تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تحرير خيارات الشعب الفلسطيني

شؤون سياسية
الأحد 17-6-2012
فؤاد الوادي

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي باراك اوباما التي اتهم فيها الجانب الفلسطيني بأنه يعرقل عملية السلام ولا يرغب بها .. أثارت سخط وغضب معظم الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية التي وصفت تلك التصريحات بـ (الغريبة جدا وغير المسبوقة )

هذه التصريحات وفي أبسط قراءاتها السياسية ودون الغوص كثيرا في بحر التحليلات والتفاصيل التي تبعدنا أحيانا عن الدلالات والأبعاد الحقيقية لتلك التصريحات، تقرأ على أنها مواصلة وتكريس للنهج الأميركي القائم على ازدواجية المعايير والنظر بعين واحدة حيال قضايا المنطقة عموما والقضية الفلسطينية خصوصا، وبالتالي ما يمكن اعتباره بأنه نسف لكل الوعود والعهود التي قطعها على نفسه الرئيس اوباما عند دخوله البيت الأبيض والتي أكد فيها مرارا وتكرارا حرصه على الدفع بعملية السلام وتذليل كل العقبات التي تضعها إسرائيل في طريقها .‏

كما يمكن وضع تلك التصريحات في جعبة العقوبات الأميركية التي سوف ترمى بها السلطة الفلسطينية عقابا لها على تحديها الولايات المتحدة وإسرائيل عندما اتجهت الى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية .‏

لكن رغم غرابة تلك التصريحات إلا أنها كانت متوقعة من الرئيس اوباما من حيث توقيتها بعد أن فقد الأخير الكثير من شعبيته الانتخابية وفقا لأحدث استطلاعات الرأي العام الأميركي التي أشارت الى تقدم المرشح ميت رومني الذي وعد بتوجيه ضربة لإيران في حال وصوله الى البيت الأبيض، غير أن الأغرب من تصريحات اوباما التي جعلت من الضحية قاتلا ومن القاتل ضحية، هي تلك التصريحات التي صدرت عن السلطة الفلسطينية كرد على الأولى والتي وصفت بالواهنة والضعيفة جدا والتي لا ترقى الى مستوى اتهامات اوباما التي تجانب الحقائق على الأرض الى درجة تجاهلها وقلبها بالمطلق ومن ثم تسويقها الى المجتمع الدولي على أنها الحقيقة التي يجب على العالم بناء مواقفه وقراراته السياسية بموجبها .‏

كما أن الجانب الفلسطيني وبذلك الرد الكلامي فإنه يصر على مواصلة احتكار آلية الصراع مع العدو الصهيوني والتحكم بمفردات المعركة والعبث بإرادة الشعب الفلسطيني الذي يملك وحده حق الرد وحرية اختيار خياراته المناسبة التي زج بها في زنزانة الحراك السياسي والعمل الدبلوماسي الذي اثبت فشله بمواجهة تعسف الاحتلال وإرهابه وإجرامه على مدار أكثر من عقدين من الزمن كانا متخمين بالمفاوضات التي أنهكت القضية الفلسطينية وأقعدتها الى حدود الشلل التام والتي لم تزدها إلا مزيدا من الجراح والآلام.‏

الرد الفلسطيني الذي اكتفى بالقول: ( إن من يعرقل عملية السلام هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواصل استيطانه على الأرض الفلسطينية المحتلة ) دون اتخاذ أية خطوات إجرائية على الأرض بالتنسيق مع باقي أطياف الشعب الفلسطيني، أثار استياء شديدا داخل الأوساط الشعبية والسياسية الفلسطينية ومطالبات للسلطة الفلسطينية بتحرير كافة الخيارات الفلسطينية من الزنزانة التي زجتها بها لسنوات طويلة، والعمل على توفير مرتكزات ومقومات تلك الخيارات التي تبدو الحاجة لاستعمالها في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي على أشدها، مع ضرورة الإسراع والتعجيل ببناء القاعدة الأساسية الحاملة لتلك الخيارات وهي توحيد الصف الفلسطيني واستكمال خطوات المصالحة التي لا تزال تراوح مكانها بعد أن أغرقتها التفاصيل والعناوين الصغيرة والثانوية في مستنقع الخلافات والحسابات والمكاسب السياسية الضيقة .‏

وحتى يتغير الواقع الفلسطيني القائم بمفرداته الرئيسة تبقى إسرائيل المستفيد الأكبر من كل ما يجري سواء على المستوى الداخلي الفلسطيني أم على المستوى الخارجي الدولي المرتبط تغيره وتبدله بالأول، حيث تظهر ارتدادات ذلك الواقع المنهك بشكل لحظي في الداخل الإسرائيلي الذي يستثمر تلك الارتدادات والتداعيات بمزيد من الممارسات الاحتلالية، حيث قامت قوات الاحتلال الأسبوع الماضي وعقب تصريحات اوباما ورد السلطة الفلسطينية مباشرة بهدم عشرات المنازل الفلسطينية بمنطقة (النقب) داخل فلسطين المحتلة عام 48 بحجة أنها غير مرخصة، وتشريد نحو 200 فلسطيني في منطقة (الأغوار) عن منازلهم وأجبرتهم على الجلوس في العراء بذريعة أن المنطقة فيها تدريبات عسكرية، بالتزامن مع شن الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات جوية على مواقع فلسطينية في قطاع غزة، أدت الى إصابة عشرات الفلسطينيين بجروح خطيرة، وفي وقت تستعد فيه الحكومة الإسرائيلية لتقديم مسودة قانون (برافار) الذي يقضي بمصادرة زهاء800 ألف دونم من أراضي النقب وتهجير نحو 30 ألف مواطن فلسطيني من قراهم في النقب وتجميعهم في القرى والبلدات القائمة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية