تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«أبيــــي» «18500» كم2 بين بحر الغزال وكردفان...أرادها الغرب دارفور أخرى.. ولاهاي أسست لحل قضيتها

قاعدة الحدث
الأثنين 27-7-2009م
إشراف : د. حيدر حيدر

أبيي، غنية ليس بالنفط فقط، بل وبجمال وخضرة طبيعتها الأخاذة وثرية أكثر بطيب معشر وبتسامح أهلها، الذين يتجاورون منذ قرون، ويحلون ما يعترضهم من خلافات بأنفسهم، وفق الأعراف والتقاليد ويعقدون الاتفاقات المحلية فيما بينهم ويلتزمون بها.

لكن ما الذي جرى كي تُحوّل أبيي إلى مركز صراع وبؤرة توتر، تهدد بإحباط اتفاق السلام الشامل في السودان، والذي تسعى كل القوى الوطنية المحبة للبلد أن يؤدي إلى تعزيز وحدة السودان وترسيخ الأمن والاستقرار فيه؟‏

إن الصراع في منطقة أبيي يشكل خيطاً من مجموعة خيوط، تحاول مجموعة دول غربية وشركاتها الاحتكارية العملاقة، -وخاصة النفطية منها- أن تنسجها ومنذ زمن طويل حول عنق السودان ساعية إلى تجزئته وإضعافه، بالتعاون مع أذرع محلية تساعد تلك الدول وهذه الشركات عن وعي أو دون وعي في استكمال مخططها.‏

لكن وكما يؤكد المطلعون على أوضاع أبيي، فإن سكان المنطقة يجزمون أن منطقتهم آمنة ومستقرة وهي نموذج للتعايش السلمي، وهو ما يؤكده سكانها أيضاً.‏

واضح للعيان أن الاستعمار بكافة أشكاله، يسعى لإدامة بقائه وبالتالي استغلاله لثروات الدول التي يحتلها. وهو ما حدث فعلاً في السودان، ففي عام 1905 قام المحتلون البريطانيون بإلحاق المناطق السودانية وتقسيمها بما يخدم مصالحهم. وهكذا طبقوا سياسات تؤسس لخلافات مستقبلية بين أناس عاشوا القرون متجاورين ومتعاونين وحتى في حالة الحرب، فإنهم يعودون إلى طبيعتهم السمحة وطيب معشرهم ويستأنفون حياتهم وتعايشهم السلمي. وإن ما يجري اليوم في أبيي يذكرنا ببدايات القرن حيث كان الانكليز يحتلون هذا البلد، إضافة إلى بلدان كثيرة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.‏

إن الأساس في حل مشكلة أبيي يكمن في تفاهم السودانيين، وقوة إرادتهم في تطبيق اتفاق السلام فيما بينهم، وتمسكهم بوحدة تراب السودان والحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره. من أجل الانطلاق لتحقيق تنمية شاملة يستفيد منها جميع مواطني السودان.‏

**‏

تقريــــر الخبــــراء...قاصـــر‏

جاء في البروتوكول بشأن أبيي الموقع في 26/5/2004: إن الرئاسة «الرئيس ونائباه» سوف تعين مفوضية حدود أبيي، وجاء في البروتوكول أيضاً أن المفوضية سوف تشمل -ضمن آخرين- ممثلين لأهل المنطقة والإدارة المحلية وخبراء. ثم تم التوقيع على ملحق لهذا البروتوكول في 27/12/2004 وخلاصته: إن المفوضية سوف تتكون من 5 أعضاء تعينهم الحكومة السودانية و5 أعضاء تعينهم «الحركة الشعبية» و5 أعضاء ممثلّين للولايات المتحدة وبريطانيا و3 من دول الايفاد، على أن يُفوض الأمر للخبراء الخمسة إذا عجز الطرفان عن الوصول إلى اتفاق وواضح أن الخبراء غير حيادين، فأميركا تناصب العداء للحكومة السودانية وتسعى لتفتيت السودان. وقد تجاوز الخبراء الأجانب صلاحياتهم بصورة منكرة. فقد كان المطلوب منهم رسم حدود عموديات الدينكا التسع. وقالوا :إنهم لم يعثروا على وثائق حاسمة لتحديد موقعها، وتجاوزوا مهمتهم بتناول قضايا أخرى.. وبدؤوا يقولون :إن المسيرية، وهي قبيلة عربية تسكن جنوب غرب كردفان، مترحلة ولا يمكن ضبط ديارها على حد زعمهم كما زعموا أن البريطانيين خلال احتلالهم للسودان «توهموا» أن بحر العرب هو الحد الفاصل بين مديرتي كردفان وبحر الغزال، ولكن الحد حسب الخبراء يقع شمال بحر العرب في منطقة «الرقبة الزرقاء». لذا قرروا أن الحد يقع في مناطق شمال بحر العرب. علماً أنها لم تكن أصلاً محل نزاع مثل كليك، والهجليج ونجاما. وكما كان هناك عدم توازن في حياد الخبراء، فهناك عدم توازن في أهمية الاهتمام برأي سكان المنطقة الذين تم إبعادهم عن شؤون منطقتهم. ويعتقد كثير من المختصين أن وساطة الإيفاد وشركاءها من أميركا وبريطانيا غير متوازنة. وكان ينبغي إشراك دول أخرى، عربية وإفريقية وآسيوية، لتحقيق التوازن.‏

إن مصير السودان والحفاظ على وحدته واستقراره يهم جميع مواطني البلاد، وليس طرفاً بعينه. والآن بعد صدور قرار قضاة لاهاي، فإن المسألة ليست أكاديمية أو نظرية تحل على أساس الوثائق والخرائط فقط، بل هي مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية، وينبغي مراعاة حقوق أهالي المنطقة بناء على تسوية سياسية مقبولة للجميع. ويبقى موضوع النفط واكتشافه هو ما أغرى الطامعين بهذه المنطقة وغيرها سواء في السودان أم غيره، وهذا هو السبب الحقيقي وراء ما سمي بأزمة أبيي.‏

**‏

25في المئة من نفط السودان .. و الشركات الأجنبية تتنافس‏

تقع أبيي غرب منطقة كردفان السودان، وتحدها شمالاً المناطق التي تسكنها قبيلة المسيرية، وجنوبا بحر العرب القريب منها، ويعيش فيها مزيج من القبائل مثل الدينكا والمسيرية والزريقات، وتعتبر منطقة تداخل بين قبيلة المسيرية الشمالية، وقبيلة الدينكا الجنوبي، وهو تداخل يعود تاريخه إلى منتصف القرن الثامن عشر.‏

وظلت المنطقة تتبع إدارياً المناطق الشمالية، لكنها تحولت حالياً إلى منطقة نزاع بين الحكومة السودانية «الحركة الشعبية». وعانت قبائل تلك المنطقة من آثار الحروب الأهلية في السودان منذ الحرب الأولى التي امتدت بين سنوات 1956 و 1972، والحرب الأهلية سنة 1983.‏

إن أبيي هي منطقة تمازج بين القبائل العربية والافريقية. وتعد مسألة الحدود غير الواضحة في أبيي الغنية بالنفط مصدراً لنزاع تؤججه الصراعات الأجنبية بشأن الاستئثار بهذه المادة الحيوية للاقتصاد، وهي تبقى أيضاً مصدراً لأي نزاع داخلي محتمل، يعود سببه للنفط أيضاً.‏

تبلغ مساحة أبيي 18500 كم2، وعدد سكانها يقدر بعشرات الآلاف ويشكل النفط فيها 25٪ من إنتاج السودان.‏

ويشكل الصراع من أجل برميل النفط السبب الأساسي وراء اندلاع المعارك العنيفة في أيار 2008، ما أثار المخاوف من استئناف القتال بين القوات السودانية «الحركة الشعبية» إلا أن الطرفين اتفقا بعد شهر على خريطة طريق تسمح بعودة آلاف النازحين وإقامة إدارة انتقالية، كما طالبا بتحكيم دولي لتسوية الخلاف، علماً أن اتفاق 2005 ينص على حق السكان في تحديد تبعية منطقتهم إلى الشمال أو الجنوب عبر استفتاء يجري في 2011، ويترافق ذلك مع استفتاء آخر في تقرير مصير الجنوب.‏

ويحلو للبعض أن يسمي الصراع في أبيي. أنه من أجل تحديد الهوية والثقافات العربية والافريقية، لكن الواقع يؤكد أنه لا فرق يذكر بين الدينكا والمسيرية من حيث التعايش السلمي السائد هناك، لولا تدخل أياد ترغب في الاستئثار بالنفط.‏

إن أبيي ليست غنية بالنفط فقط، وإنما ثرية بجمال وخضرة وطيب معشر وتسامح يكتنف أهلها، حتى في أحلك ظروف الاحتراب ويصر أهلها على دحض الفتن والشائعات، ويؤكد المراقبون النزيهون أن الصراع الدائر في منطقة أبيي بمثابة خيط من خيوط العنكبوت تنسج على مهل واتقان شديدين من مجموعة دول غربية، الأمر الذي جعلها شائكة ومعقدة استعصت على طرفي النزاع، وهكذا فإن مسألة أبيي تشكل خيطاً واحداً من خيوط العنكبوت التي تنسج على مهل وتحيط بالدولة السودانية على مهل من قبل دول غربية عديدة، فيما تعمل أذرع محلية بدأب على نسجها بإحكام وإتقان للف هذه الخيوط حول عنق الوطن السوداني بكامله.‏

ورغم ذلك فإن سكان المنطقة يجزمون بأن منطقتهم في قمة أمنها واستقرارها وقمة تعايشها السلمي. ويؤكد محمد الدوريك معتمد أبيي أن المنطقة باقية بنسيجها الاجتماعي بغض النظر عن نتائج مجلس حكماء لاهاي. ومهما يكن فإن أبيي منطقة التقاء الثقافات بين الشمال والجنوب، وهي باقية كنموذج للتعايش السلمي، كما يؤكد سكانها.‏

**‏

المحتلون أسسوا للخلافات المحلية‏

تثير مسألة أبيي جدلاً واسعاً ضمن واقع ومعطيات الوضع السياسي السوداني الراهن. فبعد مفاوضات شاقة وطويلة، تم التوصل عام 2005 إلى اتفاقية للسلام وقعتها الحكومة السودانية مع «الحركة الشعبية».‏

إن أبيي تثير المخاوف، وهي يمكن أن تتفاقم بسبب فقر سكانها وبسبب الثروات النفطية التي تحويها. وحسب بعض المصادر فقد هدمت مدينة أبيي في أيار عام 2008 خلال معارك جرت بين الجيش السوداني والمتمردين الجنوبيين السابقين، وشكلت أكبر خطر على الاتفاق المعروف باسم اتفاق «نفياشا» والذي وضع حداً لحرب أوقعت الكثير من قتلى. وبعد سنة على هذه المعارك أخذت أبيي تنهض ببطء من خرابها وبدأت ترتفع فيها أكواخ جديدة تعلوها أسطحة مكسوة بالقش وليتوجه العديد من أطفالها سيراً على الأقدام إلى المدارس. فيما يقوم تجار بتبادل الزيت والأرز.. في أرض خلاء موحلة تقوم مقام السوق. وذكرت بعض المصادر أيضاً أن ما يزيد عن 50 ألف شخص فروا من المعارك ولجؤوا إلى مناطق قريبة، ولم يعد منهم سوى 5000.‏

فما مؤشرات الأزمة في منطقة أبيي؟‏

تقع أبيي بين منطقتي بحر الغزال وكردفان وتعيش فيها قبائل المسيرية «البقارة» وقبيلة الدينكا نقوك. وقد اتسمت العلاقة بين هذه القبائل بالتعاون القائم على رعاية مصالح الطرفين في الموارد. وفي عام 1905 تلاعب المحتلون الانكليز وطبقوا سياسات تؤسس لخلافات مستقبلية بين أقوام عاشوا لقرون متجاورين ومتعاونين.‏

ففي ذلك العام نقل الانكليزي إمارات دينكا نقوك التسع من بحر الغزال إلى كردفان إدارياً. وبعد أن نال السودان استقلاله في العام 1956. وبدأت ملامح حرب أهلية منذ عام 1955 يقودها متمردو الجنوب وقعت أحداث مأساوية في أبيي بين الدينكا والمسيرية. وفي عام 1972 وضع اتفاق أديس أبابا الموقع في ذلك العام حداً للحرب الأهلية الأولى، وقد مثل اكتشاف النفط في هذه المنطقة عام 1979 متغيراً جديداً زاد من تعقيد مسألة أبيي، ما جعل حق أهل المنطقة في تحديد إرادتهم في الانتماء داخل الوطن السوداني جغرافياً يخضع لاعتبارات خارجية طامعة في نفط السودان وأذرع محلية تنفذ إرادة الشركات الغربية التي تريد الاستئثار بهذه الثروة المهمة والمحركة للاقتصاد العالمي.‏

إن بروتوكول أبيي الموقع في 26 أيار 2004 أعطى تعريفاً محدداً للمنطقة التي تمثل منطقة عموديات دينكا نقوك التسعة التي حولت إلى كردفان عام 1905، حيث أصدرت سلطات الاحتلال الانجليزي قراراً إدارياً بهذا الخصوص. أما بروتوكول أبيي لعام 2004 فقط أعطى مواطني هذه المنطقة حق الاستفتاء حول خيارين الأول أن تحتفظ أبيي بموضعها الإداري الخاص في شمال السودان، والثاني أن تكون أبيي إدارياً جزءاً من جنوب السودان، علماً أن الاستفتاء من المقرر أن يجري عام 2011، أي أن تكون تابعة لاقليم بحر الغزال. كما أعطى البروتوكول القبائل حق الاحتفاظ بحقوقهم التقليدية في رعي ماشيتهم والتحرك عبر منطقة أبيي، كما نص أيضاً أن تدار المنطقة بواسطة مجلس تنفيذي ينتخبه سكان المنطقة ويكون تابعاً لرئاسة الجمهورية، وتساهم الحكومة السودانية لتحسين مستوى معيشة أهالي أبيي، بمدهم بالمشاريع الإنمائية والعمرانية.‏

لقد نظر البروتوكول المشار إليه إلى جوهر القضية الأساسية، كما سعى لوضع الحلول اللازمة التي ركزت على الحل السياسي ومعالجة مواضيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأعطت مساهمة واسعة لمواطني أبيي في المشاركة وتطوير منطقتهم، ما يؤدي إلى الاستقرار.‏

**‏

تحكيم «لاهاي»: لجنة الخبراء تجاوزت التفويض‏

تمكنت هيئة التحكيم الدولية إلى حد بعيد من تحديد التجاوز الذي اقترفه الخبراء في التفويض الممنوح لهم «وفق بروتوكول أبيي» والذين تولوا ترسيم حدود المنطقة عام 2005، وأضافوا مساحة جديدة إلى منطقة شمال الحدود التي تركها الاستعمار الانكليزي حيث خروجه في العام 1956. وكان مطلوباً أيضاً من المحكمة أن تقدم رؤيتها لحدود أبيي وفق الوثائق التي قدمها الطرفان المتنازعان.‏

وقد خلصت المحكمة إلى أن الخبراء تجاوزوا تفويضهم بشأن الحدود الشمالية، كما تجاوزا التفويض بشأن الحدود الشرقية والغربية، ما جعلها تُعيد ترسيم الحدود. وتقلص مساحة أبيي من 18500كم2 إلى 10000كم2، كما منحت حقول النفط الأساسية إلى الشمال، وأقرت المحكمة بحقوق الرعي والحقوق الثانوية للقبائل في منطقة أبيي ودعت إلى التزام الحكم.‏

وكانت قد بدأت في نيسان الماضي بمباني محكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات المرافعات الشفهية لدى محكمة التحكيم الدائمة لحسم النزاع حول حدود منطقة أبيي.‏

إن التحكيم مبدأ قديم. وكانت الدول تستعين به في حال النزاع، وفيما بعد صارت تتفق مقدماً، في معاهدات تبرمها، بالرجوع إلى التحكيم لدى اندلاع نزاع حول تفسير المعاهدات أو تنفيذها، أو حول الحدود، لكن الخطوة الأهم حول تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية، كانت في مؤتمر لاهاي للعام 1899، حيث تبنى اتفاقية لتسوية النزاعات سلمياً، وكان الجزء الرابع منها والمواد 15-57 مكرساً لموضوع التحكيم، وقد أدخلت تعديلات على اتفاقية التحكيم في مؤتمر لاهاي الثاني عام 1907. وبعد الحرب العالمية الأولى شهد التحكيم ازدهاراً مهماً بتبني عصبة الأمم الوثيقة العامة للتحكيم في عام 1928.‏

