وتدمير معظم المدن العراقية الأخرى، كانوا جميعاً ضحايا لهدف نبيل حقيقة كما يقال، لقد فعلت أميركا كل ذلك في العراق من أجل القضاء على النظام السابق تحت ذريعة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل لم يثبت شيء من ذلك إطلاقاً.
وبالرغم من قساوة النظام السابق في العراق؟ تبين أنه ليس أكثر قساوة من الفوضى التي سببها الغزو الأميركي لاحقاً لهذا البلد، والقسوة الأشد التي قد تحصل إذا ما فشلت الحكومة الحالية في أداء دورها، وهو احتمال وارد برأيي الشخصي.
وإذا ما حصل ذلك، فإن النتائج البديلة هي احتمال هروب أميركا نهائياً من العراق، وسحبت جميع قواتها من هناك، تاركة هذا البلد فريسة للفوضى الشاملة وهذا ما قامت به بالفعل إدارة نيكسون في فيتنام عندما تركت شعب فيتنام يواجه مصيراً أسوأ بكثير بما لا يقاس من المصير الذي كان يمكن أن يواجهه هذا الشعب، فيما لو لم تتدخل أميركا في بلاده أساساً، والنتيجة الثانية الممكنة هي رفض الرئيس الأميركي أوباما التخلي عن «حرب الاختيار» التي شنها بوش خوفاً من اتهام - الجمهوريين - له بـ«الاستسلام للإرهاب» و «ترك حلفائه» وقد يسعى أوباما للبحث عن حل مقبول من خلال زيادة وتعزيز تواجد الشركات الأميركية الخاصة الموجودة في العراق، وبالرغم من أن ذلك سيحقق فوائد قليلة للعراقيين، ولكن ذلك سينقذ أوباما شخصياً من الحرج العام.
ويمكن تسمية هذه المقاربة بـ «الحل بواسطة التمويه» وهو ذلك النوع من الحلول الذي طبقه البيت الأبيض في عهد الثلاثي:
بوش - تشيني - وروف ففي العراق لم تفعل أميركا شيئاً عملياً لتعزيز الهدنة الهشة القائمة حالياً وكان يقيني الشخصي دائماً هو أن العلاقة بين أطياف الشعب العراقي هي من نوع المشكلات التي تحل نفسها بنفسها بالتدريج، لأنه ببساطة، لا يوجد مكان آخر قد يذهب إليه بعد تعايشهم مع بعضهم لعدة قرون في هذه الأرض الخصبة والسهل الذي يفصل بين نهري الفرات ودجلة.
لقد كان الغزو الأميركي للعراق واحتلاله هو السبب في تفجير الصراع على السلطة ولعل الموضوع الأخطر، والذي يبقى معلقاً دون حل في العراق، هو موضوع التجاذب والمطالب حول حقول منطقة كركوك الغنية بالنفط، وهي مطالب تتغذى على مطامع متبادلة إن مدينة كركوك الغنية بالنفط، مرغوبة من قبل جميع شركات النفط والحكومات الأجنبية، وبالطبع من قبل أي حكومة تحكم بغداد.
وباكتمال انسحاب الجيش الأميركي من المدن العراقية، اختفى الزي العسكري military uniform من شوارع هذه المدن لكن القوات الأميركية ستبقى على مسافة قريبة من هذه المدن وعلى جاهزية تامة للقيام بدور الحكم في حال حصول حوادث أو مشكلات، وكما هو مقرر، فإنه من المتوقع أن تغادر القوات الأميركية في نهاية العام القادم.
أما بقية الأميركيين، باستثناء العاملين في الشركات الأمنية، فسيغادرون في نهاية العام الذي يلي رحيل القوات الأميركية، وسيتم الإجابة عن سؤال السيادة منذ الآن وحتى ذلك الوقت وسيكون مصير سياسة أوباما الخارجية قد تحدد أيضاً في خلال هذه الفترة.
بقلم: وليام فاف