تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التفاوض في حياتنا.. فن لتجاوز كثير من المشكلات

مجتمع
الأحد 17-3-2013
نيفين عيسى

كل شخص في حياته وفي أي أمر يتصرفه أو يقوم به يستخدم أسلوباً معيناً وطريقة للوصول إلى الغرض المطلوب، والتفاوض من أجل الوصول إلى حل للمشكلات التي تعترضه إحدى الطرق التي يحتاجها المرء في كل وقت سواء في المنزل مع الأهل والأولاد والزوجة أم في أماكن العمل،

ويستخدم بالدرجة الأولى في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة ، وللحديث عن موضوع التفاوض التقينا الباحث في فن التفاوض عبد الرؤوف عدوان مدرس الاتيكيت عبر الانترنت والعلاقات الدبلوماسية إضافة إلى بعض معاهد القطر حيث كان لنا معه هذا اللقاء..‏‏

- ما التفاوض وكيف يمكن استثماره في حياتنا اليومية؟‏‏

التفاوض أصلاً هو حوار أخلاقيٌ مدنيٌ بنّاءُ للاتفاق على أمور فيها خلافات ومشكلات مستعصية صعبة الحل دون الجلوس وجهاً لوجهٍ مع الآخر أو (الخصم) وهو فن من الفنون التي نحتاجها في كل مناحي الحياة على المستوى الشخصي وعلى مستوى الأفراد والأسرة والمجتمع الواحد والحيِ والبلد والإقليم والعالم، وهو علمٌ مكتسب بالتعلم والتجربة والممارسة، وله نزعة هيمنة وسطوة، فوفقاً للنظريات الإمبريالية والرأسمالية هو حوار قهريٌ لتحقيق أغراض الطرف المفاوض الأول المتغطرس والمهيمن.‏‏

وتعريفه أيضاً بأنه مجموعة من جولات النقاش للوصول إلى اتفاق، وهو نشاط مستمر للحصول على ما تريد من الطرف الآخر ووسيلة لصنع القرار في الحياة العامة، وعلى الصعيد العسكري نعرف التفاوض بأنَه مجموعات من الجولات المرهقة المنهكة الشاقة من المباحثات التحاورية لتوقيف أو تجنب صراع مسلح أو حرب ضروس،أما على الصعيد الاقتصادي فالتفاوض علمٌ وفنٌ لا يختلف أبداً عن الفنون والعلوم الأخرى لتخفيف حدة التوترات الاقتصادية نتيجة للاحتكاك في الأسواق التنافسية لاحتكار سلعة أو فرض سعر أو إيجاد حلول للتضخم أو الإفلاس، وغياب التفاوض هنا ربما يؤدي إلى كوارث ومشاحنات ومواقف سلبية، وقطيعة تقود إلى أزمات أممية مزمنة قد يصعب حلها مستقبلاً. ولا يمكن بتاتاً إيجاد حلول للنزاعات السياسية والعرقية والدينية والمذهبية والطائفية المحلية والإقليمية والعالمية المستفحلة إلاَ بخلق ظروفٍ مواتية لتفاوض وحوارٍ أخلاقيٍ بناء.‏‏

والتفاوض هو فنٌ كسائر الفنون الإبداعية قبل أن يكون علماً مكتسباً نتيجة الدراسة والممارسة، إنه فنٌ غريزيٌ يمنحه الله للإنسان دون غيره، وإننا نعلم أنَ أشخاصاً تخصصوا في هذا العلم ودرسوه ونالوا به درجات علمية رفيعة، إلاَ أنَهم حين يدخلون معترك الحوار والتباحث نراهم يفشلون عملياً لعدم تمكن روح الفن التفاوضي من عقولهم وأنفسهم وأرواحهم. .‏‏

- ما الصفات التي يجب على الشخص الاتسام بها ليمتلك هذا الفن؟‏‏

‌-أجاب عدوان... أن يكون متسماً بالمعرفة والموهبة والإبداع التفاوضي، والثقافة والمعرفة والإحاطة بمادة التفاوض وموضوعها.‏‏

و الدراية التَامة بشخصية الطرف الآخر.. نقاط ضعفه و نقاط قوته، وضعه النفسي، وإمكانية استفزازه وإغضابه لصرفه عن التركيز بالمشكلة التي هي موضوع التفاوض (تفاوض غير نزيه).‏‏

والتسلح بالصبر التام والأناة أمام السلوك الصعب للطرف الآخر، وامتلاك مهارة الاستيعاب وعدم التسرع في إصدار قرارات فورية، ولا يركز على هفوات وأخطاء الطرف الثاني، وهو ثابت وجاهز للتحليق والمناورات دوماً وأضاف: إن من صفاته الوسامة والأناقة والإتقان التام للغة مع استخدام لغة الجسد وامتلاك مجموعة كبيرة من الخطط للتغلب على المصاعب، ويخلق أساليب تفاوضية لا يمتلكها الآخرون، ولا يستهين بقدرات الطرف الآخر ويضع الفوز في حسبانه دوماً ،متابعاً قوله بأن المفاوض الناجح هو الذي يضع في الحسبان أن للتفاوض جولة واحدة فقط، هو الذي لا يفكر بالحلول التكتيكية بل الإستراتيجية، بالإضافة إلى القدرة التامَة على بناء جسورٍ ذهبية ليعبر فوقها الطرف الآخر حتى يصل إلى ما يريده المفاوض، وعليه فإنَه يمتلك خطة ورؤية وأهدافاً خلاَقة لحل المشاكل والوصول إلى الهدف.‏‏

- هل التفاوض هجوم على الآخر أم على المشكلة؟‏‏

هنا نتسامح مع الآخر حتى ولو كان عدواً ونتوجه بكل قوانا وجهودنا إلى المشكلة، أي إننا نتوجه مباشرة نحو المصالح ونتجاهل المواقف تماماً‏‏

- ما المهارات الواجب تعلّمها لإتقانه وما الفائدة من إتقانه؟‏‏

لا يمكن نجاح المفاوض حتى لو حقق أعلى درجات التحصيل العلمي في التفاوض دون أن يكون ممتلكاً للإبداع والشفافية وعروض التفاوض في تجليها وخفائها وروحانيتها، متابعاً أنّ المتقن للتفاوض والتحاور وكنهه وحقيقته التأثيرية نراه ناجحاً دوماً في حياته العملية، وهو دوماً في موقع متمكن مسيطر على الآخرين من خلال مهاراته ومعرفته وثقافته وشفافيته وروحه الطليقة، نجد أنّ المسافة معدومة تماماً بين مركز التفكير في مخه وبين لسانه ومنطقه، وبين مركز العاطفة في قلبه وبين لسانه أيضاً، وبين مركز العاطفة في قلبه وبين مركز التفكير في مخه، والمفاوض الناجح سريع البديهة، لمّاح، يستخدم كامل حواسه، متوثباً، مشحوذ الذهن دوماً، لغته سليمة منطقية وباهرة سواء مفرداتٍ أم عبارات أم جملٍ وتراكيب.‏‏

و ما المشكلات التي يمكن أن يعالجها التفاوض؟‏‏

التفاوض يعالج المشكلات الشخصية الداخلية عندما يحاور الإنسان ذاته ويقيس أعماله الناجحة وأعماله الفاشلة وإحباطاته فينجح من لديه محاكمة عقلية راقية إلى التقدم والتصحيح المستمر. والتفاوض والحوار يزيل سوء التفاهم بين الأصدقاء، وأفراد الأسرة الواحدة والحارة الواحدة والحي الواحد. ويقرب وجهات النظر حيال المشاكل الإقليمية والدولية والعالمية ويحل المنازعات المزمنة. والتفاوض والحوار يقضي على الحروب والمشكلات العالقة.‏‏

وهكذا نجد أن التفاوض يؤدي إلى انتشار النزعات الخيّرة ويزيل النزعات الشريرة ويقود الإنسانية إلى المدنية والاستقرار، ناهيك عن الكثير من المشاكل والمعضلات التي يزيلها الحوار والتفاوض السليم دون هيمنة أو قهر أو تهديد أو غطرسة من الأقوياء...‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية