ربيعنا نقرؤه في همّة شاب سيضع برنامج تحضيره لامتحانات البكالوريا منذ الآن وفي تصميمه على الربط بين اجتهاده وبين ما يتعرّض له وطنه من مؤامرات ومحاولات قتل كلّ جميل فيه..
ربيعنا الذي نتعرّف إليه من خلال وصية واحدة تلقيها الأم في ضمير ابنها الملتحق بخدمة العلم وملخصها: سورية هي أمّك فلا ترخص بها..
ربيعنا نتهجاه إصراراً على استمرار الحياة وليس حرائق تشعل الزرع والضرع ولا تترك خلفها إلا الرماد..
ربيعنا يتجدد بـ «كورال» أكبر مغنية فيه عمرها /12/ سنة ينشد الوطن أملاً وإيماناً ومستقبلاً مزهراً..
الربيع هو الذي يضع أمّنا سورية أول وردة في مشوار تفتّحه وأحلى عبق في سفر عطره ونجواه..
أما «ربيعهم» فما هو إلا محاولة لرجم الحياة وجعل هذه الحياة قبيحة كأعمالهم التي تضرم الخراب والدمار في كل مكان..
للمرّة الثانية يستهدف الإرهاب الأسود مدينة تشرين الرياضية أثناء إقامة مباريات كرة قدم فيها، فهل يستهدفون باستهدافهم لمباريات كرة القدم «أركان النظام» كما يدّعون، ويحاولون من خلاله تبرئة أفعالهم الرخيصة بحقّنا كسوريين نؤمن بانتمائنا لهذا البلد الطيّب الشريف؟
في الملعب ذاته وقبل نحو شهر من الآن وجّه الإرهاب قذائفه إلى مباراة فريقي الوثبة والنواعير بدوري كرة القدم فقضى لاعب الوثبة يوسف سليمان شهيداً وأصيب خمسة لاعبين بجروح مختلفة، والاثنين الماضي يعاود الإرهاب هجومه على الملعب ذاته في مباراة مصفاة بانياس وأمية ويتعرض أكثر من لاعب وإداري ومدرب والزميل الصحفي يونس المصري من جريدة « الرياضية» لإصابات طفيفة والحمد لله، وكأن الإرهاب يريد أن يقول لكل من يتمسّك بالحياة إنك عدوي وقد حقّت عليك نيران حقدي!
نعرف هؤلاء الشباب جيداً، معظمهم بين الـ 18 والـ25 عاماً تركوا أهلهم وأرادوا أن يعبروا بطريقتهم عن إرادة الحياة التي يتمسّك بها السوريون فكان أن تمّ استهدافهم لهدف وحيد هو تعطيل رغبتهم بالحياة، لاناقة لهم بالسياسة ولا جمل، يحبّون كرة القدم ويعشقونها، وكل ما يفعلونه هو أنهم يمارسون هذه اللعبة والتي كثيراً ما جمعت على مدرجاتها عشرات الآلاف في مباراة واحدة...
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فقد سبق أن تناولنا ما تعرّضت له رياضتنا من إرهاب في تحقيق مفصّل، وكيف أن استهداف الرياضة السورية كان مساراً واضحاً في تفاصيل هذه المؤامرة الكونية وما زال، ومن سوء حظّ الرياضة السورية أن أكثر من مناسبة رياضية اضطررنا لخوضها في دول الخليج، ولأن اللؤم عنوان عريض لدى أصحاب الكروش الممتلئة خيانة وتآمراً كان من الطبيعي ألا يفوّتوا مثل هذه (الفرص) من وجهة نظرهم، فراحوا يستأجرون بعض المراهقين في أدوار مفضوحة ومقززة فينزل أحدهم ويركض بـ «علم الانتداب» في الملعب أثناء سير المباراة عندما يكون فريقاً سورياً طرفاً في المباراة ليعطي الفرصة لمعلّق المباراة «المؤدلج» في النباح بضع دقائق نفاقاً في حبّ الشعب السوري ودعوات كاذبة لهذا الشعب بالتخلّص من الظلم الذي يعيشه حسب زعمهم..
ثمة أمور لم يعد أي سوري شريف يقبل النقاش فيها، قد يتوقف بعضنا عند بعض التفاصيل التي تحرّك الحالة العاطفية فينا ومنها ما نسمعه على شكل سؤال: لماذا تتحدث حكومتنا عن حوار حتى مع الذين حملوا السلاح؟ وقبل أن يردّ علينا أحد نقول لأنفسنا: نحن على ثقة كبيرة بقيادتنا فقد تأكدنا مع مرور سنتين على الأزمة أنها وضعت على الدوام مصلحة الشعب وخير البلد في مقدمة اهتمامها، ونعترف لها بسعة الرؤية أكثر منّا، أما المسلّمات التي نشير لها فهي أننا لم ولن نقدّم أي شيء على بلدنا وخيرها وأمنها وأمانها، وأننا لن نتخلّى عن الحياة وسنتمسّك بكل ما من شأنه إذكاء الروح في هذه الحياة، وأننا ومهما دفعنا من ثمن باهظ لن نطلي مستقبل أيامنا بالسواد، ومنها أيضاً أننا نؤمن بأن من يزرع أرضه فهو يدافع عن بلده، ومن يواظب على دروسه فهو يدافع عن وطنه، ومن يلعب كرة القدم تحت راية الوطن فهو يساهم بتعزيز صمود بلده..
لا نستطيع جميعاً أن نحمل السلاح التقليدي بوجه المؤامرة ولكننا نستطيع وحسب مواقعنا أن نخلص العمل في هذه المواقع فتبقى بلدنا عصيّةً على الأخذ..