وينثر بذور الفتنة فيه انتقاما من مقاومته ونضاله والتضحيات التي قدمت لنيل الاستقلال: لهذا تكون المرحلة التي تلي عمليات انسحاب القوات المحتلة أكثر حرجاً ودقة.
والاحتلال الاميركي للعراق كان كارثياً بكل معنى الكلمة على الشعب العراقي وعلى المنطقة برمتها. فقد جند لهذا الاحتلال عتاة الاجرام والتخطيط الاجرامي الصهيوني ومنذ زمن بعيد وجاء تنفيذ ذلك مع وجود ادارة أميركية لم تكن أكثر من خاتم بإصبع مجرمي الحرب الصهاينة والهدف من وراء ذلك هو الاستيلاء على المنطقة بشكل كامل تحت مسمى «الشرق الأوسط الجديد» والذي هو فكرة مجرم الحرب بيريس فعاثت آلة الحرب الأميركية دمارا وقتلا وخرابا في العراق.
بعيدا عن مبررات احتلال العراق والتي أثبتت الأحداث والوقائع كذبها وزيفها من أسلحة الدمار الشامل إلى نشر الديمقراطية، وأي ديمقراطية تأتي بها أسلحة الاحتلال الفتاكة، وبدأت تتكشف الحقائق منذ الأيام الأولى لغزو العراق وخاصة ما جاء على لسان زعيم البيت الأبيض آنذاك جورج بوش الابن من انها حرب صليبية ومن أن السماء هاتفته بأن يجتاح العراق وغيرها الكثير.
ولولا صمود المقاومة العراقية وايمانها بحتمية النصر لما فكرت أي ادارة أميركية بالانسحاب من العراق.
الآن أمام الشعب العراقي تحديات كبيرة جدا للنهوض من تحت الركام الذي خلفه الاحتلال الاميركي ومن لف لفه، فالولايات المتحدة لم تفكر يوما ولن تفكر بإعمار مادمرته آلة حربها وكل ما يهمها هو كيفية الحصول على ثرواته بعد الانسحاب ولن تفكر بمئات آلاف العراقيين الذين هجرهم الاحتلال من ديارهم وبلدهم وخير دليل عدد العراقيين الذين سمحت لهم الولايات المتحدة بالذهاب إليها زمن الاحتلال..
والأشد خطرا هو بذور الفتنة التي عملت قوات الاحتلال وساسته على زرعها بين مكونات الشعب العراقي، لذلك فالمصالحة الوطنية العراقية هي المنقذ وهي التي تحول دون تنفيذ مآرب المحتلين بعد انسحابهم وبناء الدولة والاستفادة من مقدرات الشعب العراقي الكبيرة والكثيرة والكفيلة بوضع العراق على السكة الصحيحة إن استثمرت بالشكل الأمثل والشعب العربي وخاصة في سورية قيادة وشعباً لن يألو جهداً في مساعدة الشعب العراقي للوقوف على قدميه من جديد وأخذ دوره الذي يستحق وسورية التي وقفت بكل قواها وإمكاناتها إلى جانب الشعب العراقي في السنوات الماضية واحتضنت مئات الآلاف من شعبنا العربي في العراق. وهذا ليس بجديد على سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد إن كان مع الأشقاء العراقيين أو الأشقاء في لبنان وفلسطين وغيرهما أيام المحن فهي لم ولن تفرق يوماً بين المواطن السوري أو المواطن العراقي أو اللبناني أو الفلسطيني أو أي مواطن عربي والتاريخ يشهد لسورية بأنها لم تقصر في مساعدة الشعب العراقي في المستقبل ولدينا الكثير الذي نستطيع تقديمه لمساعدة العراق.
كذلك أمام الشعب العراقي وقواه السياسية والشعبية الكثير من التحديات والمصاعب وأهمها التنبه لما يحاك حتى الآن ضده خاصة من الذين أغرقوه بالوعود البراقة والمزيفة، والقوى التي قامت بغزو أراضيه لن تنسى يوما أن هذا الشعب حال دون تنفيذ المخططات الشريرة للنيل منه والاقتصاص من أبنائه فالعراق عمقه عربي وهو عمق العرب والقضايا العربية المصيرية بحاجة إلى جهد كل أبناء العراق كما هي بحاجة إلى جهد كل عربي أينما وجد.