ولأنه يعتقد أن حل الدولتين هو الذي يحقق مصالح الطرفين، وأن الوقت آخذ بالنفاد لجهته، لذلك عمد إلى زيادة ضغوطه على الجانبين معربا عنها بأقوال أدلى بها في اجتماع البيت الأبيض الذي عقد بتاريخ 13 تموز مع ممثلي المنظمات الامريكية-اليهودية القيادية أثارت امتعاض وتذمر البعض منهم إزاء توجهات اوباما، واعتباره غير عادل لأنه يمارس الضغوط على إسرائيل لجعلها تقدم التنازلات في موضوع المستوطنات القائمة في الضفة الغربية بينما يبدي تساهلا مع الفلسطينيين.
وفق ما ذكره البعض حول الاجتماع المنوه عنه فإن اوباما أظهر لطفا ودماثة دون ان يفرط بالحزم الذي أبداه تجاه الطلب إليه عدم الإعلان عن الخلافات مع القادة الإسرائيليين. وبدا حزمه عندما قال أحد الحضور: إن السنوات الثماني الماضية أظهرت فرصا جيدة لتحقيق السلام يعود الفضل بها الى المواقف الموحدة لاسرائيل والولايات المتحدة، إلا أن اوباما دحض تلك المقولة وأعاده بالذاكرة إلى تلك الحقبة مشيراً إلى أن تلك الروابط قامت بين إدارة بوش وحكومتي ارئيل شارون وايهود اولمرت لم تحرز أي تقدم نحو إحلال السلام.
وذكر مدير الرابطة اليهودية ضد التشهير ابرهام فوكسمان لصحيفة لوس انجلوس تايمز أن اوباما قال: إن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا قريبتين من بعضهما البعض على مدى ثماني سنوات، ولم ينجم عن ذلك سوى نتائج ضئيلة، وانه يهدف إلى إيجاد قوة دافعة للتوصل الى حل للنزاع، وعندما تمارس الولايات المتحدة الضغوط على اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية فإنها تسعى الى دفعهم لتقديم التنازلات، لكن فوكسمان ابدى عدم اقتناعه بتلك الأقوال في حين عبر البعض من الحضور عن تحفظهم تجاه رؤية الرئيس الامريكي، بينما أبدى البعض الآخر ميلا إلى تأييد وجهة نظر اوباما، وإعطائه الفرصة لتحقيق ما يصبو إليه، ومنهم منظمة اللوبي اليهودية-الامريكية الجديدة جي-ستريت التي أيدت وجهة نظر اوباما، وترى بأن تقديم الدعم لاسرائيل يبقى مرهونا بما تبذله من جهود لتحقيق السلام.
وقد جاء حضور جيرمي بن عامي من منظمة جي-ستريت اجتماع البيت الابيض ملطفا من المواقف المعلنة لمناصري المؤسسة الأمريكية-اليهودية أمثال فوكسمان ومالكولم هونلين نائب الرئيس التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية-الامريكية الكبرى، الذي أعلن على الملأ معلقا على خطاب اوباما في القاهرة بقوله «إن المؤيدين من بين القادة اليهود ينتابهم القلق وتساورهم الشكوك في مبادرته الأخيرة حيال الشرق الأوسط، ويعرب البعض منهم عن تساؤله عن حقيقة الرؤية الفعلية له».
على الرغم من المواقف المعلنة لأوباما فقد استطاع الحصول على ثلاثة أرباع أصوات اليهود في الانتخابات التي جرت العام الفائت، وهو على ثقة تامة بإمكانية الاحتفاظ بهذا التأييد حتى لو مارس الضغوط على اسرائيل بشأن موضوع المستوطنات لأنه لا يشكل الأداة لتحقيق الأمن لإسرائيل الذي يبدي اوباما التزامه به بشكل مستمر.
يعرف اوباما مقدار الضغوط التي يتعين عليه ممارستها بغية التوصل إلى حل الدولتين، وقد بدأ بموضوع تجميد المستوطنات الذي يطالب بتنفيذه، إذ إنه في واقع الامر ليس سوى آلية لبناء الثقة لتشجيع دول الجوار على تقديم مبادراته مقابله، الأمر الذي يساعد على استئناف المفاوضات.
ثمة اصوات في القيادة الاسرائيلية تساورها الشكوك في نجاح جهود اوباما نحو تحقيق سلام الدولتين، لأن الجميع يعلم جيدا أن عقدين من الزمن قد مرا وبذلت جهود كبيرة بهما دون ان تفضي الى نتائج مثمرة.
قال خافيير سولانا الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي: إنه في الاحوال التي لا تتمكن بها الأطراف من التوصل الى انهاء النزاع في المستقبل القريب، فإنه يتعين على المجتمع الدولي ان يفرض الحل المناسب لتلك المعضلة، وأضاف: إنه يجب على جهات الوساطة ان تضع جدولا زمنيا لانجاز مهمتها.
ودعا خافيير سولانا مجلس الأمن إلى إقرار حل الدولتين، وتثبيت الحدود بينهما، ومعالجة موضوع القدس، والامن، ومصير اللاجئين. تلك الأمور التي لم يتعرض لها اوباما بتصريحاته التي تمحورت حول حل الدولتين وإجراء المفاوضات للتوصل إلى اتفاقية سلام بينهما. لكن سولانا ذا الخبرة الكبيرة في معضلات الشرق الأوسط يدرك أن ما تمارسه الولايات المتحدة من ضغوط لخلق الثقة بين الطرفين لا يمثل سوى موضوع صغير إذا ما قيس بالمواضيع المطلوب تنفيذها لتحقيق اتفاقية سلام نهائية.
بقلم: توني كارن