تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بلاك ووتر تتدرب في السعوديّة ... ماذا بعد ؟!

شؤون سياسية
الأحد 17-6-2012
د. عيسى الشمّاس

( بلاك ووتر) ، مصطلح انفضح أمره وكثر تداوله في السنوات العشر الأخيرة ، على صعيد الأوساط السياسيّة والإعلاميّة وأيضاً العسكرية ، ولا سيّما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، 2003 ،

بالنظر لارتباط هذا المصطلح المباشر بتجنيد المرتزقة من أجل حرب العصابات والإرهاب والتدمير في البلدان التي تشهد اضطرابات أو نزاعات من نوع معيّن لتحقيق مآرب خارجيّة.‏

فالكثيرون من المتابعين يعرفون أنّ / بلاك ووتر / صاحبة الصيت السيئ والسمعة المشينة ، هي شركة (صهيو-أمريكية ) تعمل على تجنيد المرتزقة من جنسيات مختلفة ، بإغراءات مالية كبيرة ، للقيام بأعمال إجرامية وتخريبيّة لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ، خدمة للأهداف الأمريكية والصهيونيّة العالميّة .كما حدث في البلقان وأفغانستان والعراق ..‏

ويبدو أنّ عدوى هذه الشركة المجرمة انتقلت إلى السعودية،حيث أعجبت أعمالها بعض تجار السياسة من المشايخ والأمراء ، فحصلوا على امتياز منها لافتتاح وكالة حصرية خاصة بالمملكة ليقيموا لها سوقاً للمزايدات العلنية من أجل تجنيد الإرهابيين المرتزقة ، وإرسالهم إلى سورية للتخريب وسفك الدم السوري ، لقاء مبالغ معينة يصل إليها ( بازار) المزايدات في سوق النخاسة .‏

قد يكون في الأمر غرابة للوهلة الأولى ، ولكن لا غرابة إذا ما علمنا أنّ سوق المزايدات على المرتزقة ، يفتتح بين الحين والآخر في مدينة ( الرياض ) عاصمة السعودية ، وآخر هذه المزايدات ما حصل في أوائل حزيران الحالي ، وعرض علانية على شاشات التلفزة ، حيث فتح باب المزايدة التي قادها المدعو ( أبو صلاح) وبدأها (بمئتي ألف ليرة سورية ) ، تصاعد المبلغ شيئاً فشيئاً من قبل أصحاب الحقد الكيدي على سورية ، حتى وصل إلى ( مليون ومئتي ألف ) ليرة سورية ، فهنأ ( أبو صلاح ) الفائز بهذه المزايدة وصافحه ، وتمنّى له التوفيق بانضمامه إلى صفوف العصابات الإرهابية المسلّحة في سورية .‏

وبالمقارنة ، فقد كانت شركة / بلاك ووتر / الصهيونية / الأمريكية، تدفع للمرتزِق الأمريكي والصهيوني ( ألف دولار ) أمريكي في اليوم ، وتدفع للمرتزق البريطاني ( خمسمئة دولار ) أمريكي في اليوم ، وأقل من هذا المبلغ للمرتزقة من الجنسيات الأخرى . أمّا / بلاك ووتر السعودية / فاعتمدت دفع المبلغ المقطوع ، مع جواز سفر إلى الجنّة .‏

ولكن المبلغ المقطوع ليس واحداً للجميع ، فقد يزيد أو ينقص، في أثناء المزايدة بحسب طبيعة الشخص المتطوّع للارتزاق وقيمته وجنسيته ، وإن كان هذا ما يحزن ويؤلم ، أنّ المرتزقين حتى الآن هم من جنسيات عربية ،كما أوضحت التحقيقات مع من ألقي القبض عليهم، وآخرها الاعترافات التي أدلى بها بعض المجرمين ( 10/6/2012 ) ممّن شاركوا في تفجيرات دمشق والمدن السورية الأخرى . وفي كلا الحالين تمييز في مكانة المتطوّع ومهمّته الإجراميّة. فسيّان بين من كان يدفع لسفك دماء المواطنين العراقيين، وبين من يدفع الآن لسفك دماء المواطنين السوريين ، فلا فرق بين أهداف (بلاك ووتر ) الصهيونية ، و أهداف ( بلاك ووتر) السعودية، وإن اختلفتا بطريقة تطويع المرتزقة وتحديد أسعارهم.‏

ألا يؤكّد ذلك حقيقة الموقف السعودي الذي أصبح مكشوفاً في التآمر على سورية ، من خلال استغلال الدين السياسي والوعود الجهادية المزعومة ، والإغراء بالمال في الدنيا مقابل الجنّة في الآخرة ، كلّما قتل الجهادي المرتزق ، وأجرم وصعّد من إرهابه ضد سورية وشعبها .‏

فماذا يقول ( مشايخ ) السعوديّة بعد تلك الفضائح عن تورّطهم في إرسال متطوّعين من المرتزقة إلى سورية بعدما أعلنوا صراحة ، مراراً وتكراراً ، عن دعمهم المطلق للمعارضة المسلّحة ، وللعمليات الإرهابية في سورية؟ وهل وصل بهم الحدّ إلى كشف أقنعتهم ( العربية ) المزيّفة عن وجوههم ، فلم يبق فيها أي حياء أو حسّ عربي / قوميّ ؟‏

ماذا يقول أي عربي شاهد على شاشات التلفزة ، وقائع ذلك المزاد العلني في سوق النخاسة والإرهاب ؟ وهل يبقى لديه أدنى شك في الدور التآمري الذي يقوم به أمراء ( آل سعود ) ،في سورية من خلال التحريض على القتل وافتعال الفتن الطائفيّة ، لتفكيك بنية المجتمع السوري وإضعاف وحدته الوطنية ؟‏

وماذا سيقول المواطنون السوريون الشرفاء ، وماذا سيكون موقف السوريين المخدوعين بالتضليل الإعلامي الخليجي ، من تلك المزايدة الرخيصة بقيادة شخص رخيص اسمه ( أبو صلاح ) يدّعي أنّه سوري، والشعب السوري الأصيل ينكره ويتبرأ منه ومن أمثاله ، لأنّه تجرّد من كلّ القيم الوطنيّة السورية ، وتخلّى عن انتمائه للوطن السوري ، وأجّر نفسه وضميره لمشايخ الفتنة وأمراء الإرهاب ؟.‏

ألم يقتنع أولئك الذين ما زالوا يشكّكون ، بأنّ ما وراء المؤامرة ما وراءها ؟ وأنّ ما وراء العصابات الإرهابية المسلّحة ، ما وراءها ؟ وأنّ ما وراء الترويج للفتنة والحرب الأهلية في سورية ، ما وراءها ؟ وأنّ التستّر وراء تغيير النظام ، بل إسقاط النظام ، في سورية طلباً للحرية والديمقراطية ، ليس سوى قناع مزيّف سقط وكشف لونه ، وبانت الوجوه المتستّرة على حقيقتها ، في داخل سورية وخارجها ؛ وليست التفجيرات الإرهابية والمذابح الجماعيّة التي ترتكب يوميّاً بحق المواطنين الأبرياء ، إلاّ نتيجة لتلك المزايدات التي تهدف إلى تطويع المرتزقة ، وترجمة لتنفيذ خطّة التحريض الطائفي ، والتجييش السياسي / المذهبي ، للضغط على سورية والنيل من سيادتها وصمود شعبها الباسل .‏

لقد أصبح كلّ شيء واضحاً وضوح الشمس في أصيل النهار ، والشمس لا يمكن أن تحجب (بغربال) . وليعلم مشايخ (آل سعود) ومن لفّ لفيفهم من ( آل ثاني) وغيرهم ، مهما تمادوا في غيّهم وحقدهم وتحريضهم ، فإنّ السحر سينقلب على الساحر ، وعندها لا يعرفون أي مُنقلَب ينقلبون .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية