، فقواتنا الحليفة والرديفة سوف تكون لهم بالمرصاد وسوف تلاحقهم كما الكوابيس.