حيث دخل اليوم حدود أحلامهم ووصل سعره إلى أكثر من مئة ليرة، وقد سبق ونصحناهم يوماً بأن لا داعي للتفريط بالأكاذيب فما سيحصل سيظهر للملأ ولن نسعى إلى إخفائه، وها نحن لا نخفي ولا ننكر ولكنهم هم الذين يخفون وينكرون ويزورون الوقائع ويهوّلون الأحداث، ويختلقون الأخبار التي ما أنزل الله بها من سلطان ويفبركونها،
حيث قام هؤلاء الفجّار بالترويج لأحلامهم وأوهامهم فكنّسوا مصارفنا من السيولة بأكاذيبهم تارة، وأشاعوا بأن الليرة انهارت تارة أخرى، وسوف يتبعها الاقتصاد كله تارة ثالثة، وخذ ما تستحليه النفوس الأمّارة بالسوء من مثل هذا الكلام المخترع والذي لا يعرف الواقع أي مكان ولا مقام له .
على كل حال مهما فرحوا ورقصوا فإن الحقائق السورية قادمة، ولم ولن يستطيعوا إيقافها، ففي الوقت الذي تجتاح فيه المشهد – الحقائق – بقوة وتثبته على الأرض فإن ذلك الكلام لا يعني أكثر من هراء .. والأيام بيننا يا شباب .
أمام هذه الأكاذيب كلها لم يتوقف مصرف سورية المركزي عن إصدار تقاريره الاقتصادية الأسبوعية بهدوء وعلى مهل، دون أن يهتم لمواهب الدجل والتزوير، متابعاً عمله وإجراءاته الرامية إلى مصلحة الوطن.
ففي آخر تقاريره الممتدّة من ( 23 ) شباط وحتى ( 1 ) آذار الجاري، أوضح المركزي أن الدولار الأمريكي قد افتتح تداولاته تجاه الليرة السورية عند مستوى ( 81,25 ) ليرة سورية وأنهاها عند مستوى ( 82,20 ) ليرة ليسجل بذلك ارتفاعاً قدره 95 قرشاً، بمعدّل ( 1,15 % )
فيما افتتح اليورو تداولاته الأسبوعية تجاه الليرة السورية عند مستوى ( 109,12 ) ليرة، وأنهاها عند مستوى ( 108,12 ) ليرة مسجلاً بذلك انخفاضاً قدره ليرة واحدة، بمعدل ( 1,09 ).
وفي هذا التقرير نوّه المركزي كما التقارير الماضية إلى أنه يعمد منذ آذار عام 2012 إلى التدخل في سوق القطع الأجنبي بائعاً وشارياً للقطع بهدف ضبط سعر الصرف وتأمين استقرار مستويات الأسعار في السوق إلى جانب وضع الضوابط اللازمة لتأمين بيع القطع الأجنبي عن طريق المصارف ومؤسسات الصرافة المرخصة وفق سعر الصرف الوارد في نشرة أسعار الصرف الصادرة عن مصرف سورية المركزي، مشيراً إلى دوره في الحد من تلاعب السوق السوداء والمضاربة على الليرة السورية، دون أن يتطرق المركزي في تقريره الأخير إلى أية تفاصيل أخرى حول السوق السوداء للقطع .
وأشار هذا التقرير في حيثياته إلى قرار مصرف سورية المركزي الصادر في 2 / 12 / 2012 م الذي سمح للمصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي ببيع القطع الأجنبي للمستوردين وفق سعر الصرف المعلن من قبل المصرف وبما لا يتجاوز نشرة أسعار الصرف الصادرة عن المركزي لأغراض التدخل وذلك بهدف تمكينهم من الدفع المسبق لقيمة البضاعة التي سيقومون باستيرادها، ولتلبية الطلب على القطع الأجنبي لتمويل المستوردات عن طريق الأقنية المرخصة والحد من عمل السوق غير النظامية.
وماذا بعد ..؟
الارتفاع والانخفاض للسعر لم يتوقف وهذا أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، ومثلما أشار منذ أيام رئيس الحكومة الدكتور وائل الحلقي بأن الذي يجري في سورية لو كان يجري بأي بلد آخر لاختلفت الأمور كثيراً، ولانخفض سعر العملة المحلية أكثر من ذلك بآلاف المرات.
وفعلاً هذا كلام دقيق ليس فقط لأن الاقتصاد السوري متنوع، ولكن لدينا هنا في هذا البلد نفحات سورية من الصعب لأي بلد في العالم أن يدركها، نفحات متنوعة أيضاً، وكل شيء في هذا البلد متنوع ومتعايش ومتفاهم، وما يجري اليوم ما كان ليحصل لولا تلك الأيادي الخبيثة والغريبة التي استطاعت التسلل إلى بعض الزوايا الهشّة في هذه الربوع الجميلة، فالمسألة مسألة وقت .. ووقت يبدو أنه لن يكون طويلاً، تعود الربوع إلى جمالها الشامل بعيداً عن الهشاشة، ويعود معها سعر الصرف إلى مكانه الطبيعي الذي يختطفه الوهم في هذه الأيام .