كما ننشد أيضا تعميق العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع والحفاظ على القيم وأخلاقيات التعايش واحترامها وتطويرها، لكن عندما يتم استغلال هذه القوانين والنظم لغير الغاية التي وجدت من أجلها أو قراءتها قراءة ملتوية أو تطبيقها بأسلوب تسلطي وتعسفي سينجم عن ذلك نتائج معاكسة لروح القانون وغايته التي أرادها المشرع منه.
لنأخذ مثلا صارخا على ذلك، القانون /59/ لعام 2008 الذي تشدد في قمع مخالفات البناء وضبطها، أناط هذا القانون مسؤولية تنفيذه وتطبيقه بمجموعة من الهيئات الرقابية والإشرافية في مقدمتها دوائر الخدمات المنتشرة والمتواجدة في مختلف الأحياء والبلدات والقرى.
إن دخول بعض المواطنين الذين لا صفة تمثيلية لهم ومن غير المتضررين بشكل مباشر أو غير مباشر على تقمص شخصية الغير والحرص على القانون وإفساح المجال لتقديم دعاوى وشكاوى كيدية ظاهرها (فعل الخير) وباطنها الابتزاز الرخيص، مع ما يحمله بعض هؤلاء المدعين من جهل بالقانون وحب للظهور والأذى من أجل التشفي أو المنفعة، مع ما يترتب على ذلك من تفشي ظواهر اجتماعية كريهة وغريبة على أخلاقيات مجتمعنا وما ينشأ أيضا نتيجة ذلك من منازعات وخصومات وتفسخ اجتماعي أمر في غاية الخطورة والأهمية والواجب المعالجة دون تريث أو هوادة.
إن نظام الحسبة المطبق في بعض الدول العربية في القضايا الشرعية والذي يجر الويلات على بنية المجتمع في هذه الدول لا يجوز أن نسمح به أو نتسامح مع من يريدون نقله وممارسته لدينا لا في القضايا الشرعية ولا في القضايا المدنية.
فبلدنا هو مصدر إشعاع وتنوير للآخرين لأنه مجتمع مبني على التكاتف والتآلف والإخاء والتماسك المجتمعي والقيمي.
إن دوائر الخدمات ومجالس المدن يجب ألا تكون مشرعة الأبواب أمام كل من (هب ودب...) أو أمام كل من يريد أن ينفس عن اختناقه وكيديته لتسجيل شكوى على جاره القريب أو البعيد إلا إذا كان فعلا متضررا أو له مبرراته المنطقية.
فالقانون ليس سلعة ليباع ويشترى بها، ونعود الى ما بدأ كلامنا بأن القانون وسلطة القانون وجدت لتكون مظلة يحتمي المجتمع بكافة أفراده وهيئاته بها ومظلة فوق رؤوس الجميع.
السيد وزير الإدارة المحلية:
السادة المحافظون:
هذا الموضوع هو برعايتكم واهتمامكم، فوحدة وتماسك مجتمعنا وترسيخ قيم المواطنة الصالحة فيه أكبر وأجل من عبث العابثين أو تصاغر النفعيين وأشباههم.