|
النكــبة.. ليســــت مصطـلحـاً ولا كـلمة! شؤون سياسية و إرغامه على ترك وطنه واحتلاله وإحلال الغرباء في مكانه- موطنه. ويظن جهلة الكنيست أن اتخاذهم قرارا بمنع (استذكار النكبة) يمكن أن يلغيها ويمكن أن يرغم الملايين على نسيانه. نقول، وبلغة الأرقام في سنة 1948 تشرد من فلسطين بالقوة والغصب نحو ثمانمئة ألف إنسان، وفي الوقت عينه بقي في فلسطين المحتلة من أهلها نحو ثمانين ألفا. فهل المطلوب اليوم أن ينسى نحو مليون فلسطيني كلمة نكبة، أو أن يتم منع استخدام كلمة نكبة في مد ارس الثمانين ألفاً؟ للعلم هؤلاء الثمانون ألف فلسطيني صاروا مع الزمن، أي بعد واحد وستين عاما مليوناً وأربعمئة ألف إنسان في داخل الوطن المحتل ذاته وللعلم كذلك فإن الثمانمئة ألف فلسطيني الذين شردوا في عام 1948 قد أصبحوا اليوم- وبعد واحد وستين عاما- أكثر من ثمانية ملايين أي بحسبة بسيطة فإن من اكتووا بنار النكبة صاروا أكثر من عشرة أضعاف في غضون الستين عاما، وبالتالي فإن شهود الجريمة تكاثروا، والمطالبين بالحق وبالثأر قد تكاثروا والذين يذكرون (النكبة) قد تضاعفت أعدادهم عشرات المرات- لأننا يجب ألا نغفل حقيقة أن الشعب العربي معني بالنكبة وهو عانى في أقطاره من العدوان الصهيوني- مباشرة وغير مباشرة لأن فلسطين قضية الأمة المركزية- كانت وتبقى. عليه كيف يمكن تغييب النكبة؟ وكيف يمكن لقرار أن يمحو حدثا في مجرى التاريخ الإنساني هو من العمق والخطورة ما جعله يشكل- حتى اليوم وغدا، خطرا داهما على أمن وسلام العالم كله. من هنا يمكن لنا أن نؤكد أن القرار الصهيوني محاولة لفك الحبل أو قطعه من حول العنق الصهيوني الذي شرد واغتصب وقتل وتمادى وتمرد على القانون الأممي وتنكر لمبادئ الإنسانية وبما لم يجرؤ أحد قبل الصهاينة الغاصبين عليه في التاريخ الحديث والمعاصر على الإطلاق. بل نؤكد أن التبرم والضيق الصهيونيين من (النكبة) يزداد أن مع غروب شمس كل نهار جديد. فإن كانت جغرافية اللجوء الفلسطيني في عام 1948 قد اقتصرت على أقطار عربية بعينها ( الأردن وسورية ولبنان والعراق ومصر) فإن الزمن بتزاوجه مع الإرادة الفلسطينية قد وسعا المساحة الجغرافية للنكبة وأثرها وعمقها بحيث صارت تشمل الكرة الأرضية من تشيلي إلى اليابان عبر الولايات المتحدة واوروبا ووصولا إلى ماليزيا وغيرها من دول العالم وهذا الامتداد ليس سطحيا بل هو عميق وعمق في الوقت عينه الجرح ومساحة من يتعاطف مع المجروح عالميا. قبل أيام قليلة كان المناضل العالمي نيلسون مانديلا يدين جرائم المحتلين الصهاينة وهو يحتفل بعيد ميلاده الذي تجاوز التسعين عاما. (النكبة) حدث خارج سياق مسار التاريخ، ولكي يتم شطبها ونسيانها وجب أن تخرج نهائيا مع أثرها من سياق التاريخ بمعنى أن يستقيم المسار التاريخي فلا تكون فيه (النكبة) ولا تكون فيه تابعتها (النكسة)- عدوان الخامس من حزيران عام 1967 بمعنى عودة من أرغم من شعبنا على مغادرة وطنه، وإذا كان المحتلون قد راهنوا على (عامل الزمن) ما يعني أن الذين عانوا مباشرة من الاحتلال ومن التشرد سوف يموتون وأن الأجيال التي تليهم ستنسى النكبة وتنسى الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في فلسطين فإن ما حصل خيبهم وأفشل خططهم وآمالهم. إن فلسطين في القلب والضمير وهي الحضور الدائم القوي في الروح الإنسانية للعرب والمسلمين ولكل بني الإنسانية الذين ينشدون الحق والعدل والأمن و السلام، الى جانب كونها عامل التمسك الأسمى بالحياة والتشبث بها إلى حد الشهادة، في القلوب والألباب الفلسطينية- أكانت في قلب المحتل من الوطن أم كانت في أبعد مكان في الكرة الأرضية عن فلسطين. كل مياه البحار والمحيطات لن تغسل اليد الصهيونية الآثمة من الدم الفلسطيني ومن إراقة الحق العربي والفلسطيني ومن آثار الجرائم المستمرة ضد السلم والعدل والحق في العالم وبالتالي لن يستطيع قرار أن يمحو النكبة على الإطلاق فحتى وإن حل العدل وامتلك الفلسطينيون حقهم في الدولة والعودة وقدسهم ،فإن التاريخ سيظل يذكر (النكبة) والقتلة حتى تتعلم الأجيال الآتية من البشرية الدرس الرهيب والمؤلم الذي لا ينسى والناتج عن (النكبة) وعن مقاومتها حتى هزيمة مرتكبي جريمتها ومحو أثرها. nawafabulhaija @yahoo.com
|