بعد الحرب العالمية الثانية رفضت الأمم المتحدة فكرة إصدار اتفاقية حول التحكيم. ولكن تقرر لاحقاً إنشاء محكمة التحكيم الدولية وجعل ولايتها اختيارية، لأن الدول الأعضاء فضلت أن تبقى حرة في الاحتكام إلى أي هيئة أخرى تختارها. ولم تكن هذه المحكمة مكونة من قضاة معنيين ودائمين، وإنما هناك قائمة بأسماء رجال قانون مشهورين تختارهم كل دولة عضوة في الاتفاقية لست سنوات قابلة للتجديد بمعدل أربعة لكل دولة على الأكثر، ومن هذه القائمة تختار الدول المتنازعة هيئة التحكيم المؤلفة من خمسة أعضاء. وقد فصلت المحكمة ومقرها قصر السلام في لاهاي حتى الآن في أكثر من ثلاثين نزاعاً في قضايا مختلفة، وكان آخرها الفصل في النزاع بشأن أبيي.‏

**‏

وحـــدة الســودان ..‏

أفـــق الســـلام الممكـــن‏

يبدو أن معالجة مسألة أبيي مهم للغاية، فهي في لب اتفاقية السلام الشامل لعام 2005، وهي مهتمة بمعالجة أوضاع سكانية واجتماعية واقتصادية، وكذلك مستقبلية على أرض الواقع. وقد بيّنت الأزمة الحالية أن وجود فرقاء محايدين فعلاً مهم للغاية للسعي لإيجاد حل متوازن. فلجنة الايفاد التي ضمت ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا وثلاث دول إفريقية صبت الزيت على النار وساهمت في إذكاء نار المشكلات. ولولا قرار قضاة لاهاي المتوازن لأخذت أبعاداً أخرى تهدد وحدة السودان وأمنه واستقراره، بل ومستقبله. وهكذا فإن معالجة أزمة أبيي سياسياً تخلق الأمل بتحقق السلام في أجزاء البلاد.‏

وهذا يقتضي عودة مختلف الأطراف إلى إكمال مسيرة العملية السلمية، ويؤكد المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن العودة لتنفيذ بروتوكول أبيي هو الأساس في حل الأزمة القائمة، معتبراً أن هناك إمكانية لأن تكون المنطقة نموذجاً لتكوين الشخصية السودانية المتنوعة بعد دارفور «التي زاوجت بين العرب والأفارقة من قبل».‏

وتؤكد الحكومة السودانية، وهي محقة، على ضرورة إجراء تعداد سكاني، كما أن تقرير الخبراء فشل في تحقيق أهدافه، وخاصة أنه جاء مخيباً للآمال، ما جعل أبيي عثرة على طريق وحدة السودان، ولا سيما أن المنطقة تطفو على بحر من النفط.‏

علماً أن ترسيم الحدود، وتنفيذ ما صدر عن قضاة لاهاي، كذلك إنهاء الخلاف السياسي والجغرافي حول أبيي يعتبر ضرورياً لتحقيق استفتاء عام 2011، لأن قضية أبيي باتت تهدد إنجازات «نيفاشا» ما جعل المنطقة حائرة سياسياً وجغرافياً وديمغرافياً، وهكذا فإن هناك اختباراً حقيقياً في الفترة المقبلة، لقدرة السودانيين بكافة مشاربهم على التعايش السلمي وترسيخ الوحدة.‏

إن ردع القوى الساعية لعدم استقرار السودان يبدو مهماً للغاية وهذا يقتضي حزماً من الحكومة السودانية لمنع التعديات على المدنيين من قبل «الجيش الشعبي» الذي استخدم أسلحة متطورة في هجماته في أبيي. ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى وتهديم المنازل وحرقها ونزوح عشرات الآلاف عن ديارهم. وهذا ما يؤكده السيد محمد خاطر جمعة رئيس عام اتحاد المسيرية الذي أوضح أن المسيرية ليسوا مقاتلين، لكن قوات «الحركة الشعبية» دخلت أراضيهم وبدأت تقتل ماشيتهم ورعاتهم، وحاولوا أن يدافعوا عن أنفسهم لكنهم واجهوا قوات منظمة معها دبابات ومدافع وراجمات، وضربوا المسيرية بأسلحة محرمة أيضاً. وقد طلبنا في عدة شكاوى من الدولة أن تتدخل في هذا الموضوع.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية