تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءات في الصحافة الإسرائيلية... معاريف: حروبنـا في لبنان خــاســـرة!!

ترجمة
الأحد 17-6-2012
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

بالرغم من مرور ثلاثة عقود على الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان في عام 1982والتي أطلق عليها في حينه « حرب سلامة الجليل» فقد شكلت ذكرى هذه الحرب في هذه الأيام فرصة لنكىء الجراح والاعتراف بالفشل الذر يع في تحقيق الكثير من أهداف تلك الحرب

التي لاتزال نتائجها تقض مضاجع الزعماء الإسرائيليين بحسب يديعوت أحرونوت التي نشرت للمرة الأولى ملخصا لفيلم وثائقي خاص أعده قسم التأريخ العسكري في جيش الاحتلال يمتد على نحو 90 دقيقة احتوى على مقابلات اعتبرها الموقع نادرة تنشر وتذاع للمرة الأولى. وأبرز الموقع في حديثه عن المناسبة أن الفيلم يشكل عملياً خطوة أولى في الإفراج عن وثائق عسكرية تتعلق بتلك الحرب، وبخاصة كل ما يتعلق بقيام وزير الحرب آنذاك، شارون بإخفاء الحقائق عما كان يدور في لبنان، وعن رئيس حكومة الكيان بيغن الذي اضطر للتنحي.‏

ويذكر أن تلك الحرب قد شنتها إسرائيل ضمن ظروف أمنت لها تفوقاً عسكرياً وغطاء أميركياً مكشوفاً وخروج أكبر قوة عربية من ساحة الصراع العسكري بعد زيارة السادات للقدس وبالتالي الدخول باتفاقية كامب-ديفيد ، وبالرغم من ذلك كله ووصول قوات الاحتلال إلى عاصمة عربية واحتلالها لأول مرة في تاريخ الصراع ، إلا ان جيش الاحتلال جوبه بمقاومة عنيفة ووقو ع خسائر كبيرة بين صفوفه الأمر الذي ادى الى بروز حركات احتجاج شعبية تعارض الحرب وأهدافها والطريقة التي أديرت حلالها الحرب من قبل شارون وزير الحرب آنذاك الذي كان يضلل رئيس وزرائه ويخفي عنه المعلومات مما ادى الى إصابته بأزمة نفسية وانسحابه من العمل السياسي وموته بعد ذلك.‏

حرب سلامة الجليل‏

فقد وصفها غيورا ايلاند رئيس المجلس الامني السابق «بأنها الحرب التي غيرت كل الحروب» نتذكر هذا الأسبوع مرور ثلاثين سنة على حرب لبنان الأولى – وهي الحرب الأولى التي كانت محدودة وغير شاملة، والأولى التي كانت «حربا اختيارية» والأولى التي تمت في مواجهة منظمة وهي منظمة التحرير الفلسطينية لا في مواجهة دولة. وهذه الجوانب الثلاثة تميز تغير طبيعة الحرب – فقد صرنا نشهد أكثر فأكثر منذ انتهت الحرب العالمية الثانية حروبا محدودة ونشهد قدرا أقل من الحروب الشاملة، ونشهد الى ذلك عددا يزداد من الحروب بين دولة ومنظمة بدل الحروب التقليدية بين الدول.‏

فإحدى مفارقات تلك الحرب أنها شنت ضمن أهداف لم يستطع جيش الاحتلال تحقيقها بالرغم من القوة النارية الهائلة التي امتلكها جيش الاحتلال في حينه ، حيث استخدم هذه القوى في معظمها ضد المدنيين وضد القرى والمدن اللبنانية وخاصة مدينة بيروت ،في حين كانت المكنة الإعلامية الإسرائيلية تصور ان تلك الحرب لن تستمر أكثر من أسبوع او اثنين إلا أنها استمرت أكثر من عامين وحملت نتائج سيكون لها ما بعدها على صعيد الداخل اللبناني او الإقليمي والدولي ، إن على مستوى تشكل مقاومة من نمط جديد او إسقاط «اتفاق ايار»الذي فرضه الإسرائيليون على لبنان بقوة السلاح وبالتالي بدء تقهقر جيش الاحتلال باتجاه مدن الجنوب وانشاء منطقة الحزام الامني فيما بعد. وبحسب يديعوت أحرنوت:» بيد أن الجيش لا يستطيع في واقع الأمر ان يفي بهذه التوقعات ومن جملة أسباب ذلك طبيعة القتال، وحقيقة أنه يتم في مناطق مزدحمة بالسكان وبسبب قيود أخلاقية وقانونية. قيل حينما خرجنا بحرب لبنان الأولى أنها ستستمر يومين، وتغيرت الصيغة بعد ذلك لتصبح ثلاثة أيام ثم ستة أيام. وظننا ان العملية العسكرية انتهت ولم ندرك أنها لم تكد تبدأ وإنها ستستمر ثماني عشرة سنة أخرى. وهكذا حال التوقعات الأخرى أيضا».‏

أهداف بعيدة الأمد‏

الهدف الأول الذي لم تحققه تلك الحرب هو إنشاء نظام سياسي حليف لإسرائيل في لبنان بحيث يؤمن لها حضورا سياسيا وعسكريا في لبنان ويمكنها بالتالي من التصرف بحرية في المصادر المائية اللبنانية الكثيرة والغنية والاهم من ذلك كله ، هو تهديد سورية بشكل مباشر تحت غطاء قوات الأطلسي التي نزلت في بيروت وغادرتها بالسرعة القصوى بعد تكبدها خسائر كبيرة بعد نزولها على الشواطئ اللبنانية بفترة قصيرة جدا. وكما يرى الباحث غابي سيبوني في مركز الدراسات الأمنية في تحليل تلك الحرب ونتائجها :»بعد تخطيط واستعدادات أساسية خرج الجيش الإسرائيلي في عملية سلامة الجليل. وكان هدف العملية المعلن تخليص الجليل من نيران صواريخ الكاتيوشا مع إبعاد المقاتلين الفلسطينيين عن الحدود الشمالية. لكن كان للعملية هدف سياسي بعيد الأمد أيضا. وبرغم أن إسرائيل لم تعلن هذا الهدف، فإنها ارادت ان تغير النظام السياسي في لبنان وان تمكن من إنشاء دولة حليفة على حدودها الشمالية. ونحن جميعا نتذكر النتيجة. فقد أحدث اضطراب الأحلاف والعلاقات بين الطوائف والمجموعات المختلفة في لبنان واقعا معقدا غير ممكن بالنسبة لإسرائيل التي اضطرت الى أن تكتفي بـ «فقاعة حلفٍ» في الشريط الأمني واضطرت الى الانسحاب منه في سنة 2000 ايضا»‏

ذكرى حرب لبنان الأولى او» حرب سلامة الجليل» كما يحلو للإعلام الإسرائيلي تسميتها ،أخذت حيزا كبيرا من تحليلات الصحف الإسرائيلية لاسيما على ضوء الحديث هذه الأيام عن جهوزية جيش الاحتلال لخوض حرب جديدة وقيامة بإجراء المزيد من المناورات الكبيرة والصغيرة وخاصة على الحدود الشمالية ، وتهيئة الجبهة الداخلية لإمكانية سقوط سيل من الصواريخ عليها.فقد كتب اسحق ليئور في هارتس يقول :»إن الفشل العسكري في خريف 1982، أفضى بالنخب وبأساتذة الجامعات وموظفي الإدارة وضباط الخدمة الاحتياطية الى ان يصبحوا «موزعي الأهواء». فكان ثمّ من جهة الخوف من الفشل المتصل، ومن جهة أخرى عدم القدرة على قول ان حربا ما للجيش الإسرائيلي ليست مشروعة.‏

طلبت حركة «السلام الان» في مظاهرة 400 الالف في ايلول بإنشاء لجنة رسمية للتحقيق في مجزرة صبرا وشاتيلا، وإسقاط الحصار عن بيروت، و «تجريد المخربين من سلاحهم». وهذا الطلب الثالث منح الحرب على الفلسطينيين الشرعية. بنظر الإسرائيليين بل إن مطرقة «الأربعين كيلو مترا» لم يذكر أنها هدف للانسحاب. ولم تجرؤ هذه الحركة المهمة التي ما كنا لنتخيل معارضة الحرب لولا وجودها، لم تجرؤ حتى 1985 على تحدي شرعية الحرب وطلب «انسحاب الان»، فهو عنصر أخذ يتغلغل في الرأي العام.‏

أهم الدروس والعبر‏

أما دروس وعبر تلك الحرب فقد لخصها غيورا ايلاند في يديعوت احرنوت بقوله :»إن أهم درسٍ من دروس حرب لبنان الأولى هو الحاجة الى الاعتراف بوجود فرق كبير في نوع الحرب هذا بين قدرات الجيش والتوقعات منه من قبل الساسة ووسائل الإعلام والجمهور. وتوجد أربعة توقعات طبيعية وهي: توقع نصر مطلق، وتوقع نصر سريع، ونصر بلا ثمن كبير من المصابين والامتناع عن المس بالأبرياء. وتعتمد الثلاثة الأولى على التفوق العسكري الكلاسيكي، وينبع الرابع من فهم ان من المهم في الحرب الاختيارية إن نكون عادلين لا أقوياء فقط. بيد أن الجيش لا يستطيع في واقع الأمر ان يفي بهذه التوقعات ومن جملة أسباب ذلك طبيعة القتال، وحقيقة أنه يتم في مناطق مزدحمة بالسكان وبسبب قيود أخلاقية وقانونية. قيل حينما خرجنا بحرب لبنان الأولى إنها ستستمر يومين، وتغيرت الصيغة بعد ذلك لتصبح ثلاثة أيام ثم ستة أيام. وظننا ان العملية العسكرية انتهت ولم ندرك أنها لم تكد تبدأ وإنها ستستمر ثماني عشرة سنة أخرى. وهكذا حل بالتوقعات الأخرى ايضا».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